مصادر: إخوان مصر في أزمة داخلية عميقة واعتقال غزلان والبر جمد مساعي الحل وخلط الأوراق


إسماعيل جمال

&وصف مصدر مقرب من اجتماعات قيادة جماعة الإخوان المسلمين المصرية في إسطنبول الخلافات بين قطبي القيادة بأنها «عميقة». وقال ان اعتقال أجهزة الأمن المصرية لأعضاء مكتب الإرشاد «جمد وعرقل» مساعي الحل التي تبذل منذ أيام.
وتعقد منذ أيام اجتماعات مكوكية بين عدد من كبار قادة الجماعة بهدف حل الأزمة التي تصاعدت في الآونة الأخيرة. وعُرض العديد من الحلول أبرزها إجراء انتخابات جديدة لمجلس شورى الجماعة يقوم بدوره باختيار مكتب إرشاد جديد. لكن، وبحسب المصدر، لم يحصل أي مقترح على اجماع القيادات والخلاف «ما زال كبيرا»، على الرغم من حديث البعض عن «انفراجة وشيكة».


وقال المصدر الذي رفض الكشف عن اسمه لـ»القدس العربي»: «اعتقال الدكتور محمود غزلان وعبد الرحمن البر – عضوي مكتب الإرشاد – اللذين يمثلان الطرف الأقوى في الأزمة تسبب في تجميد وعرقلة المساعي المبذولة منذ أيام». واضاف أن الخلاف يتمحور حول المنهج الذي يجب اتباعه لمواجهة الانقلاب بين السلمية والثورية أو الدمج بينهما.
واول من امس الاثنين تمكنت قوات الأمن المصرية من اعتقال القياديين غزلان والبر، الذي يوصف بـ»مفتي الجماعة»، وذلك بعد مداهمة شقة في محافظة الجيزة، وتم اقتيادهما إلى مبنى الأمن الوطني بالمحافظة. وايضا اعتقلت قوات الأمن المصرية الأربعاء الماضي محمد وهدان، القيادي البارز في الجماعة والذي يوصف بأنه «الرجل الرابع» على سلم ترتيب القيادة.
قيادي بارز بالجماعة رفض الكشف عن اسمه ايضا أوضح لـ»القدس العربي» أن «الاعتقالات الأخيرة لقيادات الداخل خلطت الأوراق بشكل كبير. وبات النظام المصري يحاول تعزيز الخلاف بين القطبين، اذ تحاول وسائل إعلام الانقلاب تعزيز الانقسام من خلال الإدعاء أن محمد وهدان (اعتقل قبل أيام) هو من قام بالإبلاغ عن مكان اختباء القياديين غزلان والبر «، على حد تعبيره.
المصدر الأول كشف أن الاجتماعات لا تجري في مدينة إسطنبول وحدها، وأن اجتماعات مهمة عقدت في إحدى العواصم العربية (رفض الكشف عنها)، وأن شخصيات بارزة – كالشيخ يوسف القرضاوي – تدخلت عند الطرفين من اجل إنهاء الخلافات بينهما.
ولفت المصدر إلى أن أهم ما تم التوصل إليه في الاجتماعات الجارية هو تعهد الجميع بوقف «حالة الصراع والتراشق عبر وسائل الإعلام». وفي هذا الإطار رفض عدد كبير من قيادات الجماعة وأعضاء مكتب الإرشاد الذين تحدثت إليهم «القدس العربي» الحديث حول الأزمة أو نتائج الاجتماعات.
وأوضح المصدر أن الخلاف يتمحور بين قطبين أساسيين: الأول محسوب على «التنظيم القديم» ويتزعمه كلاً من أعضاء مكتب الإرشاد (الذي كان يدير الجماعة قبيل الانقلاب). وهؤلاء هم محمود عزت ومحمود حسين ومحمود غزلان وعبد الرحمن البر، الذين يتمسكون بدورهم في «السلمية» كطريق وأسلوب لمواجهة الانقلاب.
ويحسب القطب الثاني على ما تسمى «القيادة الجديدة»، وهي مكونة من أعضاء مكتب الإرشاد الذي تم انتخابه في شباط / فبراير من العام الماضي. ويأتي على رأسه محمد كمال ومحمد وهدان ومحمد سعد عليوة وحسين إبراهيم وعلي بطيخ ويحيى حامد. ويطالب هؤلاء باتباع ما أسموه «المنهج الثوري».
وقال المصدر: «التنظيم القديم يتمتع بقوة أكبر على التأثير داخل أروقة الجماعة كونه يتحكم بمواردها المالية ولديه خطوط التواصل مع الداخل والتنسيق مع الخارج»، مستدركاً بالقول: «القطبان يواجهان مشاكل كبيرة ولا أحد من اي منهما لديه كلمة على القاعدة التنظيمية للجماعة».
وبدأت الأزمة بين قطبي الجماعة، والتي توصف بأنها الأعنف منذ سنوات، عقب مقال نشره محمود غزلان أحد رموز القيادة التاريخية للجماعة، دعا خلاله للسلمية المطلقة. وهو ما تسبّب في حالة من الغضب لدى شباب الجماعة الداعين إلى الاستمرار في «المنهج الثوري».
وقال غزلان في مقاله: «السلمية ونبذ العنف من ثوابتنا ولن نحيد عنهما أو نفرط فيهما، وهما الخيار الأصعب لكنه الأوفق، وأنهما كانتا أحد أسباب بقائنا وقوتنا طيلة ما يقرب من تسعين عامًا، وكانتا من أسباب التفاف الناس حول دعوتنا وتعاطفهم معنا».
ووافقه في ذلك القيادي البارز وعضو مكتب الإرشاد عبد الرحمن البر، قائلاً: «اختيار الثوار للسلمية المبدعة ليس تكتيكا ولا مناورة، بل اختيار أساسي مبني على فقه شرعي، ووعي واقعي، وقراءة صحيحة للتاريخ ولتجارب الأمم والشعوب».
في المقابل، قال محمد منتصر، وهو أحد القيادات الشابة المحسوبة على «القيادة الجديدة»، إن الجماعة اتخذت نهجاً وصفه بـ»الثوري»، مضيفاً: «لا صوت يعلو فوق صوت القصاص، لا صوت يعلو فوق صوت دماء الشهداء التي سالت ظلمًا وفجورًا من قتلة لا يجدي معهم سوى القصاص».
وتصاعد الجدل داخل الجماعة بشكل أكبر بعد إعلان محمود حسين، الأمين العام لجماعة الاخوان المسلمين، أن «محمود عزت»، نائب المرشد وفقا للائحة الداخلية للجماعة ويقوم بمهام المرشد العام، «إلى أن يفرج الله عن محمد بديع المرشد». واضاف أن «مكتب الإرشاد، وهو أعلى سلطة تنفيذية بالجماعة، هو الذي يدير عمل الجماعة في الوقت الراهن». وهو الأمر الذر رفضته القيادات الشابة المحسوبة على القطب الآخر.
وكانت وسائل إعلام نقلت عن مصادر مقربة من الجماعة أن المشاورات الجارية في إسطنبول، تناولت اقتراحاً يحظى بتأييد الكثير من المجتمعين، ويقضي بإجراء انتخابات جديدة لمجلس شورى الجماعة. ويقوم بعدها المجلس المنتخب بانتخاب مكتب إرشاد جديد، على ألا تشارك فيه أي من القيادتين المتنازعتين في الانتخابات ترشحاً.
وتعتبر لجنة إدارة الأزمة، التي تم انتخابها في شباط / فبراير 2014، بمثابة إدارة انتقالية لحين إجراء الانتخابات. كما يتضمن الاقتراح «التعاون للتوصّل إلى صيغة وسطية بين وجهتي النظر المتعلقة بمنهج الجماعة في مواجهة الانقلاب العسكري في مصر، وتجمع بين السلمية والمنهج الثوري».
&