سلطان الخلف

الفشل حليف البعثة، هذا ما كنا نتوقعه ويتوقعه الكثيرون، فبعد شهر من عمل البعثة في سورية لم يتوقف عنف النظام السوري ضد شعبه بل زاد عدد القتلى وناهز الألف من المتظاهرين ومن عناصر الجيش الذين وقفوا إلى جانب الشعب السوري ورفضوا الانصياع لأوامر النظام في قتل أبناء شعبهم دون أي مبرر إلا القتل من أجل بقاء نظام لا يسمح لشعبه بالتعبير السلمي عن حقوقه السياسية.
حال أفراد البعثة كما كنا نتابعهم كان يدعو إلى الشفقة وهم يهيمون على وجوههم في الطرقات في لباسهم المدني ذي السترة الحمراء التي تذكرني بعمال الطرق فبعثة بهذا المستوى يفترض أن يكون لأفرادها زي خاص وتسير في موكب من العربات المصفحة والمميزة حتى تستطيع الذهاب إلى أي وجهة تشاء وتحت أي ظرف، وشد انتباهي مشهد بعض أفراد البعثة وهم يفرون مرعوبين للاحتماء في أحد المباني بعد أن سمعوا إطلاق رصاص القناصة التابعين للنظام.

ولا يخفى على أحد دهاء النظام في توجيه أفراد البعثة إلى أماكن قام بتغيير مسمياتها وهي غير الأماكن المراد التوجه إليها والتي يعاني أهلها من حصار عسكري كحصار إسرائيل لغزة وربما أشد منه ومن انتهاك سافر لحرماتهم واعتداء على أرواحهم من أجل دفعهم إلى التخلي عن مطالبهم ورغم ذلك فقد انكشف المستور عندما صرح أنور مالك أحد أفراد البعثة بأنه شاهد بأم عينيه انتهاكات خطيرة يرتكبها عناصر الأمن السوري ضد المتظاهرين وغادر البعثة احتجاجا على عدم تقيد النظام السوري بوقف العنف ضد شعبه وهي شهادة تخالف تقرير رئيس البعثة محمد الدابي من أن العنف قد خف منذ مزاولة البعثة مهمتها في سورية ولا أدري كيف أعد رئيس البعثة محمد الدابي الذي تحوم حوله شبهة ارتكاب جرائم حرب في دارفور تقريره بهذا التفاؤل العجيب وبعثته تعاني من إمكانيات متواضعة ودون المستوى المطلوب في تغطية الأحداث حتى ان الأمم المتحدة أعربت عن استعدادها من أجل تدريب أفراد البعثة في مثل هذه المهمة الصعبة.

الحمد لله أن المملكة العربية السعودية وباقي دولنا الخليجية قررت سحب ممثليهم من البعثة بعد أن تأكد لديهم بما لا يدع مجالا للشك فشل مهمة البعثة لكن لا أفهم مغزى قرار الجامعة العربية تمديد عمل البعثة شهرا آخرا ومن الطبيعي أن يوافق عليه بل ويفرح به النظام السوري لأنه يرى فيه غطاء لمواصلة سياسته القمعية وكسبا للوقت، وأجزم بأن فرحته تلاشت وآماله خابت فور طرح الجامعة العربية مبادرتها الثانية التي تطالب في أحد بنودها رئيس النظام السوري بتسليم السلطة لنائبه وكان لها وقع الصاعقة عليه لأنها لا تختلف عن مبادرة الجامعة التي أيدها المجتمع الدولي بما فيه حليف النظام روسيا وكانت سببا في تنحي الرئيس علي عبدالله صالح وتسليم السلطة لنائبه وتحقيق مطالب الشعب اليمني. وهذه المبادرة ستمهد الطريق أمام تدويل الملف السوري وحينها لن ينفع النظام السوري التقرير الثاني الذي سيعده السيد محمد الدابي.