طلال آل الشيخ

لأنه طاعون هذا العصر، فإنه يحتاج إلى "تحالف" دول ومؤسسات.. والتأخر في مكافحته سيكون ثمنه باهظا جدا.. فالإرهاب بات سرطانا استشرى في جسد العالم، مهددا للأمن والاستقرار والسلام، حاصداً أرواح الملايين من النساء والأطفال والشيوخ والأبرياء في مختلف الدول.. وليس من المبالغ فيه القول إن الكرة الأرضية لن تستعيد أمنها وعافيتها وسلامتها، دونما استئصاله.


الحديث عن تنظيم "داعش" ليس مختلفاً عن بقية التنظيمات الإرهابية، فكل الحركات الراديكالية المتطرفة توحدت لنشر ثقافة "الموت"، فكانت أحداث 11 سبتمبر في أميركا و12 مايو في الرياض وتفجيرات "المترو" في بريطانيا، وغيرها مما شهدته الصومال والعراق وأفغانستان وباكستان ومصر ولبنان وجميع دول العالم.


أما لماذا كان العنف خيارا، فذلك يأتي وفق سلسلة معقدة، خلقت جيلا متطرفا في بلاد الشرق كما في بلاد الغرب، جيل لا يؤمن إلا بالبندقية ولا يدفئ برد جسمه سوى الحزام الناسف.


يضاف إلى ذلك كله، ما تعمد إليه تلك التنظيمات من تفسيرات خاطئة ورؤية قاصرة لعقليات تتخذ من الدين مطية لبلوغ أهداف شخصية وإشباع أرواحهم الشريرة، فالإرهاب في الأساس معضلة فكرية ونفسية واجتماعية تكمن في المغرر بهم أنفسهم، نتيجة حالة الخواء الفكري التي تجعلهم عرضة للاستقطاب والتغرير والتجنيد والاستعداد النفسي للموت في مختلف أنحاء العالم، إذ إن المغرر بهم دائماً ما يعانون من أزمات اجتماعية وثقافية وفكرية واقتصادية تقودهم للانتحار وتبنى الأفكار المتطرفة، وتجعلهم صيداً سهلاً للمنظمات والجماعات الإرهابية.


"داعش" تنتهج نفس النهج والمسلك الذي يملأ الأرض قتلاً وتنكيلاً ورعباً وإرهاباً، ومنذ احتلالها لبعض المناطق في العراق ظلت تنشر الموت وتنفذ أحكام الأعدام والقتل والصلب والإرهاب والقطع من خلاف بلا مسؤولية دينية أو أخلاقية أو إنسانية، وبنفس الكيفية والنهج والمنطق الذي ظلت القاعدة تتبعه وتمارسه، مستغلة أفرادها عبر التفسيرات والفهم الخاطئ لبعض آيات القرآن الكريم، التي ما أنزل الله بها من سلطان، وبقصد وتعمد استغلالاً للدين وعقيدة المسلمين.


من المؤكد أن الجهود الأمنية أثبتت فعاليتها وقدرتها في كشف الإرهابيين وملاحقتهم في كثير من دول ومناطق العالم، لكنها عجزت عن استئصال الفكر الإرهابي واقتلاع جذوره، لأنها ظلت تعمل وحيدة، في ظل غياب الجهود الأخرى إن كانت فكرية أو اجتماعية أو سياسية أو اقتصادية، وما تحذيرات خادم الحرمين الشريفين التي ما فتئ على ترديدها في كل مناسبة منذ أكثر من 8 سنوات، ودعوته للعمل الجماعي المشترك إلا دليل صريح أن اليد الواحدة لا يمكن أن تصفق مهما بلغت بها المهارة.


فعلى الرغم من مرور أكثر من 20 عاماً منذ إعلان الحرب على الإرهاب، فلا يزال هناك عدد ضخم من الإرهابيين والمنظمات الإرهابية في كثير من دول العالم، قادرة على فرض نفسها وممارسة جرائمها، والظهور كل مرة بوجه واسم جديدين، وهو ما يرسم تساؤلا عريضا "هل فعلاً كان العالم يحارب الإرهاب؟".