لندن


هل يمكن أن يغير التدخل الروسي في سوريا موازين القوى في المنطقة؟ وهل ستفتح بريطانيا أبوابها للمهاجرين واللاجئين السوريين وغيرهم؟ وما هي تداعيات فشل قانون أوباما للرعاية الصحية؟ تساؤلات نضع إجاباتها تحت الضوء ضمن إطلالة سريعة على الصحافة البريطانية.

إمبراطورية روسية

سلطت صحيفة laquo;فاينانشيال تايمزraquo; في افتتاحيتها أول من أمس، الضوء على تنامي الدور الروسي في الشرق الأوسط، لافتة إلى أن فلاديمير بوتين عزز خلال 2013 سيطرة بلاده على أوكرانيا. وأوضحت أن الرئيس الروسي نجح في بسط نفوذ موسكو في واحدة من أكثر مناطق النفط والغاز الجديدة أهمية في العالم، وهي حوض الشام شرق البحر المتوسط. وأشارت إلى أن توقيع شركة laquo;سويوزنيفتجازraquo; الروسية صفقة قيمتها 90 مليون دولار تمنحها حقوق تنقيب حصرية عن النفط في 850 ميلا مربعا من المياه السورية الإقليمية، ليؤكد فحسب دور سوريا كقاعدة جنوبية للإمبراطورية الروسية الجديدة، ولكنه أيضاً يضع روسيا في قلب حوض الشام. ولفتت إلى وجود توقعات ضخمة بشأن احتياطات الغاز، وربما النفط، في هذه المنطقة التي تشمل الساحل من مصر مروراً بشواطئ غزة ولبنان إلى قبرص وسوريا وتركيا في الشمال. وأكدت أن التقديرات الأولية المنشورة في مجلة laquo;جيولوجيكال سيرفيraquo; الأميركية قبل بضعة أعوام تشير إلى أن هذا الحوض يشمل ما يربو على 120 تريليون قدم مكعبة من الغاز، بينما يعتقد عدد من الجيولوجيين أن الاحتياطات أكثر من ذلك بكثير ولديهم آمال كبيرة بالنسبة للمناطق قبالة السواحل اللبنانية والإسرائيلية. ونوهت إلى أن سوريا تحتاج بالطبع إلى استثمارات أكثر من تلك التي قدمها بوتين للحفاظ على نظام الأسد في السلطة، مضيفة: laquo;لكن الأمر أكثر من سوريا، ذلك أن الاستثمارات تمنح موسكو إمكانية قيادة تطوير هذه المنطقة بأسرها وإدارة استخدام الغاز وسرعة ووجهة أية صادراتraquo;. لكن الصحيفة ذكرت أنه إلى الآن لم يتم اكتشاف سوى حقل عملاق واحد هو laquo;ليفياثانraquo; في حوض الشام، يحتوي حسب التقديرات المنشورة على ما يتراوح بين 15 و19 تريليون قدم مكعبة من الغاز. وأوضحت أنه مر على اكتشاف الحقل خمسة أعوام، لكن لا يزال من دون تطوير، ولا تزال أرقام الاحتياطي وتكاليف التطوير مبهمة. وأضافت الصحيفة: laquo;أن الظروف السياسية وجغرافيا المنطقة لا تزال تقيد التنقيب وتطوير أي جزء من الحوضraquo;، لافتةً إلى أن بيروت مختلفة مع الإسرائيليين بسبب التنافس على حدود حقل laquo;ليفياثانraquo;، كما أن تركيا لن تتسامح مع أي نشاط يشير إلى أن قبرص دولة مستقلة ذات سيادة، أما سوريا فتعيش حرباً أهلية. وتابعت: laquo;لا عجب في أن كافة الشركات الغربية الكبرى تجنبت المنطقة تماماًraquo;. واستطردت الصحيفة قائلة: laquo;إن التدخل الروسي يمكن أن يغير اللعبة، ففي غياب بديل عملي يمكن أن تتفق كافة الأطراف المعنية على السماح للشركات الروسية بإدارة عملية التطوير في أنحاء الحوضraquo;. وأضافت: laquo;إن علاقات روسيا ليست قاصرة على سوريا، إذ ترتبط موسكو بعلاقات مع الإسرائيليين ولديها مصالح قوية في قبرص، ومن ثم يمكن لها أن تتخطى أية عقبات بين نيقوسيا وتركياraquo;. وأوضحت أنه بالنسبة لكثيرين في المنطقة ستبدو روسيا أكثر أمناً، وحليفاً أكثر استمرارية من الأميركيين والأوروبيين الذين يمثلون تهديداً. واختتمت الصحيفة قائلة laquo;إن الصفقة السورية ليست منطقية على الصعيدين السياسي والاقتصادي فحسب، وإنما تشي بتغير ميزان القوى العالميraquo;.

الهجرة إلى أوروبا

حذّرت صحيفة laquo;جارديانraquo; في افتتاحيتها يوم الاثنين الماضي السياسيين البريطانيين من خطورة اللعب بمشاعر الشعب في أمور تتعلق بالسياسات القومية المهمة، لاسيما في مسألة الهجرة. وأشارت إلى أن دعوة زعيم حزب laquo;الاستقلال البريطانيraquo; نيجيل فاراج إلى استيعاب بعض اللاجئين السوريين أثارت نقاشاً مهماً بشأن المسؤولية العالمية. وتابعت: laquo;رغم أن رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون يمكنه الإشارة إلى إسهام بريطاني بنصف مليار جنيه إسترليني لدعم 2.3 مليون سوري فروا من الحرب الأهلية في أنحاء المنطقة، لكن دول الاتحاد الأوروبي رفضت استيعاب أسرة واحدة، ومن ثم فإن دعوة فاراج بتغيير هذه السياسة ينبغي الترحيب بهاraquo;. وانتقدت الصحيفة بشدة تراجع فاراج ليتخذ موقفاً وصفته بأنه مثير للغضب على الصعيد السياسي والشخصي بزعمه أن المسيحيين السوريين هم من ينبغي السماح لهم بالاستفادة من دعوته. وأضافت: laquo;يبدو أن فاراج لديه مشكلة حزبية داخلية، يمكن أن تغير مسار الحملة الانتخابية الأوروبية الربيع المقبلraquo;، موضحةً أنه رغم أن ذلك قد يؤثر بدرجة كبيرة على الصورة الوطنية، فمن المستبعد أن يخفض درجة حرارة الجدال الدائر بشأن الهجرة. وأكدت أن القلق الشعبي في بريطانيا يتزايد إلى حد كبير مع بدء رفع القيود على حركة الرومانيين والبلغاريين. واختتمت الصحيفة قائلة laquo;إن معظم الذين يرغبون في العمل داخل المملكة المتحدة ربما يكونون موجودين هنا بالفعلraquo;، وأنه رغم ذلك ربما لن تتوقف الدعوات المنادية بمنع الهجرة مصورةً إياها على أنها وحش ينبغي ذبحه.

laquo;أوباما كيرraquo;

ذكرت صحيفة laquo;الإندبندنتraquo; في افتتاحيتها يوم الاثنين الماضي أن قانون الرعاية الصحية الذي اقترحه الرئيس الأميركي باراك أوباما والمعروف بـlaquo;أوباما كيرraquo; يكتسب زخماً، لكن لا يزال من المبكر تأكيد نجاحه. وأشارت إلى أن نحو 975 ألف شخص تقدموا بطلبات للحصول على التغطية الصحية في ديسمبر، وهو ما يزيد إجمالي عدد المتقدمين إلى 1.1 مليون شخص. وأضافت: laquo;رغم ذلك، من غير الواضح ما إذا كان الشباب والأصحاء سيسارعون إلى التقديم مثل المرضى وكبار السن، كما أنه من غير المعروف ما إذا كان معظم المتقدمين يدفعون عن أنفسهم أم يطلبون إعانات حكوميةraquo;. لكن الصحيفة لفتت إلى أن ما لا يمكن إنكاره هو أن قانون الرعاية الصحية التي يمكن تحملها يكتسب زخماً كبيراً. وأفادت بأن الخلفية السياسة وراء تمرير القانون كانت مسمومة بدرجة كبيرة، لاسيما أن معارضة الجمهوريين كانت قوية، حيث قام الحزب الجمهوري بأربعين محاولة لإلغاء القانون بعد إقراره في عام 2010. ودعت الصحيفة إدارة أوباما للانتباه جيداً إلى التطبيقات العملية للقانون، لاسيما أن الخطة تعتمد على أنظمة تكنولوجيا معلومات جديدة وضخمة من النوع الذي يمكن أن يسبب المتاعب. وحذرت من المأساة التي يمكن أن تحدث إذا أخفق laquo;أوباما كيرraquo;، لاسيما أن ملايين المواطنين الأميركيين قد يعجزون عن تحمل نفقات العلاج. واختتمت الصحيفة قائلة: laquo;لا تزال هناك عقبات كثيرة ينبغي إزالتهاraquo;، آملة أن تكون الإدارة الأميركية استفادت من الدروس السابقة.

إعداد: وائل بدران