&

&يوسف المحيميد

&
لأنها المملكة، ذات المساحة الكبيرة، والحدود المشتركة الطويلة مع عدة دول، والتنوع الجغرافي والسكاني، والنمو الاقتصادي المتزايد رغم كل مبررات التراجع، من انخفاض أسعار البترول في العالم، المصدر الأهم في إيرادات الدولة، وغير ذلك، ولأنها المملكة مقصد المسلمين بالحرمين الشريفين، فإنها تتعرض أكثر من غيرها لخطر الإرهاب من جهة، وتهريب المخدرات من جهة أخرى.

وليست أول مرة تقوم المملكة بضربات استباقية لحالات الإرهاب، فقد تمكنت من ذلك أكثر من مرة، ولعل العمل الدؤوب خلال الستة أشهر الماضية، بالقبض على أكثر من ثمانمائة متهم بالإرهاب، ومن خمسة وعشرين جنسية، وبأسلحة ومتفجرات، وسيارات جاهزة للتفجير، وبعضها تم تشريكه فعلاً استعداداً للتفجير، يثبت هذا التميز في التحري وملاحقة هؤلاء، لإحباط هذه العمليات قبل وقوعها.

وليست أول مرة أيضاً، أن تخدم هذه البلاد مواطنيها، كما فعلت مع يزيد أبونيان الطالب المبتعث، في إنقاذه أكثر من مرة من قضايا فيدرالية في أمريكا، وحاولت أن يعود عنصراً فاعلاً في نماء وطنه، لكنه عاد وتورط في جريمة قتل رجلي أمن في الرياض، مع الهارب من العدالة نواف العنزي، فكم تسامحت هذه البلاد مع متطرفين، وناصحتهم لأشهر وسنوات، عبر لجان دينية متخصصة، ومنحتهم الحرية بعد ذلك، على أمل أنهم أصبحوا مواطنين صالحين، لكنهم عادوا من جديد إلى مناطق الصراع، وحملوا السلاح، بعد منحهم كل أسباب النجاح كمواطنين معتدلين!

نحن الآن في العقد الثاني من الألفية الجديدة، ولم تعد سبل التجنيد في معسكرات التطرف كما كانت زمن الثمانينيات من القرن الماضي، محدودة ويسهل التحكم فيها، وإنما أصبح التجنيد الإلكتروني الآن، وعبر وسائل التواصل الاجتماعي هو الذي يغرر بالمراهقين، فلم تعد هذه الجماعات بحاجة إلى استقطاب هؤلاء إلى مناطق الصراع، وتدريبهم على الأسلحة، كما كان يحدث سابقاً في أفغانستان، بعد عودة المقاتلين إلى بلدانهم وتحولهم إلى قذائف جاهزة للانفجار، بل أصبح هؤلاء يبقون في بلدانهم، ويتم توجيههم إليكترونياً من أطراف إرهابية خارجية، للقيام بجرائم قتل وتفجير في الداخل.

هذا ما يكشف هذا العدد الكبير من المتهمين، الذين أعلنت عنهم وزارة الداخلية، ممن هم منتمون لجماعات إرهابية، أو متعاطفون معها، هؤلاء الذين يخططون لزعزعة الأمن، معظمهم تورط في ذلك الانتماء عبر التواصل الإلكتروني، ما يعني أننا فعلا بحاجة ماسة، أكثر من أي وقت مضى، للانتباه والعناية بأبنائنا، وتحصينهم فكرياً من هذه التيارات المتطرفة، وهي مسؤوليتنا كآباء ومعلمين ومجتمع بأكمله.
&