& حمد العصيدان&

فيما تشهد الكويت في اليومين المقبلين ذروة الاحتفالات بمناسبتها الوطنية، التي بدأت بالذكرى التاسعة لتولي صاحب السمو وسمو ولي العهد مقاليد الحكم، وتتوج غدا وبعد غد بالذكرى الرابعة والخمسين ليوم الاستقلال، والرابعة والعشرين ليوم التحرير، نتابع في محيطنا الإقليمي القريب تحركات لاحتواء ما يتهدد منطقة الخليج من تهديدات أصبحت تحيط بها من كل جانب، من جهة وتتجه لتشكيل تحالف جديد يغير موازين القوى.

فقد تابعنا ما شهده الأسبوع الماضي من جهود خليجية حثيثة لتشكيل موقف موحد حيال التطورات الخطيرة التي شهدها اليمن باستيلاء جماعة الحوثي المدعومة إيرانيا عليه، وإلغاء الدولة وإصدار إعلان دستوري يغرس جذورها في مفاصل الدولة، تلك الجهود التي شكلت الشقيقة السعودية مركز الثقل فيها، حيث شهدت العاصمة الرياض عددا من اللقاءات المنفردة جمعت خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز مع إخوانه قادة دول مجلس التعاون بدأت باللقاء مع سمو الأمير الشيخ صباح الأحمد، ثم بالشيخ تميم بن حمد أمير قطر، فالشيخ محمد بن زايد، وكلها تهدف لبلورة موقف خليجي تجاه تطورات اليمن، ثم انتهى التحرك بالاجتماع الوزاري لدول المجلس الذي أصدر بيانا دان فيه الانقلاب الحوثي وطالب بعودة القيادة الشرعية لاستكمال المبادرة الخليجية.

ولعل هذه التحركات الخليجية تعكس موقفا حاسما في إطار الوحدة الخليجية من جهة، وتجاه توحيد الجهود لمواجهة المخاطر المشتركة، وقد أثبتت تلك التحركات أن العمق الخليجي للكويت ولكل دولة على حدة، حاسم ومحوري في هذا الوقت الحساس، ولاسيما أن المتربصين يهدفون إلى التغلل في مجتمعاتنا والعمل من الداخل على ضعف وزعزعة المجتمعات وأمنها، وقد تابعنا التدخلات السافرة والوقحة بشأن الشقيقة البحرين سواء من إيران، أو عميلهم في لبنان الذي يسعى لتصدير ثورته التي عصفت بلبنان وجعلته يعيش حالة من الاحتقان والدوامة السياسية والأمنية، وأخيرا أدخله في فراغ دستوري بالوقوف في وجه انتخاب رئيس للدولة منذ قرابة السنة.

وفي هذا الإطار لا بد أن ننوه بالسياسة السعودية التي أخذت منحى أكثر فاعلية بدأت تبدو ملامحها حتى في محيطنا العربي، والإقليمي، وإذا كنا قد أشرنا في مقال سابق إلى بوادر تحالف إقليمي يتشكل، فلم يعد خافيا أن المملكة تشكل محوره، فيما تمثل تركيا قوته القادمة من الشمال، مع دخول دول الخليج فيه، وقد أشار أكثر من تقرير وتحليل سياسي لهذا التحالف بأنه سيكون تحالفا قويا وسيقلب موازين الوضع، وسيعمل على تكوين الشرق الأوسط الجديد وفق الرؤية العربية لا الأميركية الصهيونية، وهنا لا بد من الإشارة إلى أن أولى مهام التحالف الإقليمي الجديد العمل على إنهاء الأزمة السورية لصالح الشعب الشقيق الذي عانى الأمرّين من نظامه المجرم، ليصبح لديه «هلال» يمتد من تركيا إلى السعودية مرورا بسورية والأردن، يقطع «هلال» إيران الذي مدته من طهران مروراً ببغداد إلى بيروت عبر دمشق.

ولعل أول ما تحقق في هذا الأمر ما وقعت عليه تركيا مع الولايات المتحدة للبدء في تسليح وتدريب المعارضة السورية بداية الشهر المقبل، وهو الأمر الذي تأخر 4 سنوات، ولم ينطلق إلا بعد التأكد الأميركي من أن الجانب التركي لن يسمح لأي مشروع غربي في سورية ما لم يقم على إسقاط النظام الذي تلاقى فيه مع التوجه السعودي - الخليجي. والأيام القليلة المقبلة ستكشف كثيراً من الأمور في شأن التوجه نحو الشرق الأوسط الجديد.


&