جاسر الجاسر

لا يمكن فهم المنطق السعودي الرسمي- إن وجد- فهو لا يتعامل مع القدرة بل بالسطوة الاجتماعية والاستعراض. معظم المسؤولين يستقطبون الدعاة، أما محبو الاستعراض فيقدمون النساء على من سواهن، علماً أن لا أحد يتجرأ فيجمع شيخاً وامرأة في مجلس واحد، إذ تتم الاستعانة بالكومبارس من المستنيرين سواء أكانوا سياسيين أو اقتصاديين أو مفكرين أو إعلاميين وكتّاباً لتزيين المجلس واستكمال الديكور.

&في كل مجلس رسمي، ادعى الاستنارة أو خالفها، ضيوفه الأساس هم المشايخ والنساء سواء تفرد بأحدهما أو راوح بينهما من دون اختلاط، بينما النخبة الافتراضية، مهما بلغ شأنها، تحتل المقعد الثاني لأن مهمتها لا تتجاوز تأكيد الاعتبارية للشيخ، أو تعزيز الانفتاح للمرأة وإن بقي شيء فهو التغني بهذه الروح النفاذة للمسؤول وقدرته على احتواء الجميع.

&المثقف في السعودية مجرد حالة ديكورية، مظهره أهم من شخصيته، ودوره تسويقي للفعل الأول، لأنه خارج الدائرة لا يحدث أثراً ولا أحد يسأل عن مصيره، ومدى هيبته كما هو حال الشيخ والمرأة.

&ثنائية المجتمع لا مكان ثالثاً فيها للمثقف فهو منذ بداياته، يسارياً وعروبياً وقومياً، وحتى مواطناً على الهامش، لم يكن له أثر حتى إن نصرته للمرأة ودورها تجاوزته، لأن الظن أن كل فعله فاسد ثم إن المرأة قيمة وسطوة، بينما هو مجرد حالة مناخية فكرية عابرة، فإن وصلت المرأة التفتت إلى الشيخ والسلطوي لأنهما القادران على منحها الحظوة والسلطة، فيما المثقف الذي كان يدفعها للأعلى مجرد رافعة تسيء إلى السمعة وتنسف كل فرصة.

&حين يتفضل مسؤول ما بلقاء جماعي يكون على يمينه شيخ أو امرأة بحسب خطه وتوجهه، أما المثقف الحاضر دوماً فهو أجير يهز رأسه، ويتلقى التعليمات ويشيد بالحوار الذي لم يكن طرفاً فيه.

&لا حاجة للدخول في الأسماء وسرد الشواهد، لكن لا مثقف ارتبط اسمه بأي فعل مع أي مسؤول مهما كان اتجاهه، ومع أنه داعم للنساء غالباً، ومعارض للدعاة كثيراً، إلا أنه يظهر دائماً في الخلفية مبتسماً وسعيداً أنه كان وسط النجوم وأصحاب السطوة، وجزءاً من الصورة يمكن الاستغناء عنه لولا جمالية وهيبة الكثرة.

&المثقف السعودي ليس شجاعاً، وإن أسهم في منح المرأة حظوظها الحالية، لأنه مثل المراسل والسائق لا يتجاوز دوره التوصيل والخدمة، وإن ظهر في المشهد عرضاً.

&المثقف السعودي لا دور له في التنوير، وإن أقام الجدار فصورته لا تتعدى كونه أجيراً يحضر حين الحاجة، ويغيب وقت الاستغناء، مجسداً حالة العمالة الفعلية التي تأتي بتأشيرة وتتبخر إن غاب ختم الموافقة عنها، ففي كل حال لها البديل المتاح.

&مثقفو الجوار لهم الأهلية والسطوة، أما في السعودية فكن شيخاً أو امرأة تنل حظاً وحضوراً، أما غيرهما فلك التهم كافة والظنون المتشعبة!
&