Malou Innocent amp; Ehud Eilam

مع تواصل التهديدات الأميركية والإسرائيلية بتوجيه ضربة إلى المنشآت النووية الإيرانية، تثير عملية التفجير هذه مخاوف بالغة الأهمية من أي صراع محتمل، فيمكن لإيران وحزب الله، الذي يتمتع بقدرات كبيرة، أن يردا بقوة، وقد لا يقتصر ردهما هذا على الشرق الأوسط، ما يرغم الولايات المتحدة على خوض صراع طويل ودموي جديد في العالم الإسلامي.

ادّعى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن حزب الله تنظيم عسكري سياسي تدعمه إيران ومقره في لبنان، كان وراء العملية الانتحارية في بلغاريا، التي أودت بحياة خمسة سياح إسرائيليين، ومع تواصل التهديدات الأميركية والإسرائيلية بتوجيه ضربة إلى المنشآت النووية الإيرانية، تثير عملية التفجير هذه مخاوف بالغة الأهمية من أي صراع محتمل، فيمكن لإيران وحزب الله، الذي يتمتع بقدرات كبيرة، أن يردا بقوة، وقد لا يقتصر ردهما هذا على الشرق الأوسط، ما يرغم الولايات المتحدة على خوض صراع طويل ودموي جديد في العالم الإسلامي، صراع لا تريده. لذلك يجب أن يحض هذا السيناريو مَن ينادون بالحرب ضد إيران على التروي.
لا يرغب اللبنانيون، الذين أنهكتهم الحرب، في أن يتحول بلدهم مرة أخرى إلى ساحة قتال ضد إسرائيل، كذلك قد يواجه حزب الله خطر تنفير قاعدته الشعبية ذات الأغلبية الشيعية، لكن الروابط العقائدية والمالية بين كبار قادة طهران وحزب الله قد تطغى على هذه الاعتبارات، خصوصاً إن نفذت إسرائيل وحدها أو بالتعاون مع الولايات المتحدة هجوماً ضد إخوانهم المسلمين في إيران.
بما أن القادة الإيرانيين يواجهون خطر خسارة حليف بالغ الأهمية في سورية، فلن يخاطروا على الأرجح بسقوط حليف آخر في مواجهة ضد إسرائيل، لكن هذا ليس مؤكداً، إذ أخبر مسؤولون أميركيون حاليون وسابقون صحيفة ldquo;واشنطن بوستrdquo; أن شبكة حزب الله العالمية ستشن المزيد من الهجمات الإرهابية، في حال سددت إسرائيل ضربة إلى إيران، ونتيجة لذلك، قد ينشأ صراع متعدد الجبهات تنجر إليه الولايات المتحدة، فإن بدأت إسرائيل حرباً مع إيران لا تستطيع إنهاءها، فستلقي تل أبيب بالحمل الأكبر على كتفَي الولايات المتحدة، بينما تنهمك هي في الدفاع عن حدودها ضد حزب الله.
أعلن الرئيس الأميركي باراك أوباما في وقت سابق من هذه السنة: ldquo;نحن ندعم إسرائيلrdquo;، وهذا يعني، من ناحية، التعاون الأميركي التاريخي المتزايد مع هذه الدولة اليهودية التزاماً مستمراً بضمان أمن إسرائيل، ولكن تُظهر، من ناحية أخرى، الطبيعة غير الواضحة، التي سيتخذها أي صراع محتمل، أهمية الدبلوماسية الأميركية في التعاطي مع راعي حزب الله، إيران.
يدرّب الحرس الثوري الإيراني حزب الله منذ تأسيسه في مطلع ثمانينيات القرن الماضي، وتمكن هذا الحزب في النهاية من الاعتماد على ذاته، شاناً هجمات ميليشياوية معقدة ضد الوحدات العسكرية الإسرائيلية، وتقدّر وزارة الدفاع الأميركية اليوم أن حزب الله يتلقى 100 مليون دولار إلى 200 مليون سنوياً من طهران، فضلاً عن التدريب والأسلحة والمساعدات الأخرى.
بالنظر إلى السجلات التاريخية، نرى أنه من المستبعد أن يقف حزب الله على الحياد، ففي عملية عناقيد الغضب عام 1996، تحدت هذه المجموعة قوة إسرائيل الجوية والبرية المهولة، مطلقةً مئات الهجمات الصاروخية على الأراضي الإسرائيلية بحد ذاتها. في صيف عام 2006، خطف حزب الله جنديَين إسرائيليَين، فشنت قوات الدفاع الإسرائيلية هجمات جوية وبرية على لبنان، واستخدم حزب الله إشارات استخباراتية تعتمد تقنية الزمن الحقيقي ليعد الكمائن للجنود الإسرائيليين، وأطلق أكثر من 4 آلاف صاروخ على شمال إسرائيل، الذي واجه أحد أخطر الاعتداءات على الدولة اليهودية، لم يحقق أي من حزب الله أو إسرائيل انتصاراً حاسماً، ويمكن لمواجهة بين أنصار الولايات المتحدة وإيران في الهلال الخصيب أن تجدد هذا الصراع.
بينما انتقل حزب الله من الاعتداءات الميليشياوية المتفرقة إلى الحملات التقليدية المنظمة، فضح نقاط ضعف إسرائيل التقليدية وأتاح لها الفرصة لتصحح هذه الأخطاء، وقد يواجه حزب الله هجمات إسرائيلية جوية وبرية ضخمة، لكن القادة الأميركيين والإسرائيليين اعتادوا الاستخفاف بخصومهم، حسبما يُظهر تاريخهم المقلق، فيصف نيكولاس نوي، خبير في شؤون المنطقة، حزب الله، قائلاً إنه ldquo;أحد أنجح المجموعات التي اضطرت الولايات المتحدة إلى التعامل معها والتي تبرع في إخفاء قدراتهاrdquo;.
لا شك أننا لا نملك اليوم معلومات دقيقة عن استراتيجيات حزب الله العسكرية وقدراته الراهنة، فقد نجحت هذه المجموعة السنة الماضية في كشف شبكة استخباراتية تابعة لوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية في لبنان، ففضحت أمر جواسيس أميركيين تمكنوا من اختراق صفوف حزب الله وألقت القبض عليهم، نتيجة لذلك، ما عدنا نعرف الكثير عن هذا الحزب منذ حرب عام 2006.
اتهمت السفيرة الأميركية إلى الأمم المتحدة، سوزان رايس، سورية بالتآمر مع إيران لتسليح حزب الله بالمزيد من الأسلحة الفتاكة، وتعتبر قوات الدفاع الإسرائيلية أن حزب الله يملك صواريخ أرض جو طويلة الأمد وأنظمة دفاع جوية روسية الصنع، فضلاً عن ذلك، يُعتقد أن هذه المجموعة تتمتع بقاعدة قتالية تفوق العشرة آلاف محارب ونحو 60 إلى 80 ألف صاروخ.
من المؤكد أن حزب الله سيواجه فيضاً من الهجمات البرية والجوية الإسرائيلية، لكن المقلق احتمال أن يؤدي أي صراع إلى حائط مسدود تكون كلفته باهظة بالنسبة إلى الإسرائيليين والأميركيين على حد سواء.
خلال السنة الماضية، ضاعف القادة الأميركيون التوتر في تعاملهم مع طهران، في حين أنهم لم يقدّموا التطمينات للإسرائيليين المترددين في الاعتماد على الولايات المتحدة. باتت أصوات طبول الحرب التي تُقرع كارثة بعدما تحولت إلى شكل من أشكال الضغط النفسي، وإن هاجمت إسرائيل إيران وانهمرت صواريخ حزب الله على الشوارع الإسرائيلية، فقد تنجر الولايات المتحدة إلى صراع مع ميليشيا قوية وقادرة لا نعرف الكثير عنها.