الفايز: ثمة من يغمز من قناة حدود الوصاية الهاشمية على الحرم القدسي&&

محمد خير الرواشدة


أكد رئيس مجلس الأعيان الأردني فيصل الفايز سلامة الموقف الأردني من التنسيق العسكري مع روسيا، في ظل التزام بلاده عضوية التحالف الدولي ضد الإرهاب، والتزامها تأمين حدودها.


وشدد الفايز في حوار صحافي هو الأول الذي يجريه بعد تسلمه مهامه الدستورية رئيساً لمجلس الأعيان (الغرفة التشريعية الثانية في مجلس الأمة – مجلس الملك)، على أن إعلان التنسيق العسكري الأردني - الروسي داخل سورية «يخضع إلى أهداف الحرب على التنظيمات الإرهابية المنتشرة داخل الأراضي السورية»، موضحاً أن ما يقصده من التنظيمات هو «كل التنظيمات الإرهابية، داعش وغيرها».
وبيّن أن الأولوية بالنسبة إلى المملكة هي «حفظ المصالح الأمنية الأردنية»، مضيفاً أن حرب روسيا شاملة في سورية، وقد تصل عملياتها العسكرية إلى المنطقة الجنوبية، وهي المنطقة الحدودية مع الأردن. وشدد على أهمية التنسيق لصد أي خطر محتمل لتنظيمات إرهابية قد تتسلل إلى الحدود الأردنية. وأوضح أن روسيا تدرك جيداً أن الأردن دولة فاعلة في مكافحة التنظيمات الإرهابية، وأنها تملك قدرات عالية في تتبع أماكن وجودهم ورصد طبيعة نشاطاتهم، وهو ما يخدم الروس وغيرهم في الحرب الدولية على الإرهاب.


وقال إن الأردن يتعامل مع نشاط الجماعات الإرهابية بقدرات ذاتية وسيطرة مطلقة، سواء في العراق منذ عام 2003 بعد سقوط النظام السابق، أو في سورية التي شهدت النشاط نفسه منذ عام 2011، ما يدفع التحالف الدولي للحرب على الإرهاب وروسيا وأي طرف يريد مكافحة الإرهاب، إلى التعامل مع الأردن كدولة محورية في هذا المجال نظراً للخبرة العسكرية لجهة العمليات الميدانية، أو أمنياً لجهة الجهود الاستخباراتية وجمع المعلومات.
وشرح الفايز لـ»الحياة» أن لا تناقضاً ولا تنافراً بين تنسيق الأردن مع روسيا، وعضويته في التحالف الدولي ضد الإرهاب الذي تقوده أميركا ما دام في كلا الجانبين حماية لمصالح بلاده الأمنية والاستراتيجية.
لكنه استدرك أن الحسم العسكري في إبادة تلك الجماعات لن يتم في عشية وضحاها، ما يُلزم الدول المؤثرة في الأزمة السورية التركيز على مبادرات دولية تسعى إلى الحل السياسي، وبما يكفل وحدة الأراضي السورية وسيادتها واستقلالها، ودعم استمرار عمل المؤسسات فيها، بالإضافة إلى مواصلة دعم جهود مكافحة الإرهاب التي تحتاج للعمل على المسارات كافة، الأمنية والعسكرية والفكرية.
وعما إذا كان موقف الأردن من التنسيق العسكري مع روسيا في سورية يزعج دولاً عربية، أكد الفايز أن الأردن «ينظر إلى أمنه من منظور واسع، وعلى أنه جزء من أمن جواره وأمنه القومي»، موضحاً: «نحن في الأردن نحمي حدودنا وحدود دول الجوار، وننسق أمنياً مع الجميع لأننا نؤمن بموقفنا المبدئي من الأمن الوطني وارتباطه بالأمن القومي والإقليمي».
وأكد أن موقف بلاده في التنسيق مع الجميع لا يستدعي الخلاف مع أي من الأطراف، خصوصاً في ظل التنسيق والتشاور المستمرين مع الدول المؤثرة في الأزمة السورية، مشيراً إلى أن السياسية الخارجية الأردنية واضحة في هذا المقام، وركزت على مبدأ المصلحة الأمنية كأولوية. وأضاف: «هذه هي الاستراتيجية الثابتة بالنسبة إلينا في الحرب على الإرهاب، وحماية أمننا وأمن الجوار»، مشدداً على إيمان الأردن بأن «دول الخليج هي عمق استراتيجي، وأن أمنها من أمن المملكة الوطني، والعكس صحيح».
وعن المحاولات الإسرائيلية المستمرة للمس بالمقدسات وسعيها إلى تغيير هوية مدينة القدس في ظل الوصاية الهاشمية على المقدسات في المدينة، جدد الفايز تمسك الأردن بالتزاماته التاريخية في الوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية، مشدداً على أن الوصاية الأردنية نصت عليها مواثيق وقوانين، وتؤكد هذا الدور تاريخية العلاقة بين الأردن وفلسطين، وقانون معاهدة السلام الأردنية - الإسرائيلية الذي اعترف بالوصاية الهاشمية على المقدسات.


واستحضر الفايز الاتفاق الأردني - الفلسطيني لحماية المسجد الأقصى والدفاع عنه، والذي أبرمه في آذار (مارس) عام 2013 الملك عبدالله الثاني والرئيس محمود عباس في العاصمة عمّان، مشيراً إلى أن الاتفاق أكد دور الأردن في حماية المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس والإشراف عليها، وأن الملك عبد الله هو صاحب الوصاية على الأماكن المقدسة في القدس الشريف، وله الحق في بذل جميع الجهود القانونية للحفاظ عليها، خصوصاً المسجد الأقصى، المعرف في تلك الاتفاقية على أنه كامل الحرم القدسي الشريف.
وفي معرض رده على سؤال لـ»الحياة» عن تصريحات الملك عبد الله الثاني في شأن كامل مساحة الحرم القدسي الشريف التي تصل إلى 144 دونماً، وأسباب التذكير بالمساحة الآن، قال الفايز: «هناك من يغمز من قناة حدود الوصاية الهاشمية على المقدسات، ويحاول تضييق حدود تلك المسؤولية إلى مساحة المسجد الأقصى فقط، فجاءت تصريحات الملك للتذكير بأن حدود الوصاية الهاشمية على المسجد الأقصى والحرم الشريف يمتد على مساحة 144 دونماً كاملة».


وشدد على أن الأردن يرفض، تحت طائلة مسؤولية القانون الدولي، إجراء أي تغيير على الوضع القائم في القدس، وأن القصد بالوضع القائم هو الذي كان سائداً قبل احتلال القدس عام 1967 عندما كانت تحت السيادة الأردنية.


ورفض محاولات التشويش على الموقف الأردني المبدئي من القضية الفلسطينية والوصاية على المقدسات، مشيراً إلى أن المستفيد الأول والأخير من ذلك هو الجانب الإسرائيلي الذي يمارس إرهاب الدولة من خلال حكومته اليمينية المتطرفة. وأضاف أن الجهد السياسي والديبلوماسي للملك عبد الله الثاني واتصالاته مع قادة الدول الراعية لعملية السلام، أسفرت في الضغط على الحكومة الإسرائيلية لقبول التفاهمات التي طرحها وزير الخارجية الأميركي جون كيري، والتي جاءت بضغط سياسي أردني.
ورفض الفايز أيضاً محاولات البعض اختصار الجهد الأردني لتلك الأزمة بتركيب كاميرات داخل الحرم القدسي الشريف، مشيراً إلى أن جهود الملك عبد الله الثاني جاءت في مصلحة الفلسطينيين، كالإبقاء على الوضع القائم في المسجد الأقصى، والاحترام الكامل لدور الأردن الخاص باعتباره المؤتمن على الأماكن المقدسة بحسب الوضع الراهن لعام 1967، والتزام إسرائيل عدم تقسيم الحرم القدسي زمانياً أو مكانياً، وتخفيف قيود سلطات الاحتلال داخل الحرم القدسي الشريف، والسماح للفلسطينيين بدخول المسجد الأقصى في أي وقت ومن الأعمار المختلفة، سواء كان ذلك للصلاة أو غيرها.
وعن الجدوى من تركيب الكاميرات في ظل الوجود المطلق لسلطات الاحتلال، أكد الفايز أن تركيب كاميرات تحت إشراف الأردن، وبما يغطي كامل مساحة المسجد الأقصى والحرم القدسي الشريف، ومراقبته على مدار 24 ساعة، يهدف إلى توثيق أي اعتداء للإسرائيليين على المصلين داخل الحرم، ما يوفر حجة قانونية ضد الانتهاكات الإسرائيلية أمام المجتمع الدولي المطلوب منه تحمل مسؤولياته تجاه المقدسات الإسلامية والمسيحية التي تمثل إرثاً تاريخياً وحضارياً وثقافياً للإنسانية جمعاء.


وعن الأسباب التي جاءت بالفايز رئيساً لمجلس الأعيان خلفاً لرئيس الوزراء الأردني السابق عبد الرؤوف الروابدة، أكد الفايز أنها صلاحيات دستورية للملك في اختيار رئيس مجلس الأعيان الذي يتشارك مجلس الأمة مع مجلس النواب، ويضم في عضويته كفاءات وخبرات وطنية عليها أن تعبر عن أفكار الملك وتطلعاته في تطوير التشريعات وتحديثها.
وعن رد الملك لقانون اللامركزية (يعطي صلاحيات للمجالس المحلية في المحافظات) بسبب ما احتواه من مخالفة دستورية تسببت في جدل محلي عندما ألغت تعديلات الأعيان استقلالية مجالس المحافظات مالياً وإدارياً، أكد الفايز أن مجلس الأمة أقر القانون بعد معالجة المخالفة الدستورية.


وأشار الفايز إلى أن بلاده تواصل مسيرة الإصلاح والتحديث بعد إقرار تشريعات مهمة، على رأسها قوانين البلديات والأحزاب واللامركزية، ليبدأ مجلس الأمة خلال الدورة الحالية مناقشة وإقرار قانون الانتخاب الذي وصفه بمحور عملية الإصلاح الشامل، خصوصاً أن القانون احتوى مبادئ إصلاحية مهمة، كتوسيع الدائرة الانتخابية، واعتماد الصوت المتعدد في القائمة النسبية المفتوحة، ومكافحة الجرائم الانتخابية وتغليظ العقوبات على مرتكبيها، وتلك هي محور الإصلاحات البرلمانية لجهة التمثيل وطبيعة الأداء، وهو ما يطالب به العاهل الأردني.