فاروق جويدة

أخاف علي أعضاء مجلس الشعب من كاميرات التليفزيونrlm;..rlm; لأنها تضيء وقد تحرقrlm;..rlm; منذ قيام ثورة يناير ولعنة الظهور تحيط بالمصريين في كل مكانrlm;..rlm; لقد خرج الملايين إلي الشوارعrlm;..rlm; تظاهروا فيهاrlm;..rlm; وناموا علي أرصفتها وأكلوا وأحبوا وماتواrlm;..rlm;

كل شيء في مصر انتقل من بيوت صامتة خائفة حزينة إلي فوران تدفق كالبركان في كل مكان, نهر من البشر كسر القيود وحطم وتدفق سيلا عارما في كل مكان.. ومع هذا الخروج الرهيب اندفعت كاميرات التليفزيون ترصد كل شيء.. ولم يكن ذلك مقصورا علي كاميرات التليفزيون المصري الخاص والعام ولكن الصورة انتقلت إلي أرجاء العالم كله.... بقيت كاميرات القنوات العالمية أسابيع طويلة في ميدان التحرير ترصد كل شيء.. وأمام هذا الإلحاح الإعلامي تعلقت جموع الناس بالأضواء.. وعاد الجميع إلي بيوتهم وبقي الكثيرون يطاردون الكاميرات حتي تحولت إلي أزمة للباحثين عن الأضواء..
في العهد البائد كانت كاميرات التليفزيون تكتفي ببضع دقائق في نشرة الساعة السادسة في تغطية جلسات مجلس الشعب, وكان المتحدثون عادة هم كبار الأعضاء في الحزب الوطني أو الوزراء أو رئيس المجلس وهو يفتتح الجلسة أو ينهيها.. وهناك أعضاء في مجلس الشعب احتفظوا بعضويتهم ثلاثين عاما ولم يشاهدهم أحد علي شاشات التليفزيون لأنهم لم يتحدثوا أو لأن التليفزيون لم يعرض ما قالوا.. والأزمة الحقيقية أمام مجلس الشعب الآن أن هناك أكثر من قناة تنقل الجلسات كاملة علي الهواء مباشرة, ولهذا تحولت الجلسات إلي سباق بين الأعضاء من يستطيع أن يشد الانتباه أكثر, وهنا كان الحماس والاندفاع, ثم كانت أخطاء لغة الحوار.. وخلف الأعضاء ذهبت الكاميرات تسجل هنا وهناك ولم يبق غير أن تلاحق الأعضاء في بيوتهم, هل هي محنة الديمقراطية حين نخطيء الفهم؟ أم محنة الإعلام حين تسود الفوضي أم أنها مأساة الأضواء حين تحرق الوجوه بلا رحمة؟.. بعض الكلمات لا تحرق فقط أصحابها ولكنها كثيرا ما تحرق كل شيء..