&تحولات خطرة وسط الأردنيين بسبب «الضائقة المالية» وأهم الظواهر: سلاح ورصاص ومخدرات في القرى ومجازفين يبحثون عن الهجرة واللجوء السياسي

&

بسام البدارين

&قد لا تفيد مجريات التغطية على جرائم تهريب وبيع السلاح غير الشرعي في إخفاء التحولات الحادة التي يشهدها المجتمع الأردني المحافظ والمتكافل بطبيعته خصوصا عندما يتعلق الأمر بالكلفة السياسية والأمنية للضغط الاقتصادي بعدما كاشفت الحكومة الشعب بربط مؤشرات الاستقرار بكفاءة آليات وتقنيات «الجباية».

التحولات عندما يتعلق الأمر بالجرائم الخطرة في الأردن وعندما يتعلق بالمزاج الشعبي العنيف أخطر بكثير من أي إمكانية لإنكارها، وجرس الإنذار في الخصوص قرعه سياسيون كبار من بينهم رئيس مجلس الأعيان الأسبق طاهر المصري في مقال تحدث فيه عن تحولات حرجة في المجتمع الأردني.

في الأفق ثمة ظواهر اجتماعية وأمنية نتجت عن أزمة الأفراد المالية والاقتصادية، بعضها «مسكوت عنه» والبعض يناقش ويستعرض في كل المجالسات والمنابر. بين الملفات المسكوت عنها إعلاميا على الأقل تجارة السلاح غير الشرعي التي وصلت لمستوى إعتقال ومحاكمة موظفين عموميين وظيفتهم أصلا التصدي لتجارة السلاح، حيث تكثف النقاش في المؤسسات العميقة والسيادية عن هذا الأمر بعد إكتشاف مثير له علاقة بالسلاح «المهرب» الذي إستخدم في جريمة إرهابية عرفت بإسم حادثة الموقر.

يظهر السلاح ببساطة في المدن والمحافظات الأردنية هذه الأيام بعدما إمتنع رئيس الوزراء ومدير المخابرات الأسبق أحمد عبيدات عن شرح مضامين تصريح شهير له حول وجود ستة ملايين قطعة سلاح غير شرعية في البلاد .

الضائقة المالية والاقتصادية التي يعيشها غالبية الأردنيين تدفع البعض في رأي الخبير الاقتصادي في قضايا التهريب عماد مطر إلى النزوع للبحث عن أسرع ربح ممكن وهي مساحة توفرها دوما قطعة سلاح هنا أو هناك خصوصا بعدما تبين أن ضبط الحدود الأردنية مع سوريا مهمة ليست سهلة إن لم تكن مستحيلة أو لا يمكن الإتفاق عليها.

لا يتعلق الأمر حسب مطر فقط بالفقراء بل ببعض الأثرياء وأبناء الطبقة الوسطى الذين قلت مداخيلهم ويخططون دوما للحفاظ على مستوى معيشتهم وبأي طريقة ولو على حساب القانون. مأزق السلاح بعد ظهوره في عمليات صنفت بالإرهاب يبدو مفصليا في بلد كالأردن والأهم أن السلاح الفردي بدأ يظهر وبكفاءة بيد عابثين أو مجرمين أو مواطنين انفعاليين .

في قرية مؤتة في مدينة الكرك وقبل عدة أيام فقط استل شاب مسدسه وأطلق رصاصتين على نجل تاجر كبير بدم بارد بسبب «خلاف مالي»..النتيجة كانت قوة مستقرة في المكان من الدرك وإحراق بيوت ومحلات وترحيل أقارب الشاب القاتل الذي يطالب الطرف الآخر بإعدامه.

في المدينة نفسها وبعد خلاف بين صغيرين انطلق الرصاص الإنفعالي فقتل شخصا واصيب ثلاثة من عائلة واحدة فيما تم ترحيل 75 عائلة فيما يعرف بإسم «الجلاء العشائري».

في شمال المملكة لا يختلف الأمر كثيرا، فعشيرة شرطي قتيل تطالب بإعدام سريع لقاتل ابنها الذي اعترف انه قرر الإنتقام من الشرطة بعد مقتل شقيقه فأطلق الرصاص على دورية أمنية لا على التعيين وقتل عنصرين من الأمن مخلفا مشكلة اجتماعية معقدة.

الرصاص المنفلت بهذا المعنى تم تقييده نسبيا في الأعراس والمناسبات الاجتماعية لكنه ينفلت وفي أكثر من مكان وعلى أهون الأسباب والخبراء يعيدون الأمر دوما للضائقة الاقتصادية التي تجعل المواطن الأردني في حالة ذهنية عصيبة وعصبية وغير قادر في بعض الإنفعالات على التحكم في أعصابه.

لا يقف الأمر على الرصاص والأسلحة غير الشرعية، فالمخدرات من حيث التعاطي والمتاجرة بها أصبحت مشكلة عميقة وبصورة غير مسبوقة في الأردن بالرغم من الضربات القوية التي وجهت لبعض حيتان المروجين في عهد وزير الداخلية الحالي سلامه حماد.

السلطات حرصت على إخفاء مضمون تقرير أمني داخلي يستعرض مفاجآت مقلقة جدا عن تعاطي الحبوب المخدرة في المدارس سواء الحكومية أو الخاصة وعضو البرلمان الأسبق عبد الحميد الذنيبات أبلغ «القدس العربي» ان عبوات الكحول وحبوب المخدرات تلقى ويتم تداولها في شوارع القرى جهارا نهارا هذه الأيام.

المعلومات الأمنية الخاصة التي حصلت عليها «القدس العربي» تشير إلى أن عدد قضايا المخدرات وصل إلى مستويات غير مسبوقة ومشكلة التعاطي أصبحت من المؤرقات الأمنية والاجتماعية وسط حالة صمت حكومية ورسمية غير مبررة لا تريد الإفصاح عن الحيثيات والوقائع بحجة الحرص على تجنب إرعاب المجتمع.

الذنيبات يرى ان مظاهر مثل السلاح واستعماله بصورة غير شرعية وحبوب المخدرات هي محصلة طبيعية لسياسة إقصاء وتهميش القادة الاجتماعيين العميقين في المستوى العشائري لصالح طبقة جديدة من الرموز والمشايخ، ومحصلة أيضا لإستهداف القوى الأساسية المنظمة التي كانت تلعب دورا أساسيا في إستقرار المجتمع مثل الإخوان المسلمين.

يتفق الذنيبات مع المصري في التشخيص القائم على غياب التنمية وندرة فرص العمل ويرى باحث استراتيجي هو الدكتور عامر سبايله ان قطاعات الشباب في المحافظات والمدن البعيدة لا تجد ما تفعله غير الشارع بعد لحظات الغروب بسبب عدم وجود مراكز تثقيف ولا تنمية ولا ترفيه إيجابي.

مؤخرا برزت ظاهرة إضافية، حيث بدأت اسماء لأردنيين تظهر بين الفينة والأخرى في قوائم إما اللجوء السياسي أو المشاركة في رحلات البحر للاجئين بحثا عن ملاذ آمن في جنوب أوروبا وهذا لم يكن يحصل في الماضي حيث يتسبب الضيق الاقتصادي اليوم في تحولات غير مسبوقة خصوصا بعد إعتراف علية القوم بأن مساحة لا يستهان بها من مظاهر الصراع الاجتماعي اليوم سببها البحث عن مال إضافي.

&