ياسر الصالح

بدايةً، لا بدَّ من التأكيد على أنَّ تنظيم داعش ليس «أهل السنة»، ولا نراه من أهل السنة، فضلاً عن أن يكون يمثلهم. ولذلك، فإننا نرى أنَّ الصراع مع التنظيم المذكور إنما هو صراع مع مجاميع تكفيرية مجرمة قاتلة منتهكة لكل حرمات الطوائف والمذاهب.. وعليه، فإن التخلّص منه يُعدّ نصراً لكل المذاهب والطوائف..

داعش استهدف الشيعة في المنطقة والإقليم، وجعلهم في بياناته على رأس قائمة الجهات التي يستهدفها، رغم أنه في الواقع قد قتل وانتهك من الشرائح والطوائف الأخرى أكثر مما فعل مع الشيعة، ولكن ما ارتكبه في حق الجميع كثير..

عسكريا.. في المواجهات العسكرية التي جرت في الميدان - وهي تختلف عن التفجيرات الجبانة التي يرتكبها التنظيم ضد المدنيين في أماكن العبادة والأسواق أو حين يهجم على القرى الآهلة بالعزل من المدنيين ومن النساء والأطفال - نتحدث عن المواجهات الحربية العسكرية في الميدان، فإنها تؤدي دائماً إلى اندحار «الدواعش»، كان ذلك في سورية ولبنان، ومع الحشد الشعبي في العراق، وكذلك مع القوى الشعبية والقبلية في اليمن.

ما يميز هذه التنظيمات العسكرية المتصدية لـ«داعش» هو أنها ضمن محور الممانعة والمقاومة الذي تتصدره وتدعمه إيران، وتمتاز هذه الجهات أيضا بأنها تفتح الباب لتشاركها قوى سنية شرف التصدي ومواجهة «الدواعش»، بل ترحب به، فأينما أرادت جهات وأفراد من السنة التصدي لداعش، كما حصل مع بعض العشائر العراقية في مناطقهم جرى استيعابهم ضمن تشكيلات الحشد الشعبي وظهر شيوخهم ليعلنوا هذا الواقع على الفضائيات وفي الإعلام.. حدث ذلك في المواجهات الحربية التي حصلت في محافظتي صلاح الدين وفي الأنبار.

الجانب المعادي لـ«داعش»، في بعض الأماكن أغلبه مرتبط بطريقة أو بأخرى «بمحور الاعتدال» الرسمي، وهو الذي تتزعمه الولايات المتحدة وبعض حلفائها، وهؤلاء فيهم من دعم تنظيم «داعش» مالياً ولوجستياً وبكل ما يحتاجه، وفيهم من يحاول الحفاظ عليه وتحجيمه وتوجيهه ليستخدمه في مواجهة محور الممانعة، وهذا بالضبط ما تفعله الولايات المتحدة، وهو ما يظهر جلياً في عدم تصدي «التحالف الدولي» الذي تتزعمه والذي من المفترض أنه يعمل على القضاء على «داعش»؛ فإذا بهذا التحالف يقوم بالتصدي لداعش فقط عندما يهدد المناطق الكردية، حيث تسيطر التنظيمات والأحزاب الكردية الحليفة للولايات المتحدة، أما عندما يتعلق الامر بالجانب العراقي والسوري فإنّ أقمار وطائرات تجسس ومقاتلات «التحالف» تكون عمياء عن رؤية الأرتال الطويلة التي تحمل السلاح الثقيل والخفيف وآلاف المقاتلين وهي تجوب الصحراء جيئة وذهاباً لمدة ساعات ومسافات طويلة بين المدن وعبر الحدود العراقية السورية، فلا هي تقوم بقصفهم، ولا هي توصل المعلومات عنهم للجانب الحكومي العراقي الذي يُفترض أنه جزء من هذا التحالف، وبينه وبين الأميركان اتفاقيات دفاع وتعاون وتسليح، ولهذا اشتكى رئيس الوزراء العراقي العبادي في المؤتمر الذي عقد أخيراً، فالدواعش في أمان مع هذا التحالف عندما لا يتعلق الأمر بالمناطق الكردية، بل إنّ قوات التحالف قد رمت مساعدات على الدواعش وقصفت أعداءهم في الحشد الشعبي «بالخطأ» في مناطق مواجهات عديدة.

أصبح واضحاً، بالنسبة لجميع شعوب العالم، أنّ «داعش» عدوٌّ لكل الإنسانية.. ومنها السنة والشيعة.. ومن يقف مع عدو الإنسانية إنْ بالدعم أو بالمساندة أو بالتوظيف، فهو عدو للإنسانية كذلك.. أما ما هو تفسير موقف وتصرف الولايات المتحدة الأميركية رغم هذا الوضوح في تشخيص واقع «داعش».. فهو أن الولايات المتحدة تتصرف هنا حسب طبيعتها المعتادة، فهي تمارس بكل أريحية دورها المعتاد.. دور «الشيطان الأكبر»..