ماثيو ليفيت

يحمل "مشروع قانون الاعتمادات الشامل" الذي تمت الموافقة عليه أخيرا والمؤلف من 2009 صفحات، في طياته ما قد يُشكل أهم مساهمة من جانب الرئيس الأميركي باراك أوباما حتى الآن في مجال مكافحة الإرهاب. لكن هذه المساهمة لا تتضمن طائرات دون طيار، أو قوات عمليات خاصة، أو أشكالا أخرى من القوة العسكرية. فاستخدام قوات العمليات الخاصة لتدريب الشركاء المحليين وتجهيزهم وبناء قدراتهم العسكرية لمحاربة التهديدات الإرهابية، من خلال دعم الشركاء في الجبهة الأمامية وإبقاء الولايات المتحدة خارج إطار النزاعات المسلحة واسعة النطاق، قد شكل علامة فارقة في إدارة أوباما. ولكن بخلاف التوقعات ربما، شجع هذا النموذج مقاربة عسكرية مبالغا فيها لمكافحة الإرهاب من قبل الشركاء الخاضعين للتدريب على يد الولايات المتحدة.


بالطبع، يُعتبر بناء القدرات العسكرية جزءا أساسيا من إستراتيجية الرئيس أوباما الرامية إلى القضاء على الإرهابيين الذين يهددون الولايات المتحدة ودعم القوات المحلية لكي تتصدى للتهديدات في فنائها الخلفي، إلا أن ذلك لم يترافق مع الاستثمار الضروري في بناء الإدارات والوكالات المدنية الخاصة بشركاء الولايات المتحدة والتي تبرز حاجة إليها أيضا.


لقد شهدت السنة المالية لعام 2016 تغييرا في هذا الصدد. ففي الشهر الماضي، وكجزء من قانون الاعتمادات الشامل، خصص الكونجرس 175 مليون دولار من أموال "صندوق شراكات مكافحة الإرهاب" لوزارة الخارجية. صحيح أن هذا المبلغ أقل من المطلوب، بيد أنه يشكل زيادة كبيرة في الموارد الاختيارية للوزارة لمصلحة برامج بناء القدرات المدنية لمكافحة الإرهاب، وسيسمح ذلك لوزارة الخارجية بتكثيف برامج ما وراء البحار مع وزارة الأمن القومي ووزارة العدل و"مكتب التحقيقات الفيدرالي" وغيرها من الوكالات التي تركز على استجابات إنفاذ القانون في وجه الإرهاب وتعزيز أطر العمل القانونية لمكافحة الإرهاب ومحاكمة الإرهابيين المشتبه بهم والتعامل مع السجناء الإرهابيين ومع مهام مدنية أخرى.


يُشير قرار تمويل البرامج المدنية في إطار "صندوق شراكات مكافحة الإرهاب" إلى نقلة بيروقراطية ملحوظة في كيفية تعامل الإدارة والكونجرس مع مساعدات مكافحة الإرهاب، من خلال توجيه رسالة واضحة حول الدور الأساسي الذي يضطلع به اللاعبون المدنيون. وقد أتت هذه النقلة في الوقت الملائم نظرا للتهديدات المتنامية ذات الخطورة المتزايدة التي أظهرتها الهجمات الإرهابية الأخيرة في كافة أنحاء العالم.


أقر أوباما في خطابه، أمام أكاديمية "ويست بوينت" العسكرية، أن الولايات المتحدة لا يمكنها ولا يجدر بها التصدي بمفردها للتهديدات الإرهابية في مختلف أرجاء العالم، وأن شركاء الولايات المتحدة يجب أن يلعبوا دورا أوسع وأهم. ففي حين يُشكل ذلك نقطة انطلاق جيدة، حيث كلما اتجهت الولايات المتحدة نحو مقاربة أكثر توازنا لمكافحة الإرهاب، ليس فقط في الجهود التي تبذلها، بل أيضا في نوع الشركاء الذين تسعى إلى انتمائهم، أصبحت في وضع أكثر أمانا.