تركي عبدالله السديري


لدولة إيران ظروف خاصة في نوعيات خصوماتها، وتنوّع هذه الخصومات، منها ما هو سياسي ينطلق خارج العالم العربي، ومنها ما يتجاوز مسمى العروبة إلى واقع الولاء الديني.. وأثر هذا الولاء منذ أكثر من ألف عام في إبعاد إيران تماماً عمّا كان لها من صفات تميّز وسيطرة وامتدادات نفوذ إلى مجتمع إسلامي ذي خصوصية ليست موجودة عند غيرها.. وعبرها تأتي محاولات إسقاط البروز العربي بوجود البروز الإيراني.. وبالتأكيد لديهم لا يحدث ذلك إلا عندما تتم استعادة نفوذ الأمس البعيد قبل الإسلام.. لكن عبر ادعاء مذهبية إسلام..

هنا أمام هذه الحقيقة الواضحة - والتي وفّرت الكثير من الشواهد - نجد أن هناك اختلافاً في واقع الخلاف بين إيران ودول النفوذ العالمية، وفي مقدمتها أمريكا، حيث يعني وجود القوة العلمية في مسار القوة الإيرانية ضرورة الحد من هذا الاندفاع.. القبول بتطور علمي لكن بدون السيطرة على وسائل تهديد علمية تأتي بواسطة بروز نووي تختص به إيران.. بينما في العالم العربي يضاف إلى ذلك حقيقة أن السلاح النووي بما هو عليه من تكاليف ليست بالسهلة حتى إن أهدافه تبرّر ما هي عليه إيران من فقر اجتماعي يرون أن تعديله في مستقبل قريب لن يكون بالأمر الصعب..

حقيقتان لا تقارب بينهما.. ما يمكن أن يسمى تطور إيران لا ترفضه الدول الكبرى ما لم يزود بقدرات عسكرية خاصة من شأنها تهديد المصالح الغربية.. ومن ناحية أخرى تخص العالم العربي وجود مشاريع امتداد نفوذ عسكري يرون معه أنه من غير اللائق أن يكون هناك إسلام عربي يمتد في مواقع يرونها إيرانية الأصل.. ولعل الشاهد الأهم في ذلك ما تتعرض له البحرين من فصول عداوات ومحاولات تدمير أي واقع خليجي..

لقد أرادت إيران وبشكل قوي أن تستفيد من وجود نزاع قديم كان لها من شارك في تأسيسه من خلاف دموي بين ما سمّي بالشيعة وما سمّي بالسنّة، مع أن الإسلام لا يبيح هذا التوزيع سواء من جانب سنّي أو جانب شيعي.. وهي تحافظ على تألق هذا الخلاف والبروز على أنها معنية عادلة لفئة إسلامية تريد الإنصاف.. هذه مشاعر غير منطقية ولها دون غيرها مسؤولية تطعيم هذه الخصومة بما يواصل مزيد العداوات..

من مآسي عالمنا العربي.. أنه لا ينفرد فقط بهذا الواقع، لكن هناك من الجانب السنّي عدة اختلافات أصبحت خطرة جداً.. سأتناول هذا يوم غد الخميس..