rlm;سمير الشحات

هل ثمة من أبناء جيلي الخمسيني من لا يحب حسن يوسفrlm;,rlm; الممثل الجيدrlm;,rlm; صاحب الأدوار المميزةrlm; التي ما إن نتذكرها حتي نشعر بالفرحة؟.. هل مثل حسن من يجب أن يخاف أو يرتعد, وهو وسط ناس يحبونه؟.. ومع ذلك, فإن حسن خائف, ولا حول ولا قوة إلا بالله!
في حوار صحفي منذ أيام, فوجئنا ـ نحن أبناء الجيل الخمسيني ـ بحسن يوسف يقول: نعم.. أنا حلقت ذقني كي لا يقولون عني إنني من الإخوان, وسأعود لإطلاق اللحية لزوم أداء دور من الأدوار, لكنني سأحلقها بعد ذلك للأبد!.. فما دلالات إزالة اللحية, ثم العودة لإطلاقها, ثم الرجوع لإزالتها من جديد؟.. تستطيع حضرتك الحديث عن ست دلالات أو عن سبع, إن أحببت:
أولا: أن حسن يريد إبلاغنا ـ ولولا الملامة لوضع المصحف علي عينيه ثم حلف ـ بأنه ليس إخوانيا, ولن يكون, وهذه يا أستاذ حسن معروفة من زمان.. طبعا أنت لست إخوانيا, وكيف يمكن أن تكون وتاريخك السينمائي الممتد يشهد علي ذلك؟.. إذن لماذا يضطر شقيق عبدالحليم حافظ الأصغر في فيلم الخطايا لأن يقسم بأنه ليس إخوانيا؟.. إنه الخوف!
وهنا تقودنا الدلالة الأولي إلي الدلالة الثانية, ومم يخاف حسن, هل من الحكومة؟.. أبدا, فإن الذي مثل حسن لا يخاف من الحكومات.. طيب.. ممن إذن؟.. آه, هنا مربط الفرس, إنه خائف من الشعب الذي هو جمهوره.. إن الفنان الحقيقي وحسن يوسف فنان حقيقي, لا تعنيه الدنيا كلها ويعنيه جمهوره الذي ظل هو في خدمته طوال عمره.. الدلالة هنا هي أن حسن أدرك ببصيرته أن الناس كلهم الآن أصبحوا ضد الإخوان, بعد أن تكشفت لهم حقيقتهم.
فإن نحن قفزنا إلي الدلالة الثالثة لتصريحات حسن, فسنجدها تتمثل في أن الإخوان نجحوا نجاحا مبهرا في جعل الناس يكرهونهم. وللأسف, فإن الإخوان مازالوا يواصلون ـ بنجاح منقطع النظير ـ السير في سكة كراهيتنا لهم, وكأننا, نحن بقية أبناء الأمة المصرية, قد أصبحنا أعداءهم اللدودين, فيسعون ليل نهار لتعطيل حركة حياتنا, وشل مدارسنا, والسكك والطرقات, وبلغ مقدار الكراهية لهم أن جعلوا فنانا في حجم حسن يوسف يكاد يقسم أنه ليس واحدا منهم, وما كان في حاجة للقسم!
ورابعا: أن شقيق عماد حمدي في خان الخليلي ظل طيلة السنوات الماضية سايب ذقنه, ومعروفا بتدينه والتزامه وأخلاقه, ولم يتعرض له أحد, وحتي في عز أيام تعقب الحكومة للإرهابيين والمتشددين المتطرفين, أيام مبارك, لم يفكر حسن في إزالة لحيته, فلماذا يفكر في حلقها الآن؟ طبعا لا يمكن للرجل, وهو في هذه السن, أن يكون قد تخلي عن تدينه أو التزامه الأخلاقي, فلماذا إذن؟.. إنه الخوف, فهل يمكن استخلاص حقيقة تقول إننا في طريقنا لأيام يسودها الخوف والتمييز والفرز علي أساس اللحية؟.. اللهم لا ترنا هذه الأيام.
.. ونذهب إذن إلي الدلالة الخامسة, وهي أن إطلاق اللحية أو إزالتها هو في نهاية المطاف حرية شخصية, وموضوع شكلي ثانوي, بل وهامشي, بالنظر إلي التحديات الحقيقية التي تواجهها مصر الآن, والمتعلقة بالشأن الديني.. فما دلالة التركيز عليها إلي الحد الذي وصل ببعض المتدينين الحقيقيين الصادقين الذين أطلقوا لحاهم عن اقتناع لأن يخافوا السير في الطرقات ولحاهم معهم؟.. الدلالة ببساطة هي أننا كمسلمين تركنا أصل الدين, وفحواه الحقيقي, وتعلقنا بالشكليات, وهو أمر لو تعلمون خطير.
إن الدين لا يستمد قوته فقط من الله الذي أنزله فالله تعالي غني عن العالمين, بل يستمدها من المؤمنين به علي الأرض إيمانا حقيقيا راسخا, فإن نحن تركنا قلب الدين وأمسكنا بأطرافه وشكلياته, ضعنا وضيعناه!
ونروح بالتالي إلي الدلالة السادسة, وهي نابعة من قلب السؤال الأبدي: وما علاقة الفن بالدين؟.. وهل نهي الدين عن الفن؟.. وهل الفن حرام أم أن بعضه حلال, وبعضه حرام, والبعض الثالث نص نص؟.. إن حسن يوسف الذي أدي دور الشيخ الشعراوي, إمام الأمة, فأجاد الدور أيما إجادة, وهو يتحدث عن اللحية يتكلم كلاما في الدين, ويكاد يضع يده علي قلبه من الحذر.. إن في لا شعور حسن يوسف أنه يجب أن يكون حذرا جدا عند حديثه عن الدين واللحية.
لماذا يا حسن؟.. آه.. لأن الرجل يعرف ماذا يقولون عند الإخوان وغيرهم! عن الفن والفنانين.. وهذه إشكالية يجب تجاوزها وحسمها إلي الأبد.
يا سادة, إن مصر ـ حتي وهي متدينة ـ لا يمكنها أن تعيش بدون فن أو فنانين, ولا مانع أبدا أن تكون فنانا قديرا وإنسانا متدينا أيضا!
وينتهي بنا المطاف إلي الدلالة السابعة لتبرؤ بطل سبعة أيام في الجنة من لحيته وهي: من أين يستمد الإنسان مصداقيته.. هل من كلامه وتصريحاته في الصحف والإعلام, أم من إنتاجه الحقيقي ونفعه لمجتمعه؟.. إن كلام حسن يوسف يوحي لنا بأنه في موقف اتهام, ويرغب في الدفاع عن نفسه.. فكيف سمح المجتمع المصري لفنان في قيمة وقامة حسن يوسف أن يقف مدافعا عن نفسه وتاريخه ولحيته؟ يا أستاذ حسن ويا كل أستاذ حسن لستم في حاجة للدفاع عن أي شيء, فقط اعملوا وأنتجوا, واملأوا البلد فنا راقيا جميلا, واعلموا أن لكم في القلب مكانة لن يشغلها أحد, حتي لو أطلقتم اللحية!