عصام عبداللطيف الفليج

تحويل انتباه الرأي العام عن المشاكل الهامة وإلهاء الناس بالمعلومات التافهة

من يطلع على أوضاع العالم، يستغرب كيف تستسلم تلك الشعوب للأوضاع التي يعيشونها، من تفرد بالسلطة بشكل دكتاتوري مباشر أو غير مباشر، أو اختزالها بالحزب الحاكم بتزوير الانتخابات، وقمع للحريات، وفقر مدقع في بلاد غنية، والالتهاء بالمخدرات والمسكرات على الرغم من الفقر، وتراجع الخدمات التعليمية والصحية، وانتشار الرشوة، والاعتقالات بلا حدود، واشغال الشعوب بالملهيات من الفساد الأخلاقي والقيمي، والقنوات الفضائية المنوعة، والألعاب الالكترونية، واشعال حرب المباريات.
وبالمقابل من يطلع على ما نحن فيه من خير وبحبوحة وكرامة وحرية، لنحمد الله على ما نحن عليه، ونسأل الله البركة واستمرار الخير وزيادته.
وقد اطلعت على موضوع منشور للمفكر الأمريكي نعوم تشومسكي شرح فيه الطّرق التي تستعملها وسائل الاعلام العالمية للسيطرة على الشعوب عبر وسائل الاعلام في 10 استراتيجيات أساسية، وهذه الاستراتيجيات - مختصرة - هي:
(1) استراتيجية الالهاء: وهي تتمثل في تحويل انتباه الرأي العام عن المشاكل الهامة والتغييرات التي تقررها النخب السياسية والاقتصادية، والهاء الناس بالمعلومات التافهة (والرياضة والتمثيليات)، واشغالهم عن الاهتمام بالمعارف الضرورية مثل العلوم والاقتصاد وعلم النفس.. وغير ذلك.
(2) ابتكر المشاكل.. ثم قدم الحلول: ففي البداية يتم ابتكار مشكلة ما، لاثارة ردة فعل معينة من قبل الشعب، وحتى يطالب بالاجراءات التي يريدها النظام ويقبل بها. مثل جعل العنف يتنامى أو التفجيرات تنتشر، حتى يطالب الشعب بقوانين أمنية على حساب حريته.
(3) استراتيجية التدرج: ولكي يتم تقبل اجراء غير مقبول، يتم تطبيقه بصفة تدريجية على فترات متباعدة.
(4) استراتيجية المؤجل: من أجل اكساب القرارات المرفوضة فترة من الزمن لتقبلها، وحتى يتعود الشعب على فكرة التغيير ويقبلها باستسلام عندما يحين أوانها.
(5) مخاطبة الشعب كأطفال صغار: تستعمل غالبية الاعلانات الموجهة لعامة الشعب خطابا وحججا وشخصيات ونبرة ذات طابع طفولي، لتسطيح مستوى الفهم والحوار.
(6) استثارة العاطفة بدل الفكر: وهي تُستعمل لتعطيل التحليل المنطقي، وبالتالي الحس النقدي. كما ان استعمال المفردات العاطفية يسمح بالمرور للاّوعي حتى يتم زرعه بأفكار أو رغبات أو مخاوف أو نزعات أو سلوكيّات.
(7) ابقاء الشعب في حالة جهل: والعمل بطريقة يكون خلالها الشعب غير قادر على استيعاب التكنولوجيات.
(8) تشجيع الشعب على استحسان الرداءة: أي يستحسن ان يكون غبيا أو همجيا وجاهلا.
(9) الاحساس بالذنب: بأن يظن الفرد أنه المسؤول عن تعاسته بسبب نقص في ذكائه وقدراته أو مجهوداته، فيمتهن نفسه ويحس بالذنب، وهو ما يولد دولة اكتئابية يكون أحد آثارها الانغلاق وتعطيل التحرك.
(10) معرفة الأفراد أكثر مما يعرفون أنفسهم: فبفضل علم النفس وأنماط الشخصية، استطاعت الأنظمة معرفة طبيعة الأفراد وسبل التعامل معهم.
هذا الاستعراض السريع يشرح كيف استطاعت بعض الأنظمة السيطرة على الشعوب، ونحن بحمدالله بعيدين عن ذلك، وأذكرها لنستشعر نعمة الله علينا، ومعاناة الشعوب الأخرى.
قال ابن القيم رحمه الله: laquo;الذكر سبب ابتعاد اللسان عن الغيبة والنميمة والكذب، فاللسان لابد له ان يتكلم، فأشغله بالطاعة كي لا يقتلك بالمعصيةraquo;.