إدوارد لوس وشاهين ناصريبور من واشنطن وتوم بورجي من لندن
تم تفادي الهاوية منذ بضعة ساعات، فمرحى بالتعاون بين الحزبين. لكن مع الأسف استبدلت الولايات المتحدة بالهاوية هاوية أخرى. وكان هذا متوقعا، فالاتفاق الذي توسط فيه على عجل كل من جو بايدن وميتش ماكونيل يوم الإثنين تم تمريره عبر الكونجرس، ليتم إعداد المشهد لجدل أكبر مما سبق بعد مرور شهرين من الآن. ويستطيع الديمقراطيون الآن ادعاء انتصارهم سياسيا لضمانهم أول زيادات ضريبية على الأغنياء منذ أكثر من عقدين، وإن كانت أعلى من عتبة 400 ألف دولار. والجمهوريون يمكنهم أن يتطلعوا إلى أن يكون لهم نفوذ أكبر في النزاع المقبل حول الحد الأقصى للديون السيادية، الذي يتزامن تقريبا مع الهاوية المقبلة. وعلى الجانب الإيجابي، نحن بالتأكيد على أعتاب فترة ماتعة من الاستعارات المتصادمة، بينما تفسح الهاوية الطريق للحد الأقصى للديون.
وإليك ثلاث نقاط كبيرة لوضعها في الحسبان وسط تفاصيل يصعب فهمها لمناورات واشنطن المقبلة. أولا، الاتفاق الضئيل الذي تم إبرامه مساء الإثنين من المرجح ألا يساعد النمو في الولايات المتحدة. ولا يوجد شيء فيما يخص حالة الاقتصاد الأمريكي الحقيقي التي تنطوي على أزمة مالية متحركة. ومع الأسف، الحالة الضبابية المستمرة التي تتسبب في عدم اليقين ـ سمها quot;علاوة مخاطر واشنطن دي سيquot; ـ لن تنقشع. فمع ترقب مواجهة أخرى حول سقف الديون في غضون أسابيع قليلة، فمن المرجح أن تزداد الضبابية قتامة. كذلك يضع هذا الاتفاق الصغير حدا لإعفاء نسبته 2 في المائة على ضريبة الأجور، التي ساعدت الاقتصاد الأمريكي على الاستمرار في النمو خلا العامين السابقين. ومن المحتمل ـ وحتى الأرجح ـ أن تعزز صفقة ليل الإثنين الماضي ثقة المستهلكين، وتبعث حالة من الارتياح تؤدي إلى ارتفاع وول ستريت عندما تعاود العمل اليوم. لكن إدراك أن هناك مواجهة حول الديون تلوح في الأفق يتأكد أن كلا الأمرين مؤقت.
ثانيا، يبقى أوباما ذا أسلوب تفاوضي مستقل، مثلما تبين بوضوح في أزمة سقف الديون عام 2011. ولم ينته ذلك إلى نتيجة جيدة (أفضى إلى الهاوية المالية). ومن وجهة نظر سياسية، يبقى أوباما آثما أكثر منه شريرا ـ كان من المحتمل أن يكون عرضه المبكر لتفادي الهاوية المالية في أوائل الشهر الماضي سببا في تعافي الولايات المتحدة. كما أظهر في المحادثات مرونة أكبر من محاوره جون بونر. لكن فيما يتعلق بأسلوب الإدارة، فإن أوباما ليس على وشك أن يجد ليندون جونسون بداخله. وقد وصف ديفيد بروكس الرئيس أوباما يوم الأحد الماضي بأنه quot;زائر من حضارة متقدمة أخلاقياquot;. فبدلا من الإتيان بقادة الكونجرس يوما بعد يوم إلى المكتب البيضاوي في البيت الأبيض حتى يتم عقد اتفاق ـ مثلما فعل كلينتون أثناء أزمة إغلاق الحكومة عام 1995 ـ أوكل أوباما المهمة إلى مجلس الشيوخ، وأخيرا إلى جو بايدن. وهذه أخبار سيئة لعام 2013، إذ يحتاج أوباما إلى التأكد من عدم استهلاك عام آخر في الهاويات المالية أو أي شيء آخر، وإلا لن يكون هناك مجالا لأن لديه مجالا ضيقا لإعداد جدول أعمال ولايته الثانية.
ثالثا، نحن لسنا على وشك أن نشهد تحولا لدى الجمهوريين ليعملوا دوما في إطار توافق الحزبين. فربما يكون الديمقراطيون ذوي قيادة ضعيفة، إلا أن الجمهوريين تتم قيادتهم بشكل كلي تقريبا من القاعدة. وبالنسبة لأوباما فهو يستطيع أن يدعي القدرة على طرح ما يريد في أي مفاوضات، حتى وإن كان هذا يلقى شعبية لدى قاعدة الديمقراطيين. لكن لا بونر ولا ماكونيل يمكنه ادعاء امتلاك الثقة نفسها والقول إن الجمهوريين سيتبعونه. فكثير من الجمهوريين صوتوا الآن لمصلحة زيادة الضرائب على الأمريكيين الأكثر ثراء ـ أو على الأقل تواطأوا مع ذلك. وبما أن الجمهوريين تخلوا عن تعهدات سابقة، فهم الآن سيطالبون برد الجميل في شكل تخفيضات حادة في الإنفاق لتجنب أزمة دين قبل الربيع. وفي الوقت نفسه سيطالب أوباما بزيادة الضريبة دولارا مقابل كل دولار من تخفيضات الإنفاق. ومن الصعب رؤية كيف يمكن أن تكون هذه الفترة المقبلة من الشجار جيدة بالنسبة للنمو الاقتصادي الأمريكي. ويوم الإثنين الماضي رفع quot;أندي ليبريري للتخطيط الدولي والاستثمارquot; من فرص فشل الولايات المتحدة في سداد ديونها السيادية كاملة في مطلع عام 2013 إلى واحد من أربعة، وقد يضيق الفارق.
إذا كان هناك جانب مشرق لهذا كله، فهو أن المواجهة المقبلة تتيح لأوباما فرصة ـ وإن كانت ضئيلة ـ للقضاء على سياسة حافة الهاوية المالية خلال الفترة المتبقية لهذا الكونجرس. وإذا استطاع، فسيصبح ذلك بمثابة قوة دافعه له ليكمل أولوياته التي تتضمن إصلاح نظام الهجرة والعمل على ظاهرة الاحتباس الحراري. لكن لن يكون من الحكمة الرهان على ذلك.
تفاصيل رئيسة
ستنتهي تخفيضات ضريبة الدخل التي تم الاتفاق عليها في عهد جورج بوش بالنسبة للأفراد الذين يحصلون على أكثر من 400 ألف دولار سنويا والأزواج الذين يحصلون على أكثر من 450 ألف دولار، ما يرفع نسبة الضريبة عليهم من 35 في المائة إلى 39 في المائة. وكان أوباما يريد رفع الضرائب على من تبلغ دخولهم 250 ألف دولار، لكن الجمهوريون قاوموا كرهاً في زيادة الضرائب.
سينتهي خفض بواقع نقطتين مئويتين على الضرائب المفروضة على أول 113700 دولار من أجور العاملين. وسيرتفع معدل الضريبة إلى 6.5 في المائة.
ستكون هناك زيادة دائمة في الضرائب على الأرباح الرأسمالية وأرباح الأسهم من 15 في المائة تقريبا إلى 20 في المائة، لكن هذه الزيادة فقط للأفراد الذين يحصلون على أكثر من 400 ألف دولار والأزواج الذين يحصلون على 450 ألف دولار - امتيازا للجمهوريين.
سترتفع قيمة معدلات الضريبة على العقارات التي تقدر بأكثر من خمسة ملايين دولار من 35 في المائة إلى 40 في المائة.
وقد تأخر بدء خفض الإنفاق الحكومي الفيدرالي التلقائي في أول كانون الثاني (يناير) الذي يبلغ مجموعه 1.2 تريليون دولار على مدى العقد لمدة شهرين. وعلى المشرعين من الآن حتى أول آذار (مارس) معرفة كيفية خفض الإنفاق بما فيه الكفاية، أو رفع الضرائب بما فيه الكفاية، لتجنب الخفض التلقائي في الإنفاق، الذي سيطول كل شيء بدءا من ميزانيات إنفاذ القانون إلى الإنفاق على البحث العلمي والقوات المسلحة.
وسيكون هناك إصلاح شامل لبرنامج ضريبي مصمم بحيث يضمن الأثرياء الحد الأدنى من الضرائب. ولم تتم فهرسة quot;ضريبة الحد الأدنى البديلةquot; بالنسبة للتضخم، ولذلك تبنى المشرعون في السنوات الأخيرة إعفاء مؤقتا من ضريبة الحد الأدنى البديلة بالنسبة لأعداد متزايدة من دافعي الضرائب، والآن جاء الإعفاء الدائم.
ولم تنته الخلافات على الميزانية بعد. وسيتعين على الحكومة التي وصلت إلى الحد الأقصى لسقف الاقتراض، البالغ 16.3 تريليون دولار، أن تطلب موافقة الكونجرس على رفع السقف في وقت ما بين أواخر شباط (فبراير) وأوائل آذار (مارس). وتنتهي سلطة الميزانية الحكومية في 27 آذار (مارس)، ما يتطلب قانونا جديدا في الكونجرس. ومن دون التوصل إلى اتفاق يمكن أن يتعطل العمل الحكومي.
التعليقات