&«الإخوان» يرفضون مبادرة «6 أبريل» ويشترطون للحوار تبنيه عودة مرسي ورحيل السيسي… أحزاب تتهمهم بالعبث والانعزال عن الواقع… وقيادي سلفي يطالبهم بترك المشهد السياسي


منار عبد الفتاح

بدت التعقيدات في المشهد السياسي المصري مرشحة للاستمرار إلى إشعار آخر بالرغم من ظهور دعوات وأفكار لتسوية سياسية بين النظام وجماعة «الإخوان» مؤخرا. ففي أول تعقيب على مبادرة حركة «6 أبريل» التي دعت إلى عدم التظاهر في الذكرى الخامسة لثورة 25 يناير/كانون الثاني والحوار مع النظام بهدف تشكيل حكومة تكنوقراط، والبدء في ترسيم العلاقات المدنية العسكرية، قال مكتب جماعة الإخوان المسلمين في الخارج، إنه «يوافق على أي حوار يتبنى رحيل نظام الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي»، وهو ما اعتبر رفضا ضمنيا للمبادرة، فيما اتهمتها أحزاب بـ»العبث للانعزال عن الواقع السياسي» وطالبها القيادي السلفي عاصم عبد الماجد بالتنحي عن قيادة المظاهرات وترك المشهد السياسي.


وقال القيادي الإخواني عمرو دراج، وهو وزير سابق للتخطيط والتعاون الدولي في عهد الإخوان، على «فيسبوك»: «نرفض تحول ثورتنا إلى حوار سياسي يشرعن النظام الانقلابي»، وشدد دراج على أنه «لا تصالح مع من تورط في الدم وسرق إرادة الشعب»، مضيفا: «رئيسنا الشرعي محمد مرسي».


وأوضح بيان الجماعة «إن النظام الانقلابي غير أمين على أمن البلاد وحريتها وهو يفرط في أمنها القومي بعدما عصف بالحريات ونكل بمعارضيه، وإن مكتب الإخوان المسلمين المصريين في الخارج يؤكد أننا ماضون في طريق ثورتنا حتى منتهاها، وأنه لن يكون هناك تصالح على دماء الشهداء، وان مسألة الشرعية مسألة لا تفاوض عليها، فرئيسنا هو الدكتور محمد مرسي وأي محاولة للمزايدة في هذه النقطة غير مقبولة وتلزم صاحبها.
وعلى الجميع أن يدرك أنه لا مستقبل لهذا الانقلاب، وأنه سيسقط بإذن الله وتوفيقه، وأننا ماضون في العمل على امتلاك كل الأدوات التي تحقق ذلك وستظل تضحيات وصمود أبناء الثورة وفي مقدمتهم الشباب والرئيس الشرعي المنتخب هي الشعلة في هذا الطريق، ويجب أن نعلم أن مصر بعد سقوط الانقلاب ومنظومة الفساد والاستبداد لديها من التحديات الجسام ما هو أولى بالاهتمام والنظر وبذل الجهد والوقت، لذا وجب على الجميع ألا يدخل في صراع شخصي أو معارك وهمية، فالزعامة الحقيقية هي لهؤلاء الشهداء الذين قضوا نحبهم دفاعا عن دينهم ووطنهم وهؤلاء المعتقلين الذين لم ولن يلينوا وسيظلون ـ ونحن معهم ـ على عهدنا على كسر الظلم».
واختتم بالقول» إن الحملة الممنهجة التي يقودها البعض ضد د. عمرو دراج، مسؤول الملف السياسي بالمكتب، لا تليق بمن يدافع عن الثورة، فموقف د. عمرو دراج هو موقف الإخوان المسلمين نفسه ومكتبهم في الخارج، وهو أننا ماضون لإتمام ثورتنا حتى منتهاها والعمل على تحقيق كل أهدافها، وفي مقدمتها عودة الرئيس الشرعي المنتخب الدكتور محمد مرسي».
وقال الدكتور سعيد صادق أستاذ علم الاجتماع السياسي في تصريحات خاصة لـ«القدس العربي» إن «رحيل السيسي يعني الفوضى والمعارضة نفسها غير جاهزة في حال رحيل السيسي، فإذا افترضنا رحيله فمن سيكون البديل له؟ فالمعارضة غير جاهزة ولا الحكومة جاهزة ولا المجتمع ولا الأمن ولا الاقتصاد، فهذا يعد حديثا غير واقعي، ومشكلة الإخوان في انهم يعيشون في واقع خيالي». وأوضح «ان هناك في مصر مشاكل اقتصادية كبيرة ولكن السيسي ليس سببا فيها ولكنها موروثة من النظام السابق».
وأضاف « المعارضة في الخارج ليس لها قواعد ثابتة في مصر، كما أن المعارضة داخل مصر منفصلة وغير مجتمعة على رأي واحد، فالإخوان عاجزون في الوقت الحالي عن حدوث مليونية أو مظاهرات الجمعة».
وأكد « لا أعتقد أنه سيكون هناك تصالح مع جماعة الإخوان في الوقت الحالي أو مستقبلا، وكان من الممكن أن يستفيد النظام في الوقت الحالي من ضربات فرنسا وأن العالم كله يعيد النظر في التيار الإسلامي السياسي كله، بمعنى أنه لو تمت أحكام الإعدامات في الوقت الحالي فلن يحاسبه أحد، فأوروبا تعيد النظر في هذا الأمر والنظام بالطبع مستفيد من هذا».


وشن عدد من الأحزاب السياسية هجوما علي بيان جماعة الإخوان، وقال المتحدث الرسمي لحزب المصريين الأحرار شهاب وجيه، في بيان له أن إعلان تمسكهم بعودة الرئيس محمد مرسي إلى الحكم مجرد عبث، مشيرا إلى أن هذه الدعوات تؤكد انعزالهم عن الواقع السياسي الذي تعيش فيه مصر حاليا. وتابع «أن هذه الدعوات غير منطقية فهناك رئيس منتخب ودستور جديد ونواب تم انتخابهم من قبل الشعب المصري وعودة الإخوان مرة أخرى إلى الحياة السياسية متعلق بعدة أمور بينها القضايا التي يحاكم فيها أغلب قيادات الجماعة والتصالح مع الشعب المصري بعد أحداث العنف والإرهاب التي شهدها الشارع».


وعلق خالد داوود، المتحدث السابق لحزب الدستور في تغريدة له على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» قائلا «إن الإخوان لا يريدون أن يتفهموا أن أغلب الشعب المصري كان رافضا لسياسات مرسي»، وتابع «كده ما فيش فايدة، الإخوان مش قادرين يفهموا إن غالبية الشعب مكنش عايزهم، وإنه حتى لو ما فيش رضا بأداء الرئيس الحالي، ما حدش حيخرج زي مجاديب الإخوان» ويقول: «مرسي راجع».


وفي السياق نفسه قال اللواء أمين راضي، نائب رئيس حزب المؤتمر إن الإخوان أصبحوا خارج الحسابات ويحاولون العودة مرة أخرى عن طريق تلك التصريحات الغريبة التي ليس لها أي جدوى على أرض الواقع ولكن يحاولون الظهور في وسائل الإعلام.


وأضاف أنه مضى على عزل مرسي أكثر من عامين ونحن الآن لدينا رئيس منتخب ودولة جديدة بكل مؤسستها وتلك البيانات مجرد سذاجة سياسية فالإخوان كان أمامهم فرصة ذهبية للحكم ولكن أضاعوها وحاولوا تدمير الدولة وتغيير هويتها لذلك رفضهم الشعب وثار عليهم في 30 يونيو/حزيران في ثورة شعبية.
وقال أحمد بان، الخبير في شؤون الجماعات الإسلامية، في تصريحات له تعليقا على بيان الإخوان الذي أعلنت فيه الجماعة تمسكها بعودة الرئيس المعزول محمد مرسي أنه في إطار الصراع بين المجموعة القديمة بقيادة محمود عزت نائب المرشد العام للجماعة والجديدة بقيادة محمد كمال تلميذ محمد وهدان، وأضاف أن المجموعة الجديدة تحاول أن توكد أنها أقنعت عمرو دراج القيادي بالجماعة بالانحياز لموقفها بعد ما روج للمجموعة التي لا تؤمن بالعنف وهذه المجموعة لازالت تؤمل في مجموعة ثورية تركبها للعودة للحكم في إطار الرد على محمود عزت.
وطالب عاصم عبد الماجد، أحد مؤسسي الجماعة الإسلامية، والقيادي في تحالف دعم الإخوان في الخارج، في بيان له عبر صفحته على «فيسبوك»: جماعة الإخوان بالابتعاد عن المشهد السياسي وعدم تصدر دعوات التظاهر خلال الفترة المقبلة. وقال «الثورة زلزال أو طوفان أو بركان، لا تحدث بقرار من أحد، والجماعات لا تحدث ثورات الجماعات قد تقوم باحتجاجات وضغوط، ولو حاولت جماعة الإخوان أن تفرض على الناس رؤيتها أو شعاراتها أو أهدافها سينتهي الأمر سريعاً ويخسر الجميع».
وتعليقاً على ما سبق، قال الدكتور حسن نافعة، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة: «إن كافة الظروف غير مهيأة للمصالحة، لا من جانب جماعة الإخوان ولا من جانب النظام»، وتابع «نسير في طريق مسدود ومجهول، ويحتاج إلى جهود مضنية نحو إعادة الأمل من جديد».
فيما اعتبر محمد حبيب، نائب المرشد العام لجماعة الإخوان سابقاً، المصالحة بين جماعة الإخوان والنظام «مسألة وقت»، وأشار إلى أنه «لا بديل عن المصالحة خلال الفترة المقبلة»، لكنه استبعد أن يلجأ النظام المصري الحالي للمصالحة قبل تنازل الجماعة عن بعضٍ من مواقفها، على حد قوله.
وكانت حركة شباب 6 أبريل قد دعت قبل أيام معارضي النظام الحالي في مصر إلى حوار يسبق حلول الذكرى الخامسة لثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011، يكون على رأس أجندته تشكيل حكومة مستقلين ذات توجه اقتصادي بحت، تخرج الوطن من أزمته الاقتصادية، وهو ما تزامن مع دعوة رئيس حزب «مصر القوية» المعارض عبد المنعم أبو الفتوح إلى انتخابات رئاسية مبكرة.
&