نيويورك - جوزيف براودي: بعد عام واحد فقط من تولي الملك سلمان بن عبد العزيز الحكم في المملكة العربية السعودية، أشارت مراكز أبحاث أميركية إلى أن العام الحالي سيكون عامًا محوريًا في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، كما سيكون عامًا حيويًا في تاريخ العلاقات السعودية - الأميركية.
&
تقول مراكز أبحاث أميركية إنه بداية من الملف النووي الإيراني وتوسع طهران، وصولاً إلى التهديد الذي يمثله «داعش» والحرب في سوريا والصراع في اليمن والاضطرابات في ليبيا ومستقبل مصر والكثير من الصعوبات الاقتصادية التي تواجهها المنطقة، ظهرت المملكة العربية السعودية كحجر زاوية في المنطقة، حيث تعمل على سد الفراغ الذي خلفته مصر في الأمن الإقليمي إثر انشغالها بقضاياها الداخلية، كما أنها عازمة على ردع من يقفون وراء التدهور والمتمثلين في «داعش» من جهة أو إيران من الجهة الأخرى.
&
وبحسب ثلة من مراكز الأبحاث الأميركية تحاول المملكة الاضطلاع بهذا الدور رغم الصعوبات الاقتصادية التي تواجهها ودول مجلس التعاون الخليجي الأخرى، وذلك بعدما تراجعت أسعار البترول ووصلت إلى أدنى مستوياتها خلال سبع سنوات، مما جعل من تخفيض الموازنات واتخاذ إجراءات تقشفية أمرًا ضروريًا.
&
من بين التحديات التي تواجه المملكة وقيادتها، الغموض الذي يحيط بالسياسة الأميركية، وتردد إدارة أوباما في مواجهة إيران، بالإضافة إلى تزامن ذلك مع موقفها المتذبذب تجاه الحرب على «داعش» وهو ما يمثل عبئًا إضافيًا، ويمكن وضعه ضمن إطار ظاهرة «رئاسة البطة العرجاء»، وهي الميل العام في الشهور الأخيرة من كل إدارة رئاسية أميركية إلى عدم اتخاذ مبادرات جديدة والتركيز بشكل رئيسي على حماية «إرثها» للأجيال المقبلة. وفي ظل اقتراب الولايات المتحدة من العام الانتخابي، وتزايد المخاوف الأمنية في أعقاب الهجمات الإرهابية التي تعرضت لها كل من باريس وسان برناردينو وكاليفورنيا، عادت السياسة الخارجية مرة أخرى إلى النقاش العام؛ حيث تتعالى الأصوات التي تطالب بالحاجة إلى استعادة الحلفاء التقليديين لأميركا في المنطقة.
&
وفي هذا السياق، تظهر المملكة العربية السعودية بقوة. فمما لا شك فيه ستلعب المملكة بقيادة خادم الحرمين الشريفين دورا مهما في 2016، سواء في توجيه العالم العربي صوب السلام أو مساعدة الولايات المتحدة على أن تحدد طريقها في المنطقة وهو الطريق الذي كانت قد ضلت عنه إلى حد بعيد.
&
تشير تقارير أميركية إلى أنه من المتوقع أن يكون عام 2016 عاما صعبا على المستوى السياسي في الولايات المتحدة في ظل سباق شرس حول المرشح الرئاسي للحزب الجمهوري والسباق الرئاسي العنيف بين المرشح الجمهوري وخصمه الديمقراطي. وفي هذه المرحلة المبكرة، يبدو حتى الآن أن هيلاري كلينتون هي المرشح الديمقراطي.
&
وعلى الجانب الجمهوري، تظهر استطلاعات الرأي ميلا للمرشح الشعبي دونالد ترامب الذي أثارت تصريحاته اللاذعة جدلا دوليا. وتحاول النخب الجمهورية أن تجتمع معا لكي تحبط ترشيح ترامب خوفا من ضعف احتمالية فوزه بانتخابات عامة. ولكن حتى الآن ما زال من غير الواضح ما إذا كانت تلك المساعي سوف تنجح أم لا أو من بين المرشحين يمكن أن يستفيد من خسارته.
&
وبغض النظر عمن سوف يحل محله، من المرجح أن يقدم الرئيس القادم تصحيحا لسياسات إدارة أوباما التي أقصت الحلفاء العرب التقليديين للبلاد.
&
في البداية، هناك دليل على أن هيلاري كلينتون تدعم بقوة تعزيز التحالف السعودي - الأميركي. ففي 2011، وخلال الفترة التي كانت تعمل فيها وزيرة للخارجية، كانت واحدة من أقوى المدافعين عن صفقة مبيعات السلاح التي تقدر بنحو 29.4 مليار دولار للمملكة بما فيها 84 طائرة مقاتلة من طراز «إف - 15» من شركة «بوينغ» وتحديث نحو 70 طائرة سعودية.
&
وقد صرح مساعد وزير الخارجية وقتذاك بأن الموافقة على الصفقة كانت من أكبر أولويات كلينتون على الصعيد الشخصي. وفي الشهور الأخيرة، وفي محاولة للتمييز بين مواقفها ومواقف الرئيس، كانت كلينتون دائما ما تتعهد باستعادة ثقة الحلفاء العرب التقليديين لأميركا خاصة المملكة العربية السعودية.
&
ومن جهة أخرى، يقدم اليمين الأميركي دعما قويا لتعزيز التحالف السعودي - الأميركي في مجموعة كبيرة من القضايا الإقليمية. فمن الركائز الأساسية لخطاب المرشحين الجمهوريين الحاجة إلى إحياء التحالفات التقليدية لأميركا في المنطقة العربية – خاصة مع المملكة العربية السعودية – والمعارضة القوية للرؤية السائدة في البيت الأبيض بأن أوباما كان مصدرا رئيسيا للاستقرار في المنطقة.
&
وعلى الرغم من أن الخطب والجدال بين المرشحين الجمهوريين في الشهور الأخيرة لم تتطرق إلى القضية بالتفصيل، فإن استطلاعا للآراء داخل مؤسسات السياسة المرتبطة بالحزب الجمهوري قدم فكرة حول نوع تركيبات السياسة التي يتبناها المعسكر. فوفقا لمذكرة تتعلق بالسياسة الأميركية السعودية قدمها جيمس فيليبس وهو زميل الباحثين بمعهد الشؤون الشرق أوسطية بمؤسسة التراث: «يجب على واشنطن أن تعرض مساعدة الرياض في تحديث أنظمة الدفاع الصاروخية الباليستية ودمجها في نظام أوسع متعدد المستويات يشمل دول مجلس التعاون الخليجي ونشر بطاريات الباتريوت المحمولة الخاصة بالولايات المتحدة أو بحلف شمال الأطلسي لتحييد التهديد الصاروخي الإيراني. كما يجب على الولايات المتحدة أن تعزز التعاون مع الاستخبارات السعودية والقوات البحرية لرصد شحنات الأسلحة الإيرانية الموجهة للجماعات التابعة لإيران مثل المتمردين الحوثيين في اليمن وهو ما يمثل تهديدا للسعودية بالإضافة إلى الحكومة اليمنية».
&
وتراقب الولايات المتحدة باهتمام بالغ العام الجديد «الرجلين الأساسيين» في إدارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وهما ولي العهد الأمير محمد بن نايف، وولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان.
&
فمن جهة كتب أحد كتاب الأعمدة البارزين في الولايات المتحدة والذي يكتب بصحيفة «نيويورك تايمز»، توماس فريدمان، مقالا إيجابيا للغاية حول مستقبل السعودية في أعقاب زيارته للرياض التي أجرى خلالها حوارا حصريا مع ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان. فمن وجهة نظر فريدمان، كانت التغيرات الديموغرافية بالإضافة إلى حالة جديدة تسود بين الشباب مصدرا للدعوة إلى إجراء إصلاحات إيجابية لفترة من الزمن، ولكن «كان هناك دائما افتقار إلى قيادة مستعدة لاستغلال هذه الطاقة وتحويلها إلى إصلاحات». ويعتقد فريدمان أن الأمير محمد بن سلمان لديه القدرة على احتواء هذه الطاقة الشابة. ويصور فريدمان ولي ولي العهد بأنه رجل يعمل عن كثب مع أبيه ومع ولي العهد الأمير محمد بن نايف «بعدما اضطلع بمهمة تغيير الطريقة التي تدار بها المملكة العربية السعودية – بما في ذلك جهود تخفيف اعتماد البلاد على صادرات البترول وتمكين الجمهور من المشاركة في أداء الحكومة». كما نقل فريدمان عن محمد عبد الله الجدعان، رئيس مجلس هيئة السوق المالية السعودية تفاؤله بشأن مستقبل المملكة تحت القيادة الحالية: «لم أكن أبدا متفائلا بهذا القدر. فلدينا إيقاع لم نشهده من قبل كما أصبح لدينا نموذج في الحكومة لم نره من قبل».
&
وهناك أيضًا إحساس عام بالتفاؤل الأميركي حيال دور ولي العهد الأمير محمد بن نايف في العام الحالي خاصة في ما يتعلق بالمعركة ضد الإرهاب. فهناك إحساس بوجود رؤية ثقافية مشتركة معه، وهو ما يرجع في جانب منه إلى دراسته في الولايات المتحدة بكلية «لويس آند كلارك» في بورتلاند بأوريغون وهو ما يمكن أن يؤثر على المسؤوليات المهنية الموكلة إليه، حيث إنه قادر على التنقل بحرية بين عقليات مكافحة الإرهاب في العالم العربي أو في الغرب إذ إنه درس أيضًا في «مكتب التحقيقات الفيدرالي» في أواخر الثمانينات ثم درس في معهد «اسكوتلنديارد» لمكافحة الإرهاب في الفترة بين 1992 و1994. كما أحبط ولي العهد في مايو (أيار) 1998 - وفقًا لبروس ريدل، وهو زميل باحثين بمركز «بروكينغز» والذي قضى 30 عاما في مراقبة الاستخبارات الأميركية - أحبط مخططا لتنظيم القاعدة يستهدف الهجوم على القنصلية الأميركية في جدة عندما كان آل جور، نائبا للرئيس في ذلك الوقت. وبينما يرصد صناع السياسة الأميركيون التعاون في جهود مكافحة الإرهاب مع المملكة العربية السعودية العام الجديد، فإنهم يتطلعون لخبرات ولي العهد ولديهم إحساس بأنهم يستطيعون أن يثقوا في آرائه ونصائحه.
&
وفي 15 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، أعلنت المملكة العربية السعودية أن 34 دولة قد وافقت على تشكيل «تحالف عسكري إسلامي» جديد لمكافحة الإرهاب من خلال مركز مشترك للعمليات يتمركز في الرياض.
&
ورحبت الكثير من الأصوات المرموقة في واشنطن بالمبادرة؛ فقد كتب زميل الباحثين بمركز بروكنغز، بروس ريدل: «يمكن لتحالف عسكري إسلامي قوي في مكافحة الإرهاب أن يحشد الدول الإسلامية في مواجهة تنظيم القاعدة والدولة الإسلامية. كما يمكن أن يصبح منصة لاتخاذ إجراءات أكثر فعالية في مكافحة الإرهاب في المعركة الآيديولوجية من خلال حشد رجال الدين الإسلامي».
&
وبالنسبة للبيت الأبيض، أشارت إدارة أوباما إلى ترحيبها أيضًا بالتحالف الجديد - وإن كانت تجد صعوبة في الثناء على جهودها الشخصية في تكوين تحالف واسع خاص بها: ففيما كانت تحتفي بالمبادرة السعودية، قال المتحدث باسم البيت الأبيض، جوش إرنست: «أعتقد أن السعوديين بذلوا جهودا حثيثة للتأكيد على أن هذا التحالف ليس بديلا عن التحالف المكون من 65 عضوا والذي أسسته الولايات المتحدة الأميركية وتقوده».
&
وقد يرجع ذلك «التوتر البناء» في جانب منه إلى تركيز إدارة أوباما فقط على الصراع ضد «داعش» وعدم الاهتمام الواضح بمكافحة الميليشيات التابعة لإيران. وعلى النقيض، قال ولي ولي العهد السعودي محمد بن سلمان بوضوح خلال المؤتمر الصحافي الذي تم إعلان التحالف الجديد خلاله بأنه لا يوجد هدف واحد للتحالف، بل إنه يستهدف الإرهاب بكافة صوره. ومن جانبهم، لاحظ المحللون بوسائل الإعلام الأميركية أنه بينما تضمن التحالف الجديد دولا لديها جيوش قوية مثل باكستان وتركيا ومصر، فإنه تضمن أيضًا دولا مزقتها الحروب مثل ليبيا واليمن، واستبعد الدول التي تخضع للنفوذ الإيراني مثل العراق وسوريا.
&
ولتقييم طبيعة التحالف في ضوء المتغيرات الإقليمية الأوسع، عقد ريدل مقارنة قوية بين مقاربة إدارة أوباما أحادية الجانب في مواجهة الإرهاب والمقاربة السعودية متعددة الجبهات: «بالنسبة للرياض، فإن المعركة ضد إيران بمثل أهمية المعركة ضد (القاعدة) و(داعش)».
&
بالنسبة للأميركيين الذين يشاركون السعودية رؤيتها بأن التوسع الإيراني يمثل تهديدا بنفس خطورة «داعش»، سوف يتم الترحيب على نحو خاص بالتحالف السعودي. فهناك آمال بأن يعمل التحالف إذا ما حافظ على تماسكه ووحدته السياسية كنوع من «الخطاب المركزي» العالمي في الصراع ضد كليهما خلال العام الجديد.
&
من جهة أخرى، تنظر واشنطن إلى الدور السعودي في مكافحة الحوثيين في اليمن ودعم استقرار البلاد خلال العام الجديد باعتباره من القضايا الأكثر أهمية التي تواجه المنطقة خلال العام الحالي.
&
في 26 ديسمبر، وضع ستيفان دي ميستورا، مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا «موعدا مستهدفا» لبدء المحادثات في 25 يناير (كانون الثاني) في جنيف لاتخاذ قرار حول الحرب الأهلية في سوريا. وكان ذلك إثر شهور من الجهود الحثيثة وبدعم قوي من وزير الخارجية الأميركي جون كيري لوضع كل أطراف النزاع معا لحل المشكلة سياسيا. وعلى نحو يتفق مع الرؤية الإقليمية لإدارته، سعى كيري لكي تشترك كل من إيران وروسيا بالإضافة إلى المملكة العربية السعودية.
&
ومع ذلك، فإن الحقيقة في المنطقة اليوم هي أن المملكة العربية السعودية وليست الولايات المتحدة هي من تبني صلات مع عدد من أطراف النزاع. فقد عززت الزيارات المتتالية التي قام بها ولي ولي العهد محمد بن سلمان بن عبد العزيز إلى موسكو، حيث أعلنت المملكة عن صفقات اقتصادية جديدة مع الكرملين، وغيرها من المبادرات لصالح روسيا، النيات الطيبة بين البلدين وقد تكون قد عززت قدرة السعودية على تغيير الموقف الروسي في ما يتعلق بسوريا على نحو إيجابي. ومن ثم وبينما يبرز الإجماع الأميركي والدولي للضغط من أجل حل سياسي للنزاع، سوف تصبح الرياض وجهة مهمة للمباحثات والمفاوضات وحل المأزق الذي سيكون ضروريا لجعل إمكانية عقد صفقة أمرا ممكنا.
&
وتعد إحدى مناحي القضية السورية التي تحظى بأهمية خاصة لدى الرأي العام الأميركي هي مسألة مستقبل ملايين اللاجئين الذين فروا من إراقة الدماء في تلك الدولة التي مزقتها الحرب. وذلك حيث تفتخر الولايات المتحدة بأنها «دولة مهاجرين» وأن معظم سكانها هم أساسا أحفاد لاجئين من كل أنحاء العالم. ومن ثم فإن مسألة عدد اللاجئين السوريين الذين سوف تتمكن الولايات المتحدة نفسها من احتوائهم سوف يستمر في أن يظل قضية رئيسية خلال 2016، ومن ثم كان بعض المحللين السياسيين يتساءلون عن الدور الذي سوف تلعبه كل من المملكة العربية السعودية ودول الخليج.
&
وتذكر دراسة حول اللاجئين السوريين في دول الخليج أجرتها لوري بلوتكين بوغارت من معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى أن نحو نصف مليون سوري الآن يعيشون في المملكة العربية السعودية، وأن ثلث هذا العدد قد يكون قد استقر في المملكة منذ اندلاع العنف في سوريا في 2011. واحتفت بوجارت والكثير من زملائها بمعهد واشنطن بالقيادة السعودية والكرم المالي وكرم الضيافة الذي منحوه للاجئين السوريين، وهي السلوكيات التي سوف تلهم الأميركيين لكي يتحملوا جانبا من المسؤولية داخل حدودهم.
&
أما فيما يخص الوضع بالقاهرة فيعد استمرار الاضطرابات في مصر مصدر قلق كبير للولايات المتحدة. فمن جهة، كان المدافعون عن الإخوان المسلمين في واشنطن أقوياء في موقفهم ضد حكومة القاهرة. ومن جهة أخرى، هناك معسكر سياسي لا يقل عنه قوة يقف دفاعا عن الرئيس السيسي في واشنطن ويرحب بالدعم السعودي للحكومة المصرية في وقت كان ينظر فيه لالتزام إدارة أوباما تجاه البلاد بأنه لا يعتمد عليه.
&
بالنسبة لجيمس فيليبس، كبير الباحثين بمؤسسة التراث اليمينية في واشنطن: «تشترك كل من الرياض وواشنطن في الاهتمام بدعم الاستقرار في مصر ومساعدة القاهرة على هزيمة المتشددين». ولكن فيليبس أعرب أيضًا عن قلقه بشأن التقارب المتزايد بين القيادة المصرية والرئيس الروسي فلاديمير بوتين. ودعا الرياض إلى «سحب عرضها بتمويل صفقة شراء مصر للأسلحة الروسية والعمل بدلا من ذلك مع القاهرة على إيجاد مصادر سلاح بديلة في أوروبا أو المملكة المتحدة».
&
وبشأن الأزمة الليبية ظهرت بشائر الأمل في ما يتعلق بالدولة التي مزقتها الحروب في مدينة الصخيرات المغربية في ديسمبر عندما التقى عددا من القيادات السياسية الليبية لتوقيع اتفاق ترعاه الأمم المتحدة لتشكيل حكومة وحدة وطنية. فقد أعرب الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، عن تهنئته وحذره في الوقت نفسه؛ حيث وصف الاتفاق بأنه «بداية الرحلة الصعبة». ولكن بالنسبة لدولة من المتشددين والحكومات المتصارعة ونحو 2.4 مليون شخص يحتاجون إلى مساعدات إنسانية فورية، فإن ذلك يعد أفضل خبر سمعناه في الفترة الماضية.
&
وعلى الفور أعرب وزير الخارجية السعودي عن ترحيبه بالاتفاقية وأمله في أن تؤدي إلى استعادة الأمن والاستقرار في ليبيا في ظل وحدتها القومية وتكاملها الإقليمي.
&
وبحسب سياسيين أميركيين سوف تكون القيادة السعودية حيوية في 2016 في ضمان تطبيق الاتفاقية الليبية وتعزيز قدرة الحكومة الليبية على الاستقرار وتأمين حدودها.
&
وفي ظل الاضطرابات الإقليمية والمخاوف المتعلقة بإيران، تمحور جانب كبير من المناقشات السياسية الأميركية مع حلول العام، حول الدعوة لتواصل أعمق مع المملكة العربية السعودية ككل (خادم الحرمين الشريفين، والجيل الشاب من القيادات الذي تبناه، والاتجاهات المشجعة التي تسود المجتمع) فلنأخذ في الاعتبار، على سبيل المثال، المقال الذي كتبه جاري أكرمان مؤخرا، وهو عضو سابق بالكونغرس في صحيفة واشنطن الشهيرة «ذا هيل»: «فلنعزز الروابط الأميركية مع المملكة العربية السعودية الجديدة»، حيث تحدث أكرمان عن التطلع العالمي المتزايد للجيل الجديد من الشباب السعودي. كما كتب بإيجابية حول الخطة الاقتصادية التي تحدث بشأنها ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان مع الرئيس أوباما بصحبة خادم الحرمين في البيت الأبيض. كما لمح إلى التقدم الذي تم إحرازه بشأن القضايا الاجتماعية في المملكة. ودعا أكرمان إلى تعزيز التحالف السعودي - الأميركي لكي يتضمن قدرا أكبر من الدعم للمصالح الأمنية للمملكة والقيادة الإقليمية بالإضافة إلى قدر أكبر من التعاون الاقتصادي والثقافي.
&
من الناحية الاقتصادية وخلال زيارة الملك سلمان وولي ولي العهد محمد بن سلمان للرئيس أوباما في البيت الأبيض في سبتمبر (أيلول) الماضي، عرض ولي ولي العهد خريطة طريق لقدر أكبر من المشاركة الأميركية في الاقتصاد السعودي. وتضمنت تلك الخريطة عروضا مفصلة حول الاستثمارات في التعدين والبترول والغاز وتجارة التجزئة والترفية والإسكان والبنية التحتية والصيرفة والخدمات التكنولوجية التي تتضمن جميعها امتيازات تقدم للشركات الأميركية وتقدر بمئات المليارات من الدولارات خلال السنوات الخمس التالية. ثم تعهد الملك سلمان بتقديم أكثر من 3 تريليونات دولار لدعم الشراكة الاقتصادية بين القطاعين الخاص والعام خلال السنوات الخمس المقبلة وتقديم أولوية خاصة لبناء الطرق الجديدة والموانئ وأنظمة السكة الحديد الحديثة. وهذا بالطبع ذو أهمية كبيرة للقطاع الخاص الأميركي الذي من المتوقع أن ينافس بشراسة مع البلدان الأخرى في أي عقود يتم طرحها. كما يدرك رجال الأعمال الأميركيون تماما حقيقة أن ولي ولي العهد محمد بن سلمان كان يتحرك بقوة لوضع خطط لتعزيز الاقتصاد السعودي وتنويع القطاع الخاص. وفي هذا الإطار، استعان بعدد كبير من الخبراء الغربيين – خاصة الأميركيين - لتقديم النصح بشأن تلك الخطط. ومن بين هؤلاء الخبراء كانت شركة «ماكينزي» للاستشارات والتي أصدرت تقريرا في بداية الشهر الحالي تقول فيه إن المملكة العربية السعودية يمكنها أن تضاعف الناتج المحلي الإجمالي وتوفر فرص عمل لنحو 6 ملايين سعودي بحلول عام 2030 إذا ما تمكنت من تحقيق «تحول منتج يعتمد على الاستثمارات».
&
ومن ثم، هناك آمال واسعة بشأن تزايد الدور الأميركي في إعادة تخطيط الاقتصاد السعودي خلال عام 2016.