&البرلمان يعيد دولة مبارك إلى الحياة… والدولة تفتح نيران الأسعار على فقراء مصر

حسام عبد البصير

فيما يتعرض الرئيس السيسي بشكل يومي لمزيد من الاختبارات المؤلمة، يصر العديد من الإعلاميين المناصرين له على تخريب العلاقة بينه وبين الجماهير، التي بدأت تشعر بأنه لا جدوى بعد أن أحاط بها اليأس من كل جانب، نتيجة تدهور الأوضاع بشكل بات يخيف حتى أنصار الرئيس شخصياً، الذين استقبلوه طيلة الأسبوع الماضي بحملات هجوم غير مسبوقة.
بالأمس قال أحد أنصاره من الإعلاميين «اضربوا الشعب بالجزمة»، حال رفضه لنتائج الانتخابات، وهو ما يعكس تدني الحوار العام لمستوى يسيء أولاً وأخيراً لمصر، ومن ثم النظام الحاكم، الذي فتح الباب على مصراعيه لآلته الإعلامية كي تهاجم كل من تسول له نفسه نقد قياداته، وهو ما يشير إلى ليل طويل ومستقبل محفوف بالمخاطر. وها هو الجنيه في حالة موت سريري، والذي كلف رئيس البنك المركزي منصبه، يزيد من غضب الجماهير الذين يكتوون كل صباح بفعل أزمات متتالية أفقدتهم الشعور بالامل نحو المستقبل، وهو ما كشفت عنه المقاطعة الشعبية الواسعة للجولة الثانية للانتخابات البرلمانية، التي أسفرت عن سقوط المزيد من الضحايا والعديد من المعارك الصحافية على النحو الذي سنرى:

هكذا ضيع النظام مصر في شهور

سقوط الجنيه مغشياً عليه أمام الدولار أصبح يهدد مصر بالمجاعة، لكن ما الأسباب التي تقود البلاد للكارثة؟ أشرف البربري في «الشروق» يتهم نظام السيسي مباشرة: «تصبح الدعوة إلى إعادة النظر في اندفاع النظام الحاكم إلى تنفيذ مشروعات ضخمة بدون دراسات جدوى كافية ومعلنة، لأن المشروعات الاقتصادية ليست أسرارا عسكرية، فبعد إنفاق نحو 1.5 مليار دولار على توسيع قناة السويس في سنة واحدة، والاستعانة بشركات أجنبية لتنفيذ نحو 75٪ من أعمال المشروع، اكتشفنا أن أوضاع التجارة العالمية متردية، وبعد انسحاب الشركة الإماراتية التي وقعت مذكرة تفاهم تنفيذ مشروع العاصمة الجديدة، نرى الحكومة مصرة على المضي قدما في تنفيذ المشروع بأموال الشعب غير الموجودة أساسا، وبدلا من اعتبار الفشل في استصلاح المليون فدان الأولى في العام الأول من حكم الرئيس السيسي، دليلا على عدم جاذبية المشروع، نرى الحكومة مندفعة إلى استصلاح ليس مليون فدان، وإنما مليون ونصف المليون فدان، وهو ما يعني وضع عشرات المليارات من الجنيهات في مهب الريح. ويؤكد الكاتب أن الصمت على خيارات نظام الحكم الاقتصادية ثمنه باهظ للغاية، ففي حين رفض المجلس العسكري برئاسة المشير حسين طنطاوي الاقتراض، أثناء وجوده في السلطة، نرى حكومة الرئيس عبدالفتاح السيسي مندفعة نحو الاقتراض الداخلي والخارجي بسرعة هائلة.
المشروعات الاقتصادية العملاقة ليست أسرارا حربية تكشف عنها الحكومة بشكل مفاجئ ويبدأ تنفيذها على الفور، ففي كل دول العالم مثل هذه المشروعات تكون محل نقاش كبير قبل اتخاذ قرار بشأنها. أما إنفاق عشرات المليارات من الجنيهات من أجل القول إن نظام الحكم يحقق إنجازات عملاقة، بدون عائد يتناسب مع ظروف البلد الاقتصادية فهو خطيئة كبرى لا يجب السماح باستمرارها.ولا يراهن الكاتب في قدرة البرلمان الجديد على مراقبة الحكومة، لأن كل المتنافسين على الفوز بمقاعد البرلمان سيتنافسون في إظهار الولاء والخضوع لرئيس الجمهورية».

مصر لن تنهض بالأغاني

ونبقى مع الانتخابات البرلمانية يحدثنا عنها ناجح إبراهيم في «المصري اليوم»: «لقد نسي المرشحون أن الأغاني الوطنية كانت تؤثر في الستينيات مع الحنجوري، لأنها كانت تساندها عدالة اجتماعية وطبقة متوسطة قوية، وكانت البطالة منعدمة.. وكانت المصانع تُبنى كل يوم، ولكنها تتوقف الآن عن الدوران منذ أربع سنوات، والدولار يرتفع والجنيه ينخفض.. ورغم ذلك أضر الإسراف في الأغاني الوطنية واللغة الحنجورية مصر كلها، التي أفاقت فجأة عام 1967 من حلمها العظيم بتحرير فلسطين، إلى احتلال سيناء والجولان والضفة، ولأول مرة القدس والمسجد الأقصى منذ أيام صلاح الدين الأيوبي، حينها أدرك الجميع أن الأغاني الوطنية والإعلام الحنجوري ليسا كافيين لتحقيق النصر في المعارك العسكرية والسياسية والاقتصادية والديمقراطية والتنموية.. إنها محفز فقط، فإذا أفرطنا في التحفيز، من دون عمل أو برامج أو إدارة جيدة، فإننا قد نصل إلى اللحظة التي ندم واكتأب فيها وحاسب نفسه عليها طويلاً الراحل صلاح جاهين، مع عبدالحليم حافظ حينما قال الأول للأخير: هل نحن خدعنا الناس أم أننا نحن الذين انخدعنا؟ ويشير إبراهيم إلى أن المرحلة الأولى في الانتخابات اتصفت بصفة عجيبة جداً، وهي أنها انتخابات الأغاني الوطنية، من دون برامج على الإطلاق، حتى أنني قلت لأحد المرشحين: لماذا لم تكتب برنامجاً انتخابياً؟ فقال: وهل إذا كتبته سيقرؤه أو يهتم به أحد؟ فهل ستدشن الأغاني الوطنية والإعلام الحنجوري برلماناً جيداً.. وهل ستُوجِد أمثال إبراهيم شكري أو صلاح أبو إسماعيل أو خالد محيي الدين أو محمود القاضي أو ممتاز نصار أو البدري فرغلي تحت قبة البرلمان الجديد؟».

إصلاح الأحزاب أهم من وئدها

هل الأحزاب السياسية في بلادنا مريضة؟ الإجابة: نعم والدليل كما يسوقه عمار علي حسن في «المصري اليوم» في ما جرى في الانتخابات البرلمانية السارية والجارية، فمرشحو الأحزاب بلغوا نصف أمثالهم من المستقلين، أما من نجحوا منها أو دخلوا جولة الإعادة فأقل من هذا بكثير.ويؤكد الكاتب أهمية أن نعالجها مستشهداً بتردي نسبة المشاركة في الانتخابات، «إذ لو كانت لدينا أحزاب قوية، كان بوسعها أن تصنع برامج سياسية متنافسة، وبدائل متعددة، فتجذب الناس إلى السياسة، ومن ثم إلى الانتخابات. في ضوء هذا هناك فرق واسع وشاسع بين نقد الأحزاب ونقضها. فالنقد واجب لأنه يروم تصويب الخطأ، وتصحيح المسار. أما النقض فأمر مكروه، لأنه يريد قتل الأحزاب، وبالتالي موت السياسة، بما يجعل الأمر في قبضة شخص واحد، أو جهة واحدة. وفي النقد نقول بوضوح إن أحزابنا ضعفت أو أنهكت بسبب عدةعوامل منها: أن صناعة الأحزاب نتاج تجربة المنابر التي أطلقها الرئيس الراحل أنور السادات في عام 1976، يمين ووسط ويسار، ولذا بدأت في كنف السلطة، لتؤدي دورا مرسوما لها بعناية، كزينة للحكم، تضفي عليه طابعا تعدديا شكليا. وكل حزب أراد في ما بعد أن يتمرد على هذه الصيغة المعوجة، تم ضربه من الداخل، وتضييق الخناق عليه حتى يعود إلى الحيز المرسوم صاغرا.
ومن الأسباب الأخرى التي يسوقها الكاتب تدخل أجهزة الأمن في التجربة الحزبية: فكل حزب أراد أن يطرح نفسه بديلا حقيقيا للحزب الحاكم (الحزب الوطني الديمقراطي) عبثت به أيدي أجهزة الأمن، وقامت بتأليب بعض قياداته على بعض، فانقسم إلى أجنحة متصارعة، كما أطلقت الشائعات حوله بما صنع له صورة سلبية في أذهان عموم الناس، واستغلت قانون الطوارئ في حجب الحزبيين النشيطين عن الجمهور. ولم تتركه هذه الأجهزة إلا وهو ضعيف مترنح».

برلمان بطعم الثورة

قلما تجد من يثني على انتخابات المرحلة الأولى للبرلمان، وما ستسفر عنه، لكن نصر القفاص في «اليوم السابع» تولى هذه المهمة: «إن انتخابات «البرلمان» حافلة بالإيجابيات والفوائد، وإننا بصدد «برلمان» تفوح منه رائحة ثورتي «25 يناير/كانون الثاني» و«30 يونيو/حزيران» رغم التصويت الأقل من المتوقع والمأمول.. ففي الجولة الأولى خرجت المرأة المصرية لتؤكد وعيها وفهمها واستيعابها لمعنى الديمقراطية، فقد ظهرت كناخبة تحرص على ممارسة حقها، لتؤكد ما سبق أن فعلته في عدة استحقاقات ديمقراطية، لكن الجديد هذه المرة أنها ترشحت خارج القوائم، وتمكنت من المنافسة بصلابة وجدارة، فاستطاعت أن تتقدم بأصوات الرجال والنساء لتنافس في 9 دوائر على الإعادة، إحداهن وصلت بأكثر من 49 ألف صوت في دمنهور، واثنتان منهن فرضتا نفسيهما على الرجال في دائرة إمبابة، إضافة إلى أخريات في العمرانية والإسكندرية وأبو النمرس وغيرها من الدوائر. يضيف الكاتب، عاد مرة أخرى المواطن المصري- المسيحي- لينافس على مقاعد الفردي في 6 دوائر، وكلهم يمتلك حظوظا كبيرة في الفوز لتصدرهم بعدد أكبر من الأصوات، كما تمكن الشباب من قهر «عتاولة» المرشحين في أكثر من دائرة ساخنة، لنجد هؤلاء يتزاحمون، بل يتقدمون المنافسة على المقاعد الفردية، لعل هيثم أبوالعز الحريري، وكذلك إبراهيم عبدالوهاب في الإسكندرية نموذجان، وفعلها جون بشري في المنيا، ومحمد محمود ياسين في الأقصر، والقائمة طويلة لشباب خاضوا التجربة للمرة الأولى، كذلك فرض أصحاب التاريخ الناصع أنفسهم على المال والعصبية كما فعل طارق السيد وخالد مجاهد وباهي الروبي وياسين عبدالصبور وعمر غنيمي من دون تحديد للدوائر لأنها تتفاوت بين الإسكندرية وأقصى صعيد مصر، حيث دائرة «نصر النوبة»! ورغم الدعاية الصاخبة والحشد الإعلامي الهائل نجحت قائمة «في حب مصر» بعد منافسة شديدة الشراسة، وكم كان هذا مذهلا ذلك السقوط المدوي لحزب النور».

سلاح الدين هل فقد جاذبيته؟

نتائج المرحلة الأولى من الانتخابات البرلمانية تحمل رسالة واضحة إلى كل من يهمهم الأمر، وهى أن هذا الشعب «معدش ينضحك عليه بالدين» وهو ما يؤكده محمود خليل في «الوطن»: «الحزب الأكبر الذي امتطى صهوة الدين وردد عبر الأسابيع الماضية أنه المدافع الأوحد عن الشريعة الإسلامية، ودعا الناس إلى انتخابه، دعماً لدوره في الحفاظ على شريعة السماء، لم يلتفت إليه أحد، بل يمكن القول إن الناخبين أسقطوه في المرحلة الأولى، والبقية تأتي في المرحلة الثانية. إنه حزب «النور» الذي أخذ يبرر فشله بالتأثيرات السلبية للدعاية السوداء، التي قامت بها جماعة الإخوان من ناحية، وهجوم الأحزاب الليبرالية عليه من ناحية أخرى، بل أخذ بعض المحللين يزعمون أن السر في تراجع «النور» يرتبط بعدم دعم التيارات السلفية له. المسألة ليست في الإخوان، ولا في الليبراليين أو السلف، المسألة ببساطة أن التلاعب بالمشاعر الدينية للناس أصبح جزءاً من الماضي، وأن التجارة بالدين أصبحت شديدة البوار في سوق المصريين. وخيرٌ لمن احترف هذه «الشغلانة» أن يبحث لنفسه عن «شغلانة تانية»! فشلت الدعاية المستندة إلى التجارة بالدين في جذب القلة التي ذهبت للإدلاء بصوتها إلى حزب «النور»، و«ضلّمت» له النتائج. وينسحب الأمر نفسه على بقايا جوف البطن السياسي المصري ممن حاولوا حث المحتجين الصامتين من أبناء المحروسة على ترك «الكنبة» والنزول للانتخاب، ممن ظنوا أنهم يقدمون بذلك خدمة للسلطة! هؤلاء المشايخ الذين خرجوا على شاشات الفضائيات «مطنطنين» بالشعارات الدينية لحث الناخب على النزول. ووفقاً للكاتب قال أحدهم، إن تارك الانتخابات لا يقل إثماً عن تارك الصلاة».

أحزاب للبيع وأخرى للإيجار

ونبقى مع تجليات الانتخابات التي يعتبرها عادل أديب في «الوطن» فرصة لسرد واقع الاحزاب: «أعتقد أننا وصلنا إلى مرحلة نكاد فيها نرى إعلاناً في قسم الإعلانات التجارية المبوبة، يعلن فيه رئيس أحد الأحزاب بالقول: «حزب مرخص من لجنة الأحزاب، سليم الأوراق والمستندات، لديه اسم معتمد، وشعار خاص به، ومقر رئيسي «بالجدك» و3 خطوط هاتف أرضي، يبحث عن مستثمر جاد من أجل دعمه والإنفاق عليه وتوفير أكبر عدد ممكن من الأعضاء». ويؤكد أديب أنه في مصر لدينا 105 أحزاب رسمية، أتحدى أي قارئ يعرف أسماء عشرة أحزاب منها غير الوفد، والنور، والتجمع، والمصريين الأحرار. من ضمن هذه الأحزاب هناك 15 حزباً ينفق عليها رجال أعمال يلعبون دور الممول. ولا يوجد حزب واحد، وأكرر حزب واحد، لديه برنامج متميز أو مختلف، ولا حزب يرفض القطاع العام ويطالب بإلغائه، ولا حزب يطالب بالتأميم! لا يوجد لدينا حزب يطالب بتطوير معاهدة السلام مع إسرائيل، ولا يوجد لدينا حزب يطالب بإلغائها! ولا حزب يطالب بسيطرة الدولة على مقدرات التعليم والصحة، ولا يوجد لدينا حزب يطالب بتحريرها من أي دور حكومي! لا حزب يدعو إلى تطوير بطاقات التموين وزيادة المنتفعين بها، ولا يوجد لدينا حزب آخر يطالب بإلغائها! الجميع تقريباً يمر مرور الكرام في برامجه على الأهداف والمعانى والمواقف نفسها، من دون وجود فوارق جوهرية تجعل لبرنامجه رؤية خاصة به وجمهوراً موالياً له. إنها أحزاب بلا برامج، مجرد هياكل ومقرات وترخيص وقيادات تظهر صورها على قائمة الانتخابات وفي المقابلات الرسمية مع كبار المسؤولين. ويؤكد الكاتب أن هذه الأحزاب الوهمية لا تخلق أنصاراً، ولا تطور أفكاراً».

الأمر ليس بهذا السوء

لم يكن مشهد الإقبال على الانتخابات في الجولة الأولى مطمئناً أو عظيماً، إلا أنه لم يكن كارثياً أو محبطا أيضاً،هكذا يؤكد رئيس تحرير الأهرام محمد عبد الهادي علام: «فالمواطنون العاديون انصرفوا عن متابعة السياسة بعد ثلاثة أعوام من الضجيج والصخب، ووضعوا ثقتهم في الرئيس عبد الفتاح السيسي… وسواء كان الأمر عن وعي أو بدون وعي، يترجم هؤلاء المواطنون مشاركتهم السياسية وفقا للوضع العام في الدولة ودرجة الاستقرار الأمني، فهم ببساطة يميلون إلى ترك الأمر في يد السلطة التنفيذية، عندما لا تتوافر الثقة في أطراف العملية السياسية، خاصة أن التجربة مع الأحزاب ليست على ما يرام في العقود الأخيرة. أيضاً، لم تكن الحكومة لا السابقة ولا الحالية مقنعة في أدائها للكثير من المواطنين، ولم تترجم الكثير من تصريحات الوزراء إلى واقع فعلي، وباستثناء النجاحات التى يحققها الجيش والشرطة في ملف مكافحة الإرهاب ومواجهة العنف الدموي، ضد أبناء الشعب في الداخل، لم يكن للحكومات المتعاقبة بعد 30 يونيو/حزيران تأثير مباشر على تحسين أحوال المعيشة بشكل مرض للناس أو تحقيق تقدم في مجال الخدمات العامة والصحة والتعليم يمكن أن يضاف إلى رصيدها، وبالتأكيد ما سبق ترك أثرا سلبيا مباشرا على إقبال الناخبين على التصويت. لا يكفى أن نملأ الدنيا صراخا عن عزوف الجماهير عن التصويت وعدم اكتراثها، مثلما تفعل بعض وسائل الإعلام ليل نهار، من دون أن نستوعب الأسباب الحقيقية وراء النسبة الضعيفة أمام الصناديق وغياب الشباب عن المشاركة على نطاق واسع، واستمرار ظاهرة الحضور الطاغى واللافت للنساء وكبار السن في كل الدوائر، والأخير لا يمكن تفسيره في ضوء «التنظيرات» العقيمة التى تخرج بها بعض القوى الرافضة للمسار السياسي التي تحاول الإيحاء طوال الوقت بوجود رشاوى انتخابية تقدم للبسطاء من أبناء الشعب مقابل أصواتهم.

غابوا لأن السيسي خذلهم

كان غياب الشباب عن المشهد الانتخابي، كما يشير في «الأهرام» فاروق جويدة أخطر ما ظهر فيه: «لم يجد هؤلاء يدا ممدودة إليهم من السلطة أو القوى المدنية ممثلة في الأحزاب وشعر الشباب بأنهم في موقف الدفاع عن النفس أمام احزاب كرتونية وقوى ظلامية تديرها أياد وأموال خبيثة، وسلطة أخذت جانبا منهم، رغم أنها كانت نتاج ثورة من صنع هؤلاء الشباب، لم يكن ابتعاد الشباب عن الانتخابات البرلمانية شيئا غريبا، بل كان رد فعل طبيعي أمام اتهامات العمالة والتسجيلات المريبة والإدانات المتلاحقة التي طاردت هذا الجيل من الشباب..على الجانب الآخر وجد هؤلاء الشباب حشود الفلول ورموز النظام السابق يتصدرون المشهد مرة أخرى في مواقع المسؤولية أو سلطة القرار، وكان الأخطر من ذلك كله عودتهم إلى العمل السياسي من خلال البرلمان الجديد.. في الوقت الذي تحمل فيه جيل الشباب مهمة إسقاط نظامين وخلع رئيسين، كان الإقصاء والتهميش، بل والإدانة هي الثمن الذي حصلوا عليه أمام أحزاب سياسية مفككة.. وأمام فلول سياسية عائدة.. وأمام قوى سياسية تسترت وراء الدين لكي تمارس لعبة سياسية فاشلة، وأمام إعلام تجاوز كل الحدود في سطحيته وسوء أهدافه واتهاماته المغرضة. انسحب الشباب تاركا الساحة كلها بما في ذلك انتخابات البرلمان الجديد، فلم يشارك فيها وبقي بعيدا عن هذا السباق.. كان الشباب يتألم وهو يرى رفاق مشواره خلف القضبان في محاكمات عشوائية أدانت جيلا بأكمله، في ثورة شهد العالم كله بأنها كانت حدثا تاريخيا عظيما.. إن ابتعاد الشباب راغبا عن الانتخابات كان رسالة للجميع.. هو رسالة للدولة التي فتحت الأبواب لفلول النظام السابق، وأعطت الإعلام فرصة أن يدمر هذا الشباب بالدعاوى والأكاذيب.. وهي التي فتحت أبواب السجون لمن كانوا بالأمس ثوارا.. بل أكثر من هذا أنها سمحت لأبواق الإعلام بأن تلصق التهم لجيل كامل من الشباب ما بين العمالة وفساد الذمم. ثانيا: على الجانب الآخر كانت جموع الشعب المصري تنتظر انفراجة لأحوالها المعيشية والاقتصادية. الدولة أنجزت مشروعات كبرى في قناة السويس والطرق وبعض الخدمات، وأعادت الاستقرار إلى الشارع المصري وخاضت معركة شرسة ضد حشود الإرهاب، ولكن الأسرة الفقيرة لم يصل إليها شيء.. الأبناء مازالوا في بيوت الآباء، حيث لا عمل ولا سكن ولا أسرة ولا مستقبل، وحتى أسر الشهداء لم يجدوا التقدير المناسب من الدولة، وفي الوقت الذي يعاني فيه فقراء مصر من الظروف الصعبة، فتحت الحكومة نيران الأسعار على فقراء هذا الشعب في أسعار البنزين والكهرباء والخدمات والطعام والمدارس والمستشفيات والسكن، ولم تصل ثمار أي مشروع كبير أخذ المليارات، إلى الطبقات المحرومة».

ليس أمام الفلسطينيين حل آخر

البركان الفلسطيني الأخير يدق ناقوس الخطر، بانفجار أكبر في الأراضي العربية المحتلة، طالما ظل الوضع على ما هو عليه، احتلال يتوسع ويستمر في قمع الشعب الفلسطيني، واستراتيجية لابتلاع جميع الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية وأطراف قطاع غزة، ومحاصرة الحرم القدسي بالمستوطنات هذا ما قاله الكاتب كريم عبد السلام في «اليوم السابع» مواصلا كلامه، «بالإضافة إلى استقطاب العملاء من الفلسطينيين وتنشئتهم على أن يكونوا قادة المستقبل، الذين يشغلون مقاعد القيادة، فيحدثون الانقسام بين فئات الشعب ويضغطون على الفلسطينيين باليأس والصمت. لكن الشعب الفلسطيني الحي الباقي الذي يعرف مصيره ويحفظ قضيته الأساسية، ينقلب في لحظة على كل سيناريوهات الخيانة والعمالة والاحتلال الغاشم بحلول نضالية مبتكرة، تضع الاحتلال ومناصريه في الزاوية، وتكشف عجز القيادات التابعة التي لا تستحق مكانها، ولا تسهم إلا في إضعاف الشعب الفلسطيني. انتفاضة السكاكين ترعب الآن الاحتلال الإسرائيلي، وتهز اقتصاده بقوة، وبحسب مصادر الإعلام الإسرائيلي نفسه، تراجعت قوة العمل المنتظمة بنسبة ثلاثين في المئة، أي أن ثلاثين في المئة من الموظفين والعمال يخافون الذهاب إلى أعمالهم، ولو استمرت الأوضاع على ما هي عليه ستزداد النسبة، وستضطر الدولة العبرية للتفاوض حتى توقف امتداد الانتفاضة لجميع الأراضى المحتلة، فهل الجانب الفلسطيني مستعد لهذه اللحظة؟ ويتساءل كريم: هل لدى القادة الفلسطينيين الآن القدرة على استثمار انتفاضة السكاكين سياسياً، بما يحقق المكاسب المأمولة للشعب الفلسطيني، ويستعيد الحقوق المسلوبة؟ أم أن على الشباب الفلسطيني أن يزيح القادة الموجودين حالياً في الضفة والقطاع وأن ينتخب ممثلين جدداً يناسبون اللحظة النضالية الراهنة، ويستطيعون حقاً التعبير عن معاناة الفلسطينيين وطموحاتهم؟».

عامر ليس بيده عصا موسى

ونعود لأزمة تدهور الجنيه التي كانت سبباً في رحيل هشام رامز من رئاسة البنك المركزي وتولي طارق عامر المنصب فهل يكون هو المنقذ؟ يتساءل طه خليفة في «المصريون»: «مهما كانت قدراته، فقد لا يقدر على تقديم الشيء الكثير، لأنه يعمل في مناخ وسياسات عامة في البلاد، فالجنيه يتهاوى لأنه لا توجد عملات أجنبية تدخل البلاد تقوي مركزه، سواء من التصدير، أو السياحة، أو تحويلات المصريين في الخارج. أما دخل قناة السويس من النقد الأجنبي فهو معروف ومحدود، وهو يرتبط صعودا وهبوطا بحركة التجارة البحرية العالمية، وقناة السويس الجديدة لم تضف شيئا مهما للآن، واتصور أنها لن تضيف في الأجل القريب، فكل ما فعلته أنها قللت عدد ساعات عبور السفن، من دون زيادة عددها، ازدهار أو ركود القناة مرتبط بالنشاط التجاري البحري عالميا، وللأسف هو في حالة تباطؤ حاليا، بسبب الأزمات الاقتصادية التي تخيم على بلدان عديدة في العالم، وبسبب الصراعات والحروب. ومساعدات دول الخليج وتحديدا السعودية والإمارات والكويت لمصر توقفت بعد مليارات دفعتها، ونحتاج أن نعرف قيمتها بالضبط، وأين هي؟ أو أين أنفقت؟ وماذا كان أثرها على الاقتصاد؟ والمتداول أنها مبالغ كبيرة كان يمكن أن تنتشل الاقتصاد من عثرته في حالة عدم وجود أزمة سياسية، ووجود حياة طبيعية في مصر، لكن الأموال ذهبت إلى ما ذهبت إليه، وبقيت الأزمة، بل تزداد خطورة. دول الخليج في أوضاع مالية صعبة، لا تمكنها من ضخ المزيد من الأموال في شرايين الاقتصاد المصري، فأسعار النفط متهاوية، وحرب التحالف التي تقودها السعودية في اليمن تستنزف أموالا كبيرة، وهذه الدول لديها شعوب تسأل لماذا يجب أن نواصل ضخ أموال؟».

انقذوه يرحمكم الله

ولازالت الدعوه لدعم العملة الوطنية مستمرة، وها هو محمد الهواري في «الأخبار» يستغيث: «لماذا تراجع الجنيه المصري بهذه الصورة الحادة التي لم يسبق لها مثيل؟ ولماذا أيضا تراجع الاحتياطي من النقد الأجنبي إلى ما هو فيه حاليا؟ أين تحويلات المصريين في الخارج؟ ما هي الحرية الممنوحة للبنوك لاستقبال النقد الأجنبي؟ ولماذا نضع حدودا لإيداع الدولار في البنوك؟ وما هو دور شركات الصرافة في الأزمة الحالية؟ تساؤلات كثيرة تحتاج لإجابات عاجلة من الحكومة والبنك المركزي.. فالتدهور الذي حدث للجنيه لا يعكس نجاح مؤتمر مصر الاقتصادي في شرم الشيخ.. ولا يعكس افتتاح قناة السويس الجديدة، التي تم حفرها في عام واحد.. ولا يعكس أيضا اتجاه مصر لتنفيذ حزمة من المشروعات الكبرى.. فهل السبب يرجع إلى أزمة الاستثمار وعدم تحسين مناخ الاستثمار بالشكل الجيد وعدم تقديم حوافز للمستثمرين؟ أم هي أزمة الطاقة التي تسببت في توقف العديد من المصانع؟ أم تقاعس رجال الأعمال عن إدخال مدخراتهم الضخمة من العملة الصعبة في الخارج إلى البــــلاد وعدم مشاركتهم في ضخ استثمارات جديدة؟ أم هو الاستيراد السفهي الذي أدى إلى تآكل احتياطياتنا من العملة الصعبة؟ أم هو الإصرار على سياسات نقدية خاطــــئة، من دون وجــــود بدائل تسمح بحرية أكبر لتداول العملة الصعبة بدلا من تداولها خارج البلاد.
وبحسب الكاتب فإن الاقتصاد المصري ينمو ولكن ببطء شديد.. بسبب الضغوط والتحديات الموجودة والعقــــبات الكثيرة أمام تدفق الاستثمارات المحلية والخارجية.. لذا أناشد الرئيس للتدخل العاجل لوقف تدهور الجنيه من خــــلال قرارات وإجراءات قد تبدو صعبة ولكنها إجراءات إصلاحية عاجلة تضخ مزيدا من النشاط في الاقتصاد المصري وتعطي ثقة أكبر للمستثمرين وتفتح المجال لإقامة آلاف المشروعات الصغيرة في كل المحافظات حتى يعود الجنيه المصري إلى سابق قوته».

يقتلون البشر ويدافعون عن الحيوانات

ونعود للهجوم على الحكومة والنظام الذي بني على حساب الإخوان ويقوم بالهجوم رضا حمودة في «الشعب»: «فرز الانقلاب الذي جرى في مصر في الثالث من يوليو/تموز 2013 حالة من التبلد المريب في المشاعر نحو المخالفين في الرأي، إلى حد الانسلاخ التدريجي من الفطرة الإنسانية التي فطر الله الناس عليها، والاستقالة من الضمير الذي يميز المرء عن غيره من المخلوقات لا سيما الحيوانات. استطاع نظام الانقلاب أن يفرض انقساماً عميقاً بين طوائف الشعب، من شأنه أن يهدد السلامة والأمن الاجتماعيين لشعب طالما تفاخر بمتانة وقوة نسيجه الاجتماعي لآلاف السنين، ما يجعله عصياً على التفتت والاقتتال الأهلي الداخلي، ويهدف النظام من وراء ذلك إلى التغذي على تلك الحالة من الانقسام، الذي يفتح الباب واسعاً أمام عدم تداول سلمي وديمقراطي للسلطة، فضلاً عن اختلاق عدو يسمى «الإرهاب» للفصيل المعارض له من حيث المبدأ، فيظل يتاجر بهذا الوهم ويصدره للغرب ليحصل من خلاله على شرعية دائمة وزائفة. ونجح الانقلاب إلى حد بعيد في تغذية مشاعر الكراهية بين الموالين والمعارضين لانقلاب 3 يوليو، إلى حد التشفي والشماتة في قتل وسحل وحرق واغتصاب وتعذيب والتنكيل بكل معارض لسلطة 3 يوليو ولبقرة 30 يونيو/حزيران المقدسة، وتمنى استئصال شأفة المعارضين بأي ثمن، وتحت أي مسمى، حتى يستقر له المقام على عرش السلطة، عبر خطاب إعلامي مقزز وممنهج يرفع شعار «أنا ومن بعدي الطوفان»، وأكد على هذا المعنى الإعلامي المقرب من دوائر الانقلاب عمرو أديب، عندما قال منذ عام، نصاً «مستعدين نجيب عاليها واطيها» حتى لا يعود الإخوان للحكم بطبيعة الحال. شمتت الحيوانات البشرية في كل مذابح الانقلاب بحق المعارضين نكايةً في الإخوان المسلمين، وكان أبرزها مجزرة «رابعة العدوية والنهضة»، حتى صار الدم ماء، عبر خطاب إعلامي تحريضي مسعور يحرض على إراقة الدماء علناً وعلى الهواء مباشرة، وبعيد كل البعد عن أدنى معايير المهنية وميثاق الشرف الصحافي والإعلامي. نجح الانقلاب في تحويل قطاع من مؤيديه بعد 3 يوليو إلى قطعان يتعطشون للدماء. المثير بحسب الكاتب أن القطاع النخبوي الموالي للانقلاب ما برح يلوك عبارات الحرية والمساواة والتعددية السياسية، والأنكى التباكي على حقوق الحيوان «قضية مقتل الكلب إكس الشهيرة»، في الوقت الذي يرقصون فيه على نغمات «تسلم الأيادي» على دماء كل معارض للانقلاب».

«بداية» لا علاقة لها بمرسي ولا السيسي

ومن تقارير امس ما صدر عن حركة «بداية»، التي صدر حكم بتجميدها، حيث أكدت أنها لن تتراجع عن أهدافها حتى يتم الإفراج عن المعتقلين وإعادة هيكلة الداخلية وإلغاء قانون التظاهر، حتى بعد أن صدر الحكم من محكمة الأمور المستعجلة بحظرها والحجز على ممتلكاتها، مشيرة إلى أنها ستستمر حتى تقضي على النظام المستبد كما وصفته. كانت محكمة الأمور المستعجلة بعابدين، قضت يوم أمس الخميس، بحظر حركة «بداية» والتحفظ على جميع ممتلكاتها، ومصادرة مقراتها داخل الأراضي المصرية، واستند الحكم إلى الدعوى المقامة من المحامي أشرف فرحات، الذي أكد فيها أن حركة «بداية» ليس لها أي سند قانوني؛ فهى ليست جمعية أو حزبًا، فضلاً عن دعمها لجماعة الإخوان. واعتبر المحامي أشرف فرحات، أن الهدف من تأسيس «بداية» خلق غطاء سياسي تستطيع من خلاله حركة «شباب 6 إبريل» تنفيذ مخططاتها التآمرية لنشر الفوضى في البلاد، والظهور بشكل جديد للتحايل على القانون، بسبب صدور حكم الأمور المستعجلة بحظر أنشطة 6 إبريل داخل مصر، ومصادرة كل ممتلكاتها ومقراتها. فيما اعتبر محمود السقا المتحدث الإعلامي لحركة «بداية»، أن «الحكم الصادر اليوم بحظر الحركة هو أكبر دليل على أن النظام الذي يحكم الآن هو نظام فاشل وقمعي ومستبد، مشيرًا إلى أن الحكم بالحجز على الممتلكات أمر مضحك، فكل ممتلكات الحركة هو صفحتها على الفيسبوك». وأضاف السقا، في تصريحات إلى «المصريون»، أن «الحركة مستمرة حتى يتم الإفراج عن كل المعتقلين»، مشيرًا إلى أنه «ليس لها أي اتجاه، فهي لا تتبع من يقول إن مرسي سيعود، أو أن السيسي ممثل الثورة، مؤكدًا أنهم مستمرون حتى يسقط كل نظام مبارك».

&