أحمد شراري

أخيراً لاحت بارقة أمل لليبيا في مدينة "الصخيرات" المغربية، حيث اجتمع القادة السياسيون المتنافسون معاً للتوقيع على اتفاق توسطت فيه الأمم المتحدة لتشكيل حكومة وحدة وطنية. وعبَّر الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، عن تهانيه بتوقيع الاتفاق، مشيراً إلى ضرورة توخي الحذر في ذات الوقت، كما وصف الأمين العام الاتفاق بأنه "بداية لرحلة صعبة".


ويُعد الاتفاق أفضل خبر في الذاكرة الحديثة بالنسبة لبلد يُعج بجيوب التنظيمات الجهادية والحكومات المتنافسة، و2.4 مليون شخص يحتاجون إلى مساعدة إنسانية فورية.


ففي السنوات التي تلت الإطاحة بمعمر القذافي بدعم من حلف شمال الأطلسي (الناتو) في 2011، آلت ليبيا إلى الفوضى، ومن ثم إلى الحرب الأهلية. بينما سحبت الولايات المتحدة وحلفاؤها في الناتو تواجدها، وتجنبت المشاركة الجدية في الجهود المبذولة لتحقيق الاستقرار السياسي، ظهرت مئات من الميليشيات الخاصة التي سيطرت على أراضٍ داخل ليبيا، وقامت تلك الميليشيات باحتلال بعض الموانئ ومصادر النفط الرئيسة في البلاد.
بحلول الوقت الذي بدأت فيه المفاوضات في "الصخيرات" بشكل جدي، كان العديد من الفصائل والمقاتلين والسياسيين منقسمين إلى حكومتين ليبيتين متنافستين: مجلس النواب في شرق ليبيا الذي يحظى باعتراف المجتمع الدولي، والمؤتمر الوطني العام، في غرب ليبيا، والذي يهيمن عليه الإسلاميون، بما في ذلك جماعة الإخوان المسلمين.


وشارك ممثلون عن الحكومتين في المفاوضات بوساطة الأمم المتحدة، ويحدو الكثيرين الآمال في أن تفضي بنود الاتفاق الفصائل الليبية المنقسمة إلى التوحد في حكومة واحدة.


يبدو الجيب الليبي لتنظيم داعش استراتيجياً وحيوياً للتنظيم، وهو قصة نجاح لنشر وتشكيل خط كبير على أوروبا. وكمثل الميليشيات العديدة التي نشأت في ليبيا أثناء وبعد الحرب، انضم تنظيم داعش إلى نهب مخازن كبيرة من الأسلحة التي تركها القذافي وراءه في جميع أنحاء البلاد.


لقد فاز تنظيم داعش بأتباع داخل ليبيا، وجند الآلاف من المغرب العربي الكبير، من مالي ونيجيريا، وربما من أوروبا. بات التنظيم في ليبيا يُشكل تهديداً خاصاً لأوروبا بحُكم القرب الجغرافي، فضلاً عن سهولة العبور عبر الحدود الليبية التي يسهل اختراقها.


ولكن، مع اتفاق الأمم المتحدة الجديد، تأتي إمكانية الوقوف ضد داعش من جديد. ولم يكن من قبيل الصدفة أن تكون المفاوضات قد جرت في المغرب، وهو عضو محوري للتحالف ضد داعش. ولذلك لعبت الرباط دوراً مهماً في إقناع الأطراف الليبية بالتوصل إلى الاتفاق، ويعتقد أن أجهزة مخابراتها، المشاركة بقوة في نضال شمال أفريقيا ضد داعش، مهدت الطريق لهجوم منسق على الجيب الليبي للتنظيم.
من المتوقع أن قراراً جديداً من مجلس الأمن بالموافقة على حكومة وحدة وطنية جديدة برعاية المملكة المتحدة قريباً، سيفتح الباب أيضاً للحكومة الليبية لدعوة القوى الخارجية إلى حدودها لق

تال داعش. فالليبيون يدركون أن الدعم العسكري الذين هم على وشك أن يحصلوا عليه من أوروبا وربما أميركا، لن يصمد أمام مخاوف الغرب بشأن تواجد داعش قريباً من أوروبا. وسيتمثل التحدي بالنسبة للسياسيين في البلاد في الاستفادة من هذه اللحظة النادرة من الاهتمام الدولي والدعم لتفعيل الوحدة التي يدعو لها اتفاق الصخيرات.