انتقادات للبرلمان الذي فتح أبوابه لغزة والموصل وأقفلها بوجه ملء الشغور في رأس الجمهورية

مع عطلة عيد الفطر وجمود النشاط الرسمي والسياسي معظم أيام الاسبوع الجاري، تبدو الأوضاع الداخلية في لبنان على إيقاع مستقر نسبياً ولكن مع تساؤلات كثيفة عما ستسفر عنه الاستحقاقات المقبلة ولا سيما ما يتصل بالأزمة الرئاسية مع بداية الشهر الثالث من الشغور في منصب رئاسة الجمهورية والاقتراب من استحقاق الانتخابات النيابية الذي بدأ يتقدم الاولويات والمداولات الجارية في الكواليس السياسية.

وإذا كان انعقاد مجلس النواب اللبناني أول من أمس في جلسة التضامن مع غزة ومسيحيي الموصل أثار ردود فعل غلبت عليها الانتقادات للبرلمان والقوى السياسية لانها وفّرت النصاب لجلسة تتعلق بتطوريْن خارجييْن وعجزت عن توفير النصاب لجلسة انتخاب رئيس الجمهورية، فان هذا المشهد يرخي بذيول ودلالات على طبيعة ما يمكن الوسط النيابي والسياسي اللبناني ان يقدّمه من تسويات لأزمات الداخل بعد اقل من ثلاثة أسابيع لبت استحقاق الانتخابات النيابية (موعد توجيه الدعوة الى الهيئات الناخبة هو 20 اغسطس اي قبل ثلاثة أشهر من انتهاء ولاية البرلمان).

ويبدو واضحاً في هذا السياق ان التمديد مرة ثانية لمجلس النواب هو امر شبه مفروغ منه ولو ان الكتلتين المسيحيتين الأساسيتين اي كتلة العماد ميشال عون وكتلة «القوات اللبنانية» تتجهان الى موقف مناهض للتمديد، وهو امر بدأ يرسم تداعيات مسبقة تخشى معها أوساط سياسية مسيحية من ان تؤدي التنافسات المسيحية الى مزيد من الخسائر السياسية. فرغم أحقية المضي نحو مبدأ إجراء الانتخابات النيابية في موعدها في نوفمبر المقبل، تعرف القوى المسيحية بأسرها كما تقول هذه الاوساط الصعوبات الكثيرة التي تحول دون تجنّب التمديد مجدداً لمجلس النواب باعتبار ان إجراء الانتخابات لا يبدو وارداً اطلاقاً وسط الظروف الأمنية الداخلية والظروف الإقليمية المحيطة بلبنان. كما تعرف ان مختلف القوى الاخرى ستذهب الى هذا الخيار ولو أعلنت جميعها من الآن مواقف مغايرة.

وتشير الاوساط نفسها الى ان الخشية هي من استعادة القوى المسيحية الأساسية انقساماتها الحادة في شأن قانون الانتخاب في وقت لا تزال تتحمل تبعة تعطيل الاستحقاق الأمّ اي انتخاب رئيس الجمهورية باعتبار انها عجزت مع الكنيسة المارونية ايضاً عن التوافق على مرشح للرئاسة او على الالتزام بتوفير النصاب لجلسة انتخاب الرئيس ضمن تنافُس ديموقراطي مفتوح.

ولذا تقول الاوساط عيْنها ان مشاورات واتصالات ستُفتح بعد عطلة عيد الفطر على مستويات عدة لبدء معالجة ملف الانتخابات النيابية قبل حلول العشرين من اغسطس. وإذا كان التمديد للمجلس سيشكل علامة اضافية على تعمُّق الأزمة السياسية في البلاد فان الاوساط المسيحية نفسها تشير الى ان الأسابيع الثلاثة الفاصلة عن العشرين من اغسطس والتي تتخللها الجلسة العاشرة المؤجلة للانتخابات الرئاسية في 12 اغسطس المقبل لن تشهد اي تغيير متوقع ما دام الستاتيكو السياسي للأزمة غير مرشح لأي تغيير دراماتيكي وشيك ضمن هذه المهلة وحتى أبعد منها بكثير. ولذا حرّكت إشارات صدرت عن الرئيس الأسبق للجمهورية ورئيس حزب الكتائب أمين الجميل في شأن اعتزامه اعلان ترشيح نفسه للرئاسة بعض الركود في كواليس الأزمة الرئاسية اخيراً اذ فاجأ الجميّل بعض حلفائه الذين فاتحهم بهذا الاتجاه.

وتقول الاوساط ان ترشح الجميل الذي يُطرح على نار هادئة بين أطراف 14 آذار في انتظار بلورة نهائية له، يثير واقعاً جديداً ضمن فريق 14 آذار الذي سيتعين عليه اتخاذ موقف من ترشيح رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع بما يعني ان ترشيح الجميل يطوي صفحة ترشيح جعجع ويفتح صفحة جديدة في فصول الازمة الرئاسية. ولعل الجميل يسعى الى هذا الهدف المباشر الذي يبقى تحقيقه رهن موقف فريقه اولاً ومن ثم سيوضع في مرمى القوى الاخرى المؤيدة حتى الآن لترشيح العماد ميشال عون.

وبرز موقف للبطريرك الماروني بشارة الراعي الذي انطلق من مشهد تضامن البرلمان مع غزة والموصل ليعلن «كم يكون أجمل إذا التأم مجلس النواب بكامل أعضائه لإعلان تضامنه مع الجمهورية ورئاستها الأولى، ولانتخاب الرئيس الجديد»، طارحاً للمرة الاولى مخرجاً على قاعدة انتخاب رئيس من خارج فريقيْ 8 و 14 آذار.

وقال الراعي في هذا السياق: «بات واضحا من جهة ظاهر الأمور، أن فريق 14 آذار لا يريد رئيسا من 8 آذار، وأن فريق 8 آذار لا يريد رئيسا من فريق 14 أذار. فيجب الذهاب نحو اختيار رئيس من خارج الفريقين. فيوجد شخصيات مارونية عديدة جديرة برئاسة الجمهورية. فلماذا إقصاؤها وإهمالها وتغييبها؟»، مؤكداً خطورة «الاستغناء عن رئيس للجمهورية، ومحاولة نسيانه واعتباره غير ضروري، وهو الرأس، وهذا يستبطن هدم كيان الدولة لغايات مبيتة»، ومضيفاً: «نحن لا نقصي أحدا، بل نطالب المجلس النيابي بالإلتئام وانتخاب رئيس من أحد الفريقين المذكورين أو من خارجهما. المهم إنتخاب رئيسٍ يكون على مستوى حاجات البلاد وتحدياتها الداخلية».

&

&


&

&



&