عبدالله العوضي

الإرهاب هو الخيط المشترك بين العمليات التي وقعت أخيراً في مختلف دول العالم وبالأخص في الدول العربية التي تدفع ثمناً باهظاً لدخول laquo;الربيعraquo; عليها في غير وقته.

فأحداث موسكو واليمن بين الحوثيين والسلفيين ولبنان ومصر والصومال والعراق وسوريا وجنوب الفلبين وجنوب تايلاند، كل هذه الدول، وحتى الدول الغربية التي نسمع فيها عن حوادث إطلاق نار عشوائية باختلاف المبررات، نشم من خلالها رائحة الإرهاب وبأي طريقة حدثت.

وفي كل تلك الحوادث يذهب الأبرياء كضحية أولى وهم لا علاقة لهم بأجندات الجماعات أو المنظمات التي تخترق الأمن وتدفع بالمجتمعات نحو التخلف من جديد، بعد أن عرفت حقيقة أن طريق التقدم يمر على جسر الاستقرار.

لم تعد العمليات الإرهابية تستثني مجتمعاً من دون آخر ولم يتورع منفذوها عن التمييز بين البريء وغيره، لذا تجد أن القتل العشوائي هو السائد حتى يخضع المجتمع المستهدف لشروط ليست لها علاقة باستمرار حياة الإنسان في أي مكان.

فوقوف العالم أجمع أمام امتداد الإرهاب واجب يحتمه الواقع الذي يراد أن يصاغ وفق أهواء من شطحت عقولهم وضاق بهم الأفق عن رؤية الحق الذي لا يمكن أن يكون حكراً على فئة تمارس كل أنواع الدمار للوصول إلى مآربها في كسر شوكة الأمن والأمان، وإن كان الثمن التضحية بالأوطان ومن ثم البحث عن أوطان وهمية ليست لها أركان يمكن التمسك بها أو تلمس حدودها.

والأخطر أن تتحول العمليات الإرهابية إلى حروب أهلية تتداخل فيها خطوط الطائفية والمذهبية والعرقية وغيرها من العوامل بدلا من أن تصبح مساحة رحبة للعيش المشترك، وحصانة للمجتمعات التي لا تعتمد على عرق واحد في نسيجها منذ بداية تاريخها الاجتماعي.

إن استئصال فئة من كيان أي مجتمع عن طريق ممارسة شريحة أخرى لفعل الإرهاب، لا يمكن أن يكون في يوم ما حلاً لأي مشكلة لها علاقة بالإنسان وطريقة تفكيره وتلبية احتياجاته.

فالعالم لا يمكن أن يعيش على مفترق طرق، وهو يواجه هذا التحدي الذي يجب تخطيه وبكل ما أوتي من قوة العلم والمعرفة والتخطيط الذي له دور في هزيمة الإرهابيين في معاقلهم وإخراجهم إلى العلن وفضح مخططاتهم الإجرامية ليس تجاه مجتمع معين بل على مستوى البشرية التي لا تريد أن تصبح هدفاً سهلاً للوقوع في شباكها.

إننا أمام صورة للإرهاب، تريد أن تستغل الاختلافات الطبيعية بين البشر لصالح المزيد من الخلاف بدل الحرص على الائتلاف، وأشنع أنواع الاستغلال يأتي في جعل الدين طرفاً في جر الآخرين إلى الفخ، وذلك نظراً لتعدد الديانات التي يؤمن بها الناس وفقاً لمعتقدات كل مجتمع على حدة.

فاستخدام أي دين كسلاح في هذه المعركة، يعني إشعال حروب مختلفة لا علاقة لها بالقضايا الاقتصادية أو السياسية، التي تتنافس فيها الدول كجزء من ممارسة تبادل المصالح في المشروعات التي تطرح على بساط البحث.

فوجود خطة لترهيب الإرهابيين وردعهم وإبقائهم بعيداً عن الخطوط الحمراء التي تمس أمن الدول واستقرارها، أمر لا يمكن التغاضي عنه ولا التهاون فيه مهما كان صوت الإرهاب عالياً وسوطه لاسعاً، فيجب أن تعلو متطلبات الأمن والأمان في كل آن.