خالد عبدالله الزيارة

آثرت الاكتفاء بما كتبته يوم الخميس المنصرم حول أزمة سحب الأشقاء /السعودية والإمارات والبحرين/ سفراءهم من الدوحة، وقد أوردت فيه رأيي صراحة بأن قطر مع الصف الخليجي دون إملاءات وهو الرد الرسمي والشعبي الذي واجهت فيه قطر ذلك القرار المستعجل والذي سيقود إلى تداعيات لن تخدم مسيرة مجلس التعاون، دون اعتبار لتلك الروابط الأخوية والعادات والتقاليد والتراث المشترك والتاريخ الواحد الموثق في سجلات ضخمة تتحدث عن مسيرة راسخة من التعاون وصلات القربى.


قبل إنشاء مجلس التعاون الذي جاوز عقده الثالث، كانت شعوب المنطقة ترنو إلى رابط يجمعها ويسند كيانها لتكوين تكتل يشعرها بوحدة الجسد الواحد، فأصبح الأمل المنشود للوحدة يفرضه ذلك الرابط الصادق بين شعوبها، ونتيجة للطفرة المتسارعة كان لزاما أن يكون لنا كيان موحد بعد أن أصبحت الأنظار تتجه نحو دولنا الخليجية حديثي الاستقلال بما أفاء الله عليها بنعمة البترول الذي حولنا إلى عالم متحضر ينشد الاستقرار ويوجه طاقاته نحو مستقبل زاهر لشعوبه بعد أن عانت تلك شعوب شظف الحياة وقسوتها إبان مرحلة الغوص على اللؤلؤ.
رحبنا وفرحنا بهذا الكيان الخليجي الذي تفاءلنا به وترسخت لدينا حقيقة أن هذا الكيان ولد قويا وسيبقى ويستمر داعما لطموح ومصالح شعوبه، وواكبنا اجتماعات القمم المتتالية كل عام وكنا نرى في قياداتنا القدوة الحسنة في بث روح الوحدة والتعاون، وتابعنا بشغف الاجتماعات المتواصلة بين مختلف اللجان وهي تترجم أحلام شعوبنا، وعاما بعد عام كنا نشهد تطورا ونهوضا ملموسا في كل المجالات، وكنا نطالب بشدة في تعزيز هذا الكيان بما ينعكس إيجابيا على المواطن الخليجي الذي هو الملهم الأول لهذا الكيان.
ما لهذه الدول حين صارت مصالحها خارج إطار المجلس تفتتوا وتنافروا وأصبح الشقيق عدوا والغريب مقربا، هناك من لا يريحه هذا التعاون والتلاحم بين الاشقاء، يريدوننا شرذمة تتقاذفها الأيادي الخبيثة وتزج بها في أتون مستقبل غامض لا نعرف مداه.
ما يحدث الآن من تراشق إعلامي وقرارات انفعالية يحز بالنفس وتضع الشعب الخليجي برمته أمام مخاوف مشوبة بالحذر بأن بيته الخليجي لم يعد بذلك الكيان القوي، وليس بتلك المناعة والقوة لدرء المخاطر والأعاصير كالتي واجهها مجلس التعاون خلال مسيرته الظافرة.
قطر اليوم رقما صعبا ويشهد لها القاصي والداني وهي ليست ألعوبة تتقاذفها أهواء المغيبين عن الساحة العالمية التي تقيس صداقتها بمصالحها المشتركة وبالتعاون بالأسلوب الحضاري.
قطر حققت إنجازات عالمية يفتخر بها كل إنسان عاصر هذا التطور وعايشه على أرض الواقع، وإنجازاتها بالتأكيد مفخرة لكل أبناء الخليج وللأمة العربية والإسلامية جمعاء.
نستطيع أن نعيش في مجتمعات مسالمة لو ابتعدنا عن المكابرة في مصائرنا التي لن تجلب لنا إلا التخلف واستخفاف الآخرين بنا وسلامتكم