فاتح عبدالسلام


لو غابت الثروة النفطية في العراق عن موازنة الدولة لأي سبب من الأسباب، كنضوب الحقول أو تعطيلها أو تفجيرها ، كيف يكون شكل العراق وما أهميته الإقليمية والدولية وما طبيعة الحياة التي ستكون فيه.
الدول الخالية من النفط كثيرة في العالم وبعضها متقدم في مجالات كثيرة، بيد أن العراق لن يكون من ضمن هذه الدول القابلة للحياة من دون نفط لسبب بسيط هو عدم وجود مظاهر حياة انتاجية صناعية وزراعية في العراق تؤهله أن يكون دولة ذات ديمومة من دون نفط.
الصفة الإستهلاكية عالية وصارخة في العراق منذ عقود وهي الآن في أعلى مستوياتها، ولم يدخل الى موازنة الدولة العراقية عنصر توليدي له اعتبار للعملات الصعبة التي تفيض بالنفع على الإقتصاد العراقي.
المعضلة أنه لا يوجد تفكير استراتيجي في خطط بناء الدولة للتحول الى اقتصاد انتاجي خارج معطيات المصدر السهل للعملات الصعبة وهو النفط.
توجد أسباب كثيرة وهي أعذار جاهزة أحياناً تدور حول عدم استقرار العراق ومسميات الإرهاب وطبعاً يتم تناسي اشتراك مليشيات من داخل البلد في حرب اقليمية بالجوار السوري.
الإستقرار يتطلب عملاً وجدوى إقتصادية ينخرط المجتمع كله في سياقاتها وهذا غير متوافر لأن العراق بلد مأزوم ومكبل بالقيود التي فرضها أبناؤه وسواهم عليه ، من دون وجود إرادة قوية للخلاص الوطني بمعني الخروج من أطر الحاكم والمحكوم الى حياة للجميع يكون فيها الكفاءة قبل الولاء والإنتاج قبل الاستهلاك والعمل قبل الراحة، والوطن قبل الحزب والطائفة والشخص.
الطريق طويلة وصعبة ، وبداياتها الصحيحة في التفكير ببناء إقتصاد خارج النفط وهياكله الخادعة.
ويبدو ان هذه قضية لا تحظى باهتمام من أية جهة سياسية في هذا المشهد المضطرب.
عندما يعم مفهوم الشراكة بالبناء ، تنعدم فرص الفوضى أو تتقلص الى درجة عدم التأثير فيما لو حصل فراغ سياسي تحت أي ظرف. لكن الآن لا توجد ضمانات لأي شيء معرض للإنهيار.