راجح الخوري

المحطة الثانية بعد الامم المتحدة التي يفترض ان يتوجه اليها الشيخ حمد بن جاسم والدكتور نبيل العربي هي موسكو التي تتخذ موقفاً قوياً يعارض كل مشاريع القرارات في مجلس الامن ضد النظام السوري.
كان واضحاً منذ البداية ان موسكو لن تتصرف في سوريا كما تصرفت في ليبيا حيث خسرت عقود تسليح قيمتها اربعة مليارات دولار وورثت علاقة سيئة مع النظام الجديد بعد سقوط القذافي. وعلى امتداد عشرة اشهرعرقلت موسكو الحلول بعناد صلب، سياسياً عبر التلويح بالفيتو في مجلس الامن ومنع صدور اي قرار ضد نظام الاسد، وعسكرياً بارسال حاملة الطائرات quot;كوزنتسوفquot; الى طرطوس وابرام عقد قبل ايام لتزويد دمشق عدداً من المقاتلات.
تنتاب روسيا مخاوف سياسية واقتصادية وجيواستراتيجية من اي تغيير دراماتيكي يسقط نظام الاسد، ولكن عندما تخلى سيرغي لافروف عن لغته الخشبية بعد محادثاته مع احمد داود اوغلو قبل يومين وقال: quot;نحن منفتحون على اي اقتراحات بناءة تنسجم مع المهمة المحددة بانهاء العنفquot;، إستنتج البعض ان موسكو تستدرج العروض المطمئنة والبديلة من نظام الاسد، والتي تأمل بالحصول عليها لتزيل عوائقها من امام الضغوط لتغيير كامل في سوريا.
سياسياً: يستطيع وفد الجامعة العربية الى الامم المتحدة بالتنسيق مع المجلس الوطني السوري تقديم ضمانات جدية وملزمة بأن العلاقة بين اي نظام جديد في دمشق وموسكو ستبقى حارة وودية وانه لن يتم انهاء النفوذ الروسي وإهمال المصالح الروسية هناك.
اقتصادياً: تحتاج روسيا الى وعود ملزمة وقاطعة بأنها لن تخسر عقود التسلح المبرمة مع الاسد وقيمتها اربعة مليارات دولار، اضافة الى تطمينات تتعلق بالاستثمارات الروسية في البنى التحتية والطاقة والسياحة والتي بلغت 19,4 مليار دولار قبل عامين. هذه التطمينات يمكن ان تحصل عليها موسكو في سياق اي حل يعطيها ايضاً دوراً في الواجهة الاعلامية على الاقل، لأن فلاديمير بوتين الذي يسعى الى ولاية رئاسية ثانية في حاجة الى ان يظهر للرأي العام انه يعمل لابقاء روسيا لاعباً اساسياً على المسرح الدولي وان لاحلول يمكن ان تمر من دون ان يكون لها دور فيها.
جيوسياسياً: تحتاج روسيا الى عناصر ملموسة تتصل بمستقبل الوضع في سوريا وبلون النظام الجديد. فليس سراً انها تخشى انتقال عدوى الحرب الاهلية إن وقعت في سوريا، الى مقاطعات روسيا عينها في داغستان ومناطق القوقاز الشمالية وهو ما قد يطلق صاعقة داخل مناطق روسية كثيرة.
والسؤال: هل تستطيع الجامعة العربية ومجلس الامن طمأنة موسكو وإزاحة الفيتو الروسي تمهيداً لتزخيم الحلول في سوريا ؟