أحمد الجارالله

لم يعد لدى جماعة quot;ردونا للكرسيquot; سوى الشتم والتهديد وحفلات الزار, وفي أحسن الأحوال لقاءات البكاء على الأطلال, فكل ما يتفوهون به ليس غير هذيان سياسي, هذا إذا أُحسن الظن بهم, أما إذا أخذنا كلامهم كما هو فيعني خطة طويلة الامد للانقلاب على النظام, فكيف نصدق أن هؤلاء لا يريدون تغيير نظام الحكم في البلاد, فيما هم يطالبون بحكومة منتخبة وإبعاد أبناء الاسرة عن الوزارات, وبعضهم يتوعد أنه سيدخل إلى بيوتهم ويخرجهم منها?
ولأنهم يدركون أن شعاراتهم تلك يلزمها تعديلات دستورية جذرية, توزعوا الأدوار بينهم وراح بعضهم يطالب بتعديل مادة أو اثنتين من الدستور, وقد حاولوا تسويق مشروعهم هذا عندما كانوا غالبية في المجلس المبطل, تمهيداً لنسف الدستور كله وإعادة كتابته من جديد بما يخدم توجهاتهم, ويؤبد هيمنتهم على الدولة, لكنهم فشلوا كما فشلوا في كل أفعالهم.
رغم هذا, فمنذ نحو سنة إلى اليوم لم تهدأ جبهة تلك الجماعة في افتعال الأزمات والمناوشات لفقدانها قوتها النيابية, جراء تعديل نظام التصويت الذي أظهر كل واحد بحجمه الشعبي الحقيقي, فما كان منها إلا مقاطعة الانتخابات حتى لا ينفضح حجمها الذي بانت هزالته في التجمعات والمسيرات والندوات التي نظمتها, إذ لم نر حولها إلا quot;القبيضةquot; وquot;الشبيحةquot; والمتنفعين, فيما الغالبية الساحقة من الشعب الكويتي وقفت إلى جانب الحق والاستقرار وانطلاق مسيرة التنمية.
منذ نحو سنة لا يزال هذا المسخ السياسي يمارس فنون التدليس والشعوذة وعند المواجهة إما أنهم يفرون من منازلهم متنكرين وإما أنهم يتخذون من النساء والأطفال دروعاً بشرية, وإما أنهم ينكرون أمام القضاء كل ما تنطعوا به في خطبهم, بل يحاولون نكران أصواتهم وصورهم, فهل الذين جبلوا بكل هذا الجبن وهيمنت على سلوكهم ذهنية الاستحواذ والانتقام والانقلاب هم أهل لقيادة مسيرة الأمة وتشريع قوانينها او الائتمان على دستورها فيما هم لا يفقهون أبسط قواعد الدستور والقانون?
هؤلاء الذين يطبلون ويزمرون ليل نهار بما يسمونه الإمارة الدستورية هل يدركون معنى ما يقولون? أليست الكويت دولة تحكم وفقاً للدستور? أو حين يطالبون بحكومة شعبية أوليست الحكومة من أبناء هذا الشعب? ألم يكن لهم سبعة وزراء نواب في الحكومة حين كانوا أغلبية? فماذا كانت النتيجة? غرامات بمليارات الدولارات تكبدتها الكويت جراء عقدهم اتفاقيات ومن ثم نقضها, وتعطيلاً للمشاريع وقصر التوظيف على المحاسيب والأزلام.
قديما قيل: حدث العاقل بما لا يعقل فإن صدق فلا عقل له, ولأن في الكويت الكثير من الحكماء وأهل العقل والمشورة الثاقبة لم تجد بضاعة تلك الفئة أي رواج, لأنها تتحدث بما لا يعقل, بل بما يثير السخرية, فكيف سيقبل هذا الشعب, الذي يرى نفسه في دولة حرية التعبير والرأي فيها أكبر من مساحة الحرية في اي دولة, أن يسلم مصيره لمن حين أصبحوا اكثرية في المجلس المبطل عطلوا الأعمال التشريعية وتفرغوا للانتقام والتحقيق والبحث حتى في نوايا الناس? بل تتساءل الغالبية الساحقة من الشعب الكويتي حين تسمع خطب تلك المسوخ السياسية عن القمع وتكميم الافواه وغيرها من المزاعم: هل نحن في دولة يحكمها ستالين أو هتلر أو موسوليني أو هيلا سيلاسي كي نطالب بتغيير جوهر الدولة والنظام السياسي, أم أننا في دولة دستورية تحكمها مؤسسات شرعية تعمل وفقا لقوانين واضحة لا تقبل اللبس? ألسنا في دولة يحكمها صباح الأحمد الحكيم الحليم الذي يتعاطى مع الجميع من موقع الأب الحاني بسعة صدر قلما وجدت في حاكم غيره?
اليوم وبعد أن انطلقت عجلة العمل في مؤسسات الدولة, لم يعد هذيان تلك القلة يقنع حتى الأطفال, إنما هو مصدر تسلية وسخرية ممن لا يزالون يعيشون في الأوهام.