&ظريف.. دراما الوزير وتجاهل أوباما .. ويستمر «مسلسل» الاتفاق النووي

&

تركي التركي

ما العلاقة بين مقال ظريف في الـ "نيويورك تايمز" الذي امتدح فيه إيران "الإسكندنافية" - بتعبير عبدالله بن زايد وزير الخارجية الإماراتي- من باب الإساءة للسعودية. وخطاب أوباما الأخير الذي تجاهل فيه جنوده المهانين، قبل ساعات، في عرض الخليج العربي؟ الاتفاق النووي لا شك. بل والبند "التسويقي" الأهم من هذا الاتفاق. وهو تلميع وتحسين صورة هذا الاتفاق أمام الرأي العام الغربي خصوصا، وليس السياسي أو النخبوي الذي يدرك تماما ما هية إيران وصورتها.

تداعت المقالات العربية والمحلية التي تطالب وزير الخارجية عادل الجبير، بالرد على ظريف في نفس الصحيفة نفسها، ولكن حسنا فعل الوزير إذ لم يرد. واختار الطريقة المعهودة والمعتادة، لوزراء الخارجية، دون تحديد عنوان أو موضوع مسبق، من خلال مقابلات مباشرة ومفتوحة مع الصحافيين، كان آخرها على هامش زيارته لبريطانيا، عوضا عن الإساءة لبلد آخر، من خلال كوميديا سوداء، أثارت السخرية أكثر من الإعجاب، كما فعل ظريف في الـ "نيويورك تايمز".

أحسن الجبير لأن أوباما وظريف في حاجة إلى الرأي العام الغربي، وإلى مزيد من الإثارة الإعلامية، وما يلزمها من كوميديا ودراما، إذا ما لزم الأمر، من أجل تسويق اتفاق نووي فيه كثير من العلل. ولكنها ليست حاجة المملكة التي كررت عبر جميع منابرها وأرفع مسؤوليها أنه لا تعنيها صورة الاتفاق أو صورة إيران بقدر ما تعنيها "أفعال" إيران.

التدخلات التي لا يبدو أن أوباما أو حتى ظريف قادران على كبح جماحها المنفلتة تجاههما، فضلا عن كبح جماحها تجاه الآخرين. يمكن تجاهلها لأجل استمرار هذا المسلسل طالما أن الحكم الحقيقي بيد "الثورة" لا بيد "الدولة" كما عبر الجبير. إذ يستطيع الرئيس أوباما الوقوف بكامل لياقته التسويقية والخطابية لساعات، متجاهلا مصير مواطنين أمريكيين جاثمين على ركبهم رافعين أيديهم فوق رؤوسهم لتكون الصورة "أحلى"، ومتجاهلا عرض التلفزيون الإيراني ـ بحسب بعض التقارير- شريطا مصوّرا يتم فيه استجواب البحارة بينما يتوجه أحدهم بالاعتذار، علما بأن نشر الصور الدعائية بجميع أنواعها للسجناء ينتهك "اتفاقية جنيف".

وقبل ذلك، بوقت ليس بالبعيد، تجاهل أوباما اختبار صواريخ باليستية، وإطلاق نيران حية على مقربة من سفن شحن تجارية وسفن تابعة للبحرية الأمريكية.

وبينما يتجاهل أوباما كل ذلك يجيد ظريف بدوره كتابة سيناريوهات متعدددة مشوها الحقائق بشكل "كوميدي" و"درامي" مثير لا يمكن الاستغناء عنه في مشروع تسويق "مسلسل" الاتفاق النووي الطويل.

ويبقى السؤال، هل كان بالإمكان أسوأ مما كان، بالنسبة للجنود الأمريكيين المحتجزين، لولا الاتفاق النووي ولولا وساطة الظريف لرفيقه أوباما عند حرس الثورة التي سرّعت الإفراج عنهم، قياسا بحوادث تاريخية سابقة، كما يريد أن يقنعنا، البطل الثالث لهذا المسلسل "جون كيري" وزير خارجية الولايات المتحدة؟ الحقيقة لا.. فقد التقط حرس الثورة الصور "الصلبة" التي أرادوها لمسلسلهم الأطول والأعنف، العابر للقارات: "الموت لأمريكا.. الموت لإسرائيل". وبالتالي يستطيع ظريف الآن أن "يبيّض الوجه" كما يشاء مع صديق الدراما والدبلوماسية "الناعمة" في عامه الرئاسي الأخير.

انتهى

من هو ظريف

محمد جواد ظريف خوانساري (7 يناير 1960) دبلوماسي وسياسي إيراني، وحالياً وزير الشؤون الخارجية الإيراني في ادارة روحاني. تقلد العديد من المناصب الدبلوماسية والوزارية الهامة منذ عقد 1990. كذلك هو أستاذ مساعد في جامعة العلاقات الدولية حيث يقوم بتدريس الدبلوماسية والمنظمات الأهلية. كان الممثل الدائم لإيران لدى الأمم المتحدة من 2002 حتى 2007.

&بالإضافة إلى ذلك، تقلد طريف مناصب محلية ودولية أخرى: مستشار وكبير مستشاري وزير الخارجية، نائب وزير الخارجية للشئون القانونية والدولية، عضو الشخصيات البارزة في حوار الحضارات، رئيس لجنة نزع السلاح التابعة للأمم المتحدة في نيويورك، عضو الشخصيات البارزة في الحوكمة العالمية، ونائب الشئون الدولية في جامعة أزاد الإسلامية.

يُعتبر وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف المكلف بملف المفاوضات حول الملف النووي الإيراني، شخصية من صلب النظام الإسلامي ومن مؤيدي الدبلوماسية العلنية بعد أن أمضى أكثر من 22 عاماً في الأمم المتحدة.

وشارك ظريف منذ نهاية ثمانينات القرن الماضي في كل جولات المفاوضات الدولية التي خاضتها إيران.

حياته

حمل شهادة دكتوراه في القانون الدولي من جامعة دنڤر الأمريكية. يعود التزامه بالثورة الإسلامية إلى حقبة المراهقة. ففي سن الـ16 أرسله أهله إلى كاليفورنيا بالولايات المتحدة بعد أن كاد يتعرض للتوقيف في زمن حكم الشاه، وأصبح عضواً في الجمعية الإسلامية الطلابية.

في عام 1980 إثر قطع العلاقات الدبلوماسية بين إيران والولايات المتحدة بعد احتجاز رهائن في السفارة الأميركية، تم تكليفه بإغلاق القنصلية الإيرانية في مدينة سان فرانسيسكو.

درس العلاقات الدولية، وفي موازاة ذلك انخرط في صفوف الوفد الإيراني إلى الأمم المتحدة.

كان مع الرئيس حسن روحاني ضمن الفريق المكلف عام 1988 التفاوض للتوصل إلى وقف لإطلاق النار مع العراق. وكان سفير بلاده لدى منظمة الأمم المتحدة بين عامي 1989 و1992، ثم 2002 ولغاية 2007، وفي الأثناء عين نائباً لوزير الخارجية.

شارك في المفاوضات للإفراج عن الرهائن في لبنان في تسعينات القرن العشرين. في عام 2003 كان مع روحاني كبير المفاوضين النوويين حينها. في عام 2007، انظم إلى مركز الأبحاث الإستراتيجية الإيراني الذي كان يقوده حينها الرئيس الحالي حسن روحاني.

بعد فوز روحاني بالانتخابات الرئاسية في يونيو 2013، رشحه لمنصب الخارجية، وتم تعيينه في 15 أغسطس 2013 وزيراً للخارجية.