سعيد السريحي

لم يكن أحد يصف منظمة الألوية الحمراء الإيطالية أو منظمة بادر ماينهوف الألمانية بالمنظمتين المسيحيتين، كما أن أحدا لم يكن يصف منظمة الجيش الأحمر اليابانية بالمنظمة البوذية، غير أن الجميع لا يترددون في وصف منظمة القاعدة ومنظمة داعش وما ينبثق عنهما من جماعات إرهابية بأنها منظمات وجماعات إسلامية، وهو الأمر الذي يبدو في ظاهره تشويها مقصودا للإسلام واستعداء عليه وتحريضا على المسلمين أيا كانت مواطنهم وأيا كانت مذاهبهم.


غير أننا لو فكرنا قليلا لوجدنا أن تلك المنظمات الإيطالية والألمانية واليابانية وغيرها من المنظمات التي نشط أكثرها في سبعينيات القرن الماضي وعانت كثير من دول العالم من أعمالها الإرهابية لم تكن تمارس نشاطاتها وتقوم بما تقوم به من قتل وتفجير وخطف تحت مسمى الدين مسيحيا كان أو بوذيا أو أي دين كان، كانت تلك المنظمات منظمات «مدنية»، إن صحت التسمية، لها أهداف حزبية أو اجتماعية أو وطنية تعلنها وتدافع عنها وتقوم بما تقوم به من عنف وقتل وتفجير متذرعة به، ولم تزج تلك المنظمات بالمسألة الدينية في أهدافها بل كانت فلسفتها والأيديولوجيا التي تبني عليها سياستها لا تخفي أنها منظمات لا دينية إن لم تكن معادية للدين.


غير أننا إذا ما نظرنا إلى الجماعات الإرهابية التي يعاني العالم اليوم منها ويصفها بالجماعات الإسلامية فإننا نجدها أنها هي من تصف نفسها بالجماعات الإسلامية وهي من تجعل الإسلام ذريعة وسببا لما تقوم به من قتل وتفجير وخطف وهي نفسها من تدعي أن ما تقوم به إنما تقوم خدمة للإسلام وإعلاء لشأنه وانتصار لأهله المستضعفين والمقهورين، ولذلك فإن ما يتم وصفها به من أنها جماعات إسلامية إنما هو اتباع لما وصفت به نفسها، وما ينبني على ذلك من تشويه لصورة الإسلام
ما يحدث من تشويه لصورة الإسلام واعتبار كثير من الغربيين وغيرهم أن ما يعانيه دولهم من إرهاب إنما هو هجمة إسلامية دينية تستهدف أمنهم واستقرارهم إنما هما نتاج لما تدعيه تلك الجماعات الإرهابية من انتماء للإسلام وعمل من أجل نصرة أهله.