نجاة الحشاش

ان الحديث عن مستقبل العلاقات الكويتية العراقية أصبح حديث الساعة وتصدر الكثير من الصحف المحلية، ونحن أيضا لنا وقفة استطلاعية حول هذا الأمر وهي عبارة عن قراءة لأحداث تاريخية ومجريات حالية لوضع طريق واضح لترسيخ مستقبل العلاقات بين البلدين، ففي البداية يجب الاعتراف بأن ثمة ارثا تاريخيا معقدا بين البلدين بداية من تصريحات عبد الكريم قاسم الى غزو صدام الكويت، وأيضا يجب ان نعترف بأن في النفس ما فيها من كلا الطرفين.
ولا يمكن لمستقبل العلاقات العراقية-الكويتية القيام على اسس متينة ما لم تكن هناك ثقة من قبل الطرفين والشعور بالأمن من قبل الجانب الكويتي تجاه الجانب العراقي، فمن وجهة نظري ان الكويت تحتاج فترة طويلة لكي تبني هذه الثقة لأسباب كثيرة ومن أهمها ان الوضع السياسي الحالي في العراق لم يستقر، فنجد أن في العراق اكثر من حزب وأكثر من صوت، فكلما تم التفاوض معها وهدأت الأوضاع وبدأت تنفرج المشاكل ارتفع صوت من هنا وهناك في العراق يعكر صفو هذه العلاقة ويثير الخوف والقلق لمستقبل هذه العلاقة، والأمر الآخر في العراق وجود جماعات خاضعة للتأثير الإيراني وقد تشكل ضغطا كبيرا على الحكومة العراقية في توجيه مسار العلاقات بما يتوافق مع الجانب الثالث وهو الجانب الايراني وهذا الأمر قد ينعكس سلبا على العلاقات والأوضاع الإقليمية في المنطقة ويشكك في استمرار التقارب في العلاقات بين الطرفين لأن القراءات السياسية للعراق لا يتوقع لها باستقرار في السنوات المقبلة، خصوصاً بعد الخروج الاميركي من العراق وتزايد نفوذ الجماعات الخاضعة للجانب الإيراني وظهور بوادر فتن طائفية ومذهبية في العراق. وقد صرح السكرتير العام للامم المتحدة بان كي مون معربا laquo;عن القلق ازاء تصاعد التوترات بين القادة السياسيين هناكraquo;.
وهذا الوضع السياسي غير المستقر قد يصعب بناء الثقة في الوقت الحالي، وأيضا لدينا الملف النفطي ما بين العراق والكويت قد يعرقل الكثير من المفاوضات المستقبلية، وتجربة الكويت الناجحة والسلسة في التعاون النفطي مع السعودية يستبعد ان تكون مشابهة مع العراق وذلك للأسباب التاريخية والسياسية التى قامت على ثقة كبيرة ومتبادلة بين الطرفين الكويتي والسعودي. وأيضا يعرقل الجانب العراقي الكثير من القضايا التي تخص الجانب الأمني للكويت وهذا بحسب ما جاء في تصريح آخر للسكرتير العام للأمم المتحدة يقول فيه laquo;على الرغم من التحسن الملحوظ في العلاقات بين العراق والكويت في مطلع العام الحالي، فإنها ما زالت تنتقص الثقة المتبادلة بين الجانبين لأن العراق أخفق في الايفاء بالتزاماته المتبقية من الفصل السابع تجاه الكويت وأن الحكومة العراقية لم تقم بإزالة الأعمدة المعيقة المتداخلة بين حدود البلدين على الرغم من إبرام اتفاقية في وقت سابق بهذا الشأنraquo;.
وأخيرا، وفي النهاية، قدرنا الجغرافي يربطنا بالجانب العراقي، وهذا القدر يحتم علينا وجود علاقات مشتركة، ولا بد من تقديم كلا الطرفين بعض التضحيات من اجل بناء ثقة من ِشأنها ان تثبت رواسي هذه العلاقة، وهذا ما فعلته الكويت في مسألة التعويضات واسقاط الدعاوى القضائية التي اقامتها الكويت ضد الخطوط الجوية العراقية والتغاضي عن بعض الهفوات التي تخرج من تصريحات بعض قياديي الجانب العراقي، وأيضا بادرت الكويت باقامة علاقات قوية مع الأحزاب والقوى المؤثرة في العراق والدخول في مشاريع استثمارية واقتصادية كبيرة من قبل رجال اعمال كويتيين من شأنها أن تسهم في اعمار العراق.
نحن لا نريد تصاريح مسؤولين ولكن نريد افعالا وأعمالا تقوم على أساس اتفاقيات ومعاهدات دولية موقعة وموثقة بين الطرفين تترتب على من يخل بها عقوبات دولية. فمتى نرى الجانب العراقي يتحرك نحو بناء المزيد من الثقة في نفوس الكويتيين؟