الصحافة البريطانية: معضلة بريطانيا مع اللاجئين... وlaquo;الجنائية الدوليةraquo; على المحك!

هل تكفي مساهمات بريطانيا في مساعدة اللاجئين السوريين أم يتوجب على الحكومة تلبية الدعوة الأممية بقبول إيواء مزيد من المنكوبين على أراضيها؟ وهل تحفظ المحكمة الجنائية الدولية ماء وجهها وتقاضي مسؤولين بريطانيين سابقين حال ثبات تورطهم في جرائم حرب في العراق؟ وما هي إمكانات النفط الصخري في بريطانيا؟ وإلى أي مدى ستصل الأزمة في تايلاند في ضوء رفض المعارضة المشاركة في الانتخابات والمطالبة بمجلس شعبي غير منتخب؟ تساؤلات نضع إجاباتها تحت الضوء ضمن إطلالة سريعة على الصحافة البريطانية.


اللاجئون السوريون

جدد رئيس مجلس اللاجئين البريطاني ماورسي ورين في مقال نشرته صحيفة laquo;جارديانraquo; أول من أمس مطالبة حكومة بلاده بضرورة العمل على استقبال اللاجئين السوريين، لافتاً إلى أن بريطانيا رفضت حتى الآن الاستجابة إلى دعوات الأمم المتحدة بالمساعدة في إيواء نحو ثلاثين ألفاً من أكثر اللاجئين السوريين تعرضاً للخطر.

وأوضح ورين أن إسهامات الحكومة البريطانية في جهود الإغاثة من أجل مساعدة السوريين في المنطقة كانت كريمة بلا شك، لكن في ضوء حجم ومأساوية الأزمة، يجب عليها فعل كل شيء ممكن لمساعدة المنكوبين على إيجاد الأمان، مشيراً إلى أن المساعدات مجرد جزء من الحل. ووصف رد نائب رئيس الوزراء البريطاني نيك كليج على سؤال بشأن عدم قبول بريطانيا إيواء لاجئين من سوريا بأنه كان مراوغة واضحة للتغطية على إخفاق الحكومة في السماح بدخول لاجئين من المنطقة. وكان نائب رئيس الوزراء أجاب بأن المملكة المتحدة منحت حق اللجوء السياسي لنحو 1500 سوري خلال العام الماضي. ونوه ورين إلى أن اللاجئين السوريين الذين يحالفهم الحظ في الوصول إلى بريطانيا في ظل ظروفهم الراهنة هم بالطبع مخولين بموجب القانون التقدم بطلب لجوء، ورغم ذلك تشير تقديرات مجلس اللاجئين إلى أن نحو 0.1 في المئة فقط من اللاجئين الفارين من الصراع يصلون إلى بريطانيا. وأشار إلى أن مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين تحدد اللاجئين المحتاجين إلى إيواء ليتمّ نقلهم إلى دول غربية مثل بريطانيا، وهو ما يعتبر أفضل لمساعدتهم.

وكانت المفوضية قد ناشدت الحكومات الغربية من أجل قبول نحو ثلاثين ألفاً من هؤلاء اللاجئين المحتجزين في المنطقة، غير أن نحو 18 دولة تجاهلت دعوتها حتى الآن، ما حدا بورين للإعراب عن شعوره بالخزي من أن بريطانيا واحدة منها. وذكر ورين أنه من المشجع أن نرى إجماعاً كبيراً على أن المملكة المتحدة يمكنها -وينبغي عليها- أن تلعب دوراً كاملاً في برنامج إيواء اللاجئين العالمي، بينما يردد السياسيون من جميع الأطياف السياسية دعوتنا. واختتم ورين مقاله قائلاً: laquo;إننا اليوم نجدد مطالبتنا للقيادة السياسية، فلا يمكن لبريطانيا أن تغلق أبوابها في وجه أناس في حاجة ملحة لحمايتناraquo;.

انتهاكات حرب العراق

ألقت صحيفة laquo;الإندبندنتraquo; في افتتاحيتها يوم الأحد الماضي الضوء على عزم المحكمة الجنائية الدولية التحقيق في اتهامات ضد مسؤولين في حكومة رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير بسبب مسؤوليتهم عن انتهاكات ارتكبها جنود بريطانيون في العراق عقب غزو مارس 2003. وأكدت الصحيفة أن المحكمة -مثلما يشير الأفارقة- لم تستهدف حتى الآن سوى الزعماء وأمراء الحرب في قارتهم، وهو ما عزته إلى مساوئ الحكم في الدول الأفريقية وأيضاً ضعفها الدبلوماسي وعدم وحدة الصف في القارة. وأثنت الصحيفة على إمكانية وضع المسؤولين أياً كانت مناصبهم تحت الميكرسكوب القانوني واحتمال سجنهم بسبب الجرائم التي ارتكبوها. وأشارت إلى أن المركز الأوروبي للحقوق الدستورية وحقوق الإنسان ومكتب laquo;المصلحة العامةraquo; للمحاماة تقدما بشكاوى للمحكمة الجنائية الدولية ضد بريطانيا في قضايا أثّرت على أكثر من 400 معتقل عراقي،

وlaquo;ادعيا أن الجنود البريطانيين ارتكبوا انتهاكات تضمنت عمليات حرق وصدمات كهربائية وتهديدات بالقتل وإذلال ديني وثقافي واعتداءات جنسية وعمليات إعدام زائفة وتهديدات بالاغتصاب والتعذيبraquo;، لافتةً إلى أن آلاف الاتهامات ترقى إلى جرائم حرب حسبما أفاد المدعيان.

وذكرت الصحيفة أن الصور المشينة من سجن أبو غريب التي كشفت عن مثل هذه الانتهاكات التي ارتكبها الأميركيون هي ما لفتت انتباه العالم، مضيفة أن laquo;وزير الدفاع الأميركي آنذاك دونالد رامسفيلد لم يدخر جهداً في تبرئة نفسه ووزارته من المسؤوليةraquo;.

وتابعت: laquo;بالطبع لم توقع الولايات المتحدة على ميثاق المحكمة الجنائية الدولية، لذا لم يتم اتخاذ أية إجراءات، كما أن انتهاكات مماثلة مزعومة ارتكبها جنود بريطانيون في العراق لم تلق سوى اهتمام ضئيل، باستثناء الرقيب دونالد باين الذي حكم عليه بالسجن لمدة عام في 2007 بسبب معاملة غير إنسانية لمدنيين عراقيينraquo;.

وأكدت أن الرفض المباشر للمزاعم الجديدة من قبل وزارة الدفاع البريطانية ليست مفاجئة، لافتةً إلى أن المتحدث باسم الوزارة أوضح أن المزاعم قيد التحقيق ويتم التعامل معها، وأن أية معاملة غير إنسانية لم تكتشف كانت أمراً غير منهجي ولم ترتكب بأمر من القادة أو بموافقة ضمنية منهم. وأضافت: laquo;إذا كانت بريطانيا تدعم أهداف وإجراءات المحكمة فإن تبرئة المسؤولين مسبقاً هو أمر ينطوي على نفاق شديدraquo;، مؤكدةً أن حرب العراق كانت مسلسلاً جالباً للعار وغير مبرر. واختتمت الصحيفة افتتاحيتها قائلة: laquo;إذا وجدت المحكمة أدلة تكفي لمقاضاة مسؤولين بريطانيين سابقين رفيعي المستوى بشأن جرائم حرب، فلابد من أن يواجه هؤلاء المسؤولين العقوبة، وأي مسار آخر سيهدد بمزيد من الأضرار التي لحقت بهيبة المحكمةraquo;.

حوافز النفط الصخري

اعتبرت صحيفة laquo;ديلي تلجرافraquo; أن المبالغ التي تدفعها الشركات إلى المجالس البلدية في بريطانيا من أجل السماح لها بالتنقيب عن النفط الصخري غير كافية، مشيرة إلى أن ذلك يهدد بوأد تقنية laquo;التكسير الهيدرولوكيraquo; في مهدها. وأشارت إلى أنه بموجب الخطة الجديدة ستحصل المجالس على السماح بالحفر الاستكشافي على 100 ألف جنيه استرليني وواحد في المئة من الإيرادات إذا تم إنتاج النفط الصخري، إضافة إلى 100 في المئة كضريبة عقارية بدلا من 50 في المئة كما في السابق.

ويقدر المسؤولون أن تحقق البئر الواحدة 1.7 مليون جنيه استرليني، وهو ما لفتت الصحيفة إلى أنه يكاد لا يكفي لتعبيد طريق بطول مائة متر أو تمويل مجموعة صغيرة من المشاريع المجتمعية. وأكدت الصحيفة أنه في ضوء هذه الحوافز الضئيلة، فإن مناطق قليلة في البلاد ستكون راغبة في قبول الإرباك الذي ستحدثه عملية laquo;التكسير الهيدرولوكيraquo; كي تثري الشركات وأصحاب العقارات ووزارة الخزانة نفسها. وطالبت الحكومة بالتخلي عن هذا البخل، إذا كانت تدرك الإمكانات التي ينطوي عليها النفط الصخري، موضحة أن هذه التقنية الجديدة قلصت نفقات الطاقة في الولايات المتحدة وخفضت العجز ودعمت التصنيع.

أزمة تايلاند

حذرت صحيفة laquo;فاينانشيال تايمزraquo; في افتتاحيتها أمس من تدهور الأوضاع في تايلاند، لافتة إلى أنه على النقيض من المظاهرات في دول مثل مصر وسوريا وتونس وروسيا في السنوات الماضية، والداعية لمزيد من الديمقراطية، يطالب المتظاهرون في بانكوك بتقليصها. وأشارت إلى أنه منذ عام 2001، دأب الناخبون التايلانديون على التصويت لصالح تاكسين شينواترا وحلفائه، ومن بينهم شقيقته ينجلوك لتولي السلطة، لكن المتظاهرون الآن يطالبون بإقصاء حكومة ينجلوك المنتخبة ديمقراطياً واستبدال البرلمان بـlaquo;مجلس شعبيraquo; غير منتخب. وأوضحت الصحيفة أنه رغم أن تايلاند ليست غريبة على الاضطرابات من هذا النوع، إذ عانت من 18 انقلاباً عسكرياً منذ نهاية النظام الملكي المطلق في عام 1932، إلا أن المحاولة الراهنة تهدد بتصعيد خطير. ولفتت إلى أن المعارضة، بقيادة سوثيب ثاوجسوبان، ترفض التخلي عن تحركها من أجل الإطاحة بينجلوك من السلطة، ومقاطعة الانتخابات الوطنية الشهر المقبل، وعليه حذّرت مجموعة الأزمات الدولية خلال الأسبوع الجاري من خطر انتشار العنف في أرجاء البلاد. ودعت الصحيفة جميع القادة السياسيين في تايلاند إلى البحث عن طريق للخروج من هذه الأزمة، مؤكدة أن نقطة البداية يجب أن تكون الاعتراف بأن حكومة ينجلوك منتخبة ديمقراطياً وترغب في المنافسة في انتخابات الشهر المقبل، ومن ثم على المعارضة أن تلتزم بالعملية الانتخابية وتتجنب العنف. واختتمت افتتاحيتها قائلة: laquo;بمجرد عقد الانتخابات، يجب أن يبدأ الحوار بشأن وضع دستور لتايلاند على أساس قوي، لاسيما أن الإخفاق في ذلك من شأنه الإضرار بوضع تايلاند في المنطقة وخارجهاraquo;.

إعداد: وائل بدران