محمد خروب

&


&
قبل ثلاثة اسابيع من موعد انعقاد «حوار موسكو» الذي دعت اليه الخارجية الروسية، تزداد الشكوك بامكانية حصول حوار كهذا، بخاصة بعد ان جيء بالسوري التركماني (التركي الجنسية) خالد خوجة، على رأس ائتلاف اسطنبول في معركة انتخابية كانت معروفة النتائج سلفاً هدفت قطع الطريق على أمين عام الائتلاف السابق نصر الحريري وهو محسوب – كما هو معلوم – على عاصمة بدأت سياستها الاقليمية بالتحول الى مسار آخر..
واذا كانت الدعوة الروسية للحوار بين النظام والمعارضة الداخلية والخارجية، قد شكّلت فرصة سانحة لأطراف عديدة كي تصوب على موسكو وتوجه لها الاتهامات بأنها تريد تفتيت المعارضة وزرع الشكوك في صفوفها وارباكها (وكأنها كانت ذات يوم موحدة او خالية من الصراع على الاموال والامتيازات والكاميرات) فإن التصريحات «الصقورية» التي ادلى بها خوجة بعد «انتخابه» تضع حداً للتفاؤل بامكانية حدوث اي نوع من المراجعة في صفوف ثوار الفنادق متعددي الجنسيات والولاءات والمرجعيات، فضلاً عن امكانية لقاء معارضات الداخل والخارج على أهداف مشتركة تلحظ موازين القوى والاستخلاصات السياسية، التي ليس غير الأعمى، هو من يعتقد ان ما جرى في سوريا كان ثورة بقدر ما هي مؤامرة دولية واقليمية ارادت اعادة ترتيب المنطقة، وبالطبع ولأن سوريا هي بالفعل قلب العروبة النابض كما وصفها الزعيم الخالد جمال عبدالناصر فان تفتيتها هو الطريق الاجباري لهذه الخطة الجهنمية، التي لا تريد للعروبة ان تتصدر المشهد في المنطقة ولا لشعوبها ان تقرر مصيرها بنفسها، وتحافظ على سيادة أوطانها وثروات بلادها وحقوقها المشروعة..


من هنا، تبدو الأمور سائرة الى مزيد من التعقيد والتراشق الاعلامي الذي يقوده تيار الصقور الذي نجح (إقرأ نجحت أنقرة) في ايصاله الى سدة رئاسة الائتلاف، عشية الاتفاق التركي الاميركي على بدء تدريب قوات من المعارضة المعتدلة على الاراضي التركية, وهو «المشروع» الذي روّجت له واشنطن كي «تسحب» «انقرة الى حربها ضد داعش, لكن اردوغان ربط المشاركة هذه بالتعهد باسقاط الرئيس السوري عبر غارات التحالف لتشمل داعش وقوات النظام.. ما يعني أن ثمة ما هو خفيّ (حتى الان).
أن يرفض خوجا الذهاب الى حوار موسكو بالقول: انه ليس وارداً للائتلاف ولا لأطياف المعارضة (...) الحوار، من مبدأ التفاوض مع النظام، ثم يُسخِّف الدعوة الروسية ويقلل من شأنها, لمجرد «ان الائتلاف غير مدعو لموسكو (كأكبر) مظلة للمعارضة, يعني الاصرار على تهميش معارضة الداخل ومحاولة محكومة بالفشل لتعويم الائتلاف الذي ادرك صانعوه بأنه فشل في اداء مهمته, وأن الراهن السوري يشي بأنه تم تجاوز هذا الائتلاف, ليس فقط لأنه اثبت هشاشته وانعدام الخيال السياسي لقادته وانما ايضاً لأنه لم يعد له أي حاضنة شعبية ولا حتى اذرعة مسلحة, كتلك الاكذوبة التي سميت ذات يوم بالجيش الحر ثم هيئة الاركان وغيرها من التسميات التي اخترعها لهم ديغول سوريا الجنرال سليم ادريس الذي عيّن وزيراً للدفاع (...) في حكومة احمد طعمة المؤقتة!!
الكرة في ملعب المعارضة الداخلية لأنها هي المعنية الان بتقرير «مستقبلها» وتحديد دورها وما اذا كانت ستبقى في انتظار «عطف» الائتلاف بالاعتراف بها أو الحوار معها, كما هو مقرر في القاهرة قريباً واخضاعها لشروطه في رفض الذهاب الى موسكو, إلا على القاعدة التي حددها فخامة الرئيس خالد خوجة «بالاعلان عن المرحلة الانتقالية وترحيل النظام» (كذا).


لا تحتاج هيئة التنسيق ولا تيار بناء الدولة ولا غيرها من تشكيلات المعارضة الداخلية واطيافها، الى خاتم تصديق من ائتلاف اسطنبول، بعد أن بات يتيماً وبلا اصدقاء أو داعمين اللهم إلا اردوغان ودولته, والذهاب الى موسكو من قبل هيئة التنسيق وباقي الشخصيات التي وُجّهت لها الدعوة, هو الذي سيقرر مدى الذكاء والحنكة السياسية والوطنية التي تتمتع بها تلك الشخصيات والقوى, أما «النوم» على وسادة الائتلاف واعادة اجترار الاحلام والاوهام، فلن تخرج سوريا الدولة والشعب من الازمة الراهنة المتمادية فصولاً وليبق خالد خوجة في تفسيراته الهميانوية، لمبادرة المبعوث الدولي دي ميستورا ليصفها بأنها «مجرد أفكار» لم تصل الى مستوى الخطة، وعندما تصل – يواصل خوجة – يمكن للائتلاف ابداء وجهة نظره, ثم يمضي في الاتجاه ذاته واصفاً حوار موسكو بأنه كذلك .. مجرد افكار.


فهل تتجاوز معارضة الداخل «عقدة» الائتلاف؟
الايام القريبة.. ستروي.
&