سمير عطا الله

كان ريمون إده في حربه على العسكر والمخابرات، يعترض على الأوسمة التي يعلقها الضباط على صدورهم بكثافة، أو بكثاثة. وكان يقول: في أي معركة قاتلوا؟ هل حاربوا في القدس؟ كل وسام له براءة، وأنا أطالب بإبراز براءات هذه الأوسمة.

آسفون، أوسمة نعم، براءات لا. الآن، تطرح أميركا المسألة الأخلاقية الأخرى في قضية الجنرال ديفيد بترايوس: الأوسمة الملونة التي تملأ النصف الأعلى منه، يمنة ويسرة، بحيث يبدو بهلوانا أكثر منه عسكريا: أي حرب ربح الجنرال وفي أي معركة انتصر؟

نشرت الـlaquo;وول ستريت جورنالraquo; صورتين: الأولى للجنرال دوايت أيزنهاور، قائد قوات الحلفاء في الحرب العالمية الثانية، والأخرى للجنرال العاشق. الأول، في بذلة عسكرية خالية من أي وسام على الإطلاق، الثاني مغمورا بالنياشين، مع أنها لا تصل إلى وسطه، كما هو حال المستوسمين العرب.

إياك أن تسقط، لأن الإعلام الأميركي في الانتظار. منه ما هو حقيقي، ومنه ما هو laquo;فارغraquo; أو laquo;مزيفraquo; كما وصف الجنرال بترايوس في العدد الأسبوعي من الـlaquo;نيويورك تايمزraquo;. إنه جنرال علاقات عامة وصور ملونة، لا أكثر من ذلك. لم يحقق شيئا في العراق، سوى عقد الاتفاقات مع أفرقاء لا قيمة لهم، ولا حقق شيئا في أفغانستان. علامَ الأوسمة؟ ولماذا خطر له أنه يمهد الطريق لمنصب سياسي ذات يوم؟

يغرق المغرور في laquo;كشتبانraquo; من المياه. ويسقط في غير معركته. وإذا كان بترايوس يملأ صدره بالأوسمة، فإن عشيقته وكاتبة سيرته، بولا برودويل، ترفق اسمها بالألقاب: باحثة، مؤلفة، كاتبة سير، خريجة كلية وست بوينت العسكرية، وطالبة دكتوراه في هارفارد، وأشياء أخرى: ماذا حدث لقيمة الإنسان نفسه، تتساءل: الـlaquo;وول ستريت جورنالraquo;؟ هل كل هذه الألقاب، ومعها أوسمة الجنرال على اليمين واليسار، فوق وأسفل قليلا، تلغي جوهر المسألة، وهي أن مدير الــlaquo;سي آي إيهraquo; صار ملفا تحت معطف امرأة؟

تمتعض أميركا من صور الجنرالات المزخرفين والمتغطرسين، كما تقول الـlaquo;نيويورك تايمزraquo;: الجنرال وستمورلاند في الفيتنام بلباس الميدان المتعجرف، والجنرال ألكسندر هيغ (عهد ريغان) الذي خاض الحروب خلف مكتبه، والآن الجانب الأيمن والجانب الأيسر، من صدر بترايوس. عبثا بحث ريمون إده عن ضابط قاتل في القدس، مع أن الأوسمة المعلقة كانت تحمل اسمها. وأوسمة أخرى كانت تحمل أسماء أخرى. وأخيرا صورة الجنرال بترايوس.