قلق دولي من العنف في لبنان مخطّط متنقّل لافتعال الفتنة

خليل فليحان

بدأت السنة الجديدة امس مشؤومة على الصعيد الامني. فكما اختتمت السنة الماضية بسيارة مفخخة استهدفت الوزير السابق محمد شطح في وسط بيروت، كذلك انفجرت سيارة مفخخة أمس تردد ان انتحارياً كان يقودها، في حيّ مكتظ بالسكان في حارة حريك في الضاحية الجنوبية، مع فارق وحيد ان الضحايا الذين سقطوا ليس في عدادهم مسؤولون حاليون او سابقون او حزبيون.

هزّ الانفجار الذي وقع عصر امس معظم انحاء العاصمة، وكان هناك عنصر آخر مختلف عنه في تفجير ستاركو هو ان السيارة غير مسروقة، وقد عرف صاحبها.
وزاد هذا العمل الارهابي قلق قادة الدول المهتمة بالوضع اللبناني سياسيا وامنياً، فلم تكتف وزارات خارجية تلك الدول بارسال التعليمات العاجلة لابلاغها الى رعاياها الاصليين واللبنانيين الحاصلين على جنسية من تلك الدول، بل أجرت اتصالات بعيدة عن الاضواء لمعرفة الجهة الفاعلة ومحاولة استكشاف من يقف وراء المخطط الدموي لنقل مسلسل الموت من سوريا من طريق القتل الجماعي من دون رادع، ووسط الجدل العقيم الدائر حول طبيعة الحكومة الجديدة التي تتأخر ولادتها، وتراكمات سلبية لا احد يمكن ان يتكهن بما ستؤول اليه الامور في ظل الاغتيالات إما لشخصيات سياسية من قوى 14 آذار بواسطة سيارات مفخخة، او اغتيال مسؤولين من quot;حزب اللهquot; كحسان اللقيس. وهذا ما يزيد في احراج المسؤولين السياسيين والامنيين الذين يسمعون تذمر الناس من عجزهم عن تأمين حد من الهدوء والطمأنينة والامان لهم ولعائلاتهم. وهم مصرّون على المضي في تحقيق مآربهم الشخصية غير مكترثين بأن منفذ هذا المخطط الاجرامي يضمر الشر لجميع اللبنانيين على حد سواء، من دون استثناء احد، في ظل تصفية حسابات بين افرقاء متخاصمين سياسيا. ولا احد يتنازل للآخر، وقد وصلت المواجهة بينهما الى حدود الصدام الانتحاري، والهدف تسجيل نقاط من دون الاخذ في الاعتبار مصلحة البلاد السياسية والامنية.


ولعل ما يزيد تشنج الوضع هو تحميل الفريق السياسي غير المصاب بالجرائم المسؤولية لخصمه لانخراطه في القتال في سوريا، وفي الحالة المعاكسة تأييد هذا الخصم للمعارضة، وبعض الدول العربية الغنية للمعارضين بالسلاح وبالمال، وهما الوقود الكفيل باستمرار اشتعال المعارك في سوريا وتداعياتها على الساحة اللبنانية.


وعلمت quot;النهارquot; من دوائر ديبلوماسية في بيروت ان فرنسا اكثر الدول الغربية قلقا على لبنان لتحوله ساحة صراع تزامناً مع القتال في سوريا، والذي تطور من مطالبة سلمية بممارسة السوري الديموقراطية الى قتال شرس بين المعارضة والنظام، والاخطر دخول تنظيمات متطرفة تقاتل النظام لاسقاطه والمعارضة السورية المسلحة للسيطرة عليها تمهيدا لتغيير هوية الحكم في سوريا الى حكم متطرف، وفق ما تدين به تلك التنظيمات من اعادة البلاد الى الاصول القديمة. ومما يزيد مخاوف باريس من الاوضاع التي تزداد سوءا في البلاد هو ان الحوار منقطع والمسؤول يستعمل الاعلام لمواجهة خصمه بدلا من عقد اجتماعات ليل نهار لمناقشة الخلافات، وخصوصاً على صيغة الحكومة الجديدة التي اختلفوا على ما يسمعون عنها من وسيلة اعلامية، من دون المبادرة الى الاتصال والمناقشة تمهيدا للتوصل الى مخرج يقبل به الجميع في هذا الظرف الدقيق.