&&&حسناء عبد العزيز القنيعير&

&&سياسة النأي بالنفس - حسب كثير من المراقبين – غدت فكرة مضللة، وشعاراً يتمترس خلفه بعض الساسة اللبنانيين للهروب من التزاماتهم تجاه الأمة العربية ضد دولة المجوس، ووكيلها في لبنان حسن حزب الشيطان

&لا يحتاج الموقف المتخاذل في الاجتماع الطارئ لوزراء الخارجية العرب في الجامعة العربية الذي اتخذه وزير خارجية حزب الله ضد بلادنا الأسبوع المنصرم، إلى كثير من الذكاء لنقول إن ذلك الموقف كان استرضاء لدولة الفرس ووكيلها في لبنان حسن نصر الشيطان، وليست هذه المرة الأولى التي تتخذ فيها الخارجية اللبنانية مواقف مخالفة للإجماع العربي، كما سبق أن أبدى جبران باسيل تحفظه على التحالف العربي الإسلامي، الذي سوّق على أنه يهدف إلى احتواء النفوذ الإيراني.

&يشكل هذان الموقفان إساءة بالغة لبلادنا التي لم تتأخر يوماً عن مدّ يد العون والمساعدة والاحتواء للبنان وشعبه، بل إن ذلك الموقف إساءة متعمدة لتاريخ لبنان مع العروبة التي لم يعد لها موطئ قدم في دولة بات(...الفتى العربي فيها +++ غَريب الوَجهِ والَيدِ والِّلسَانِ ) - حسب قول أبي الطيب المتنبي- فهل نقول بالعامية اللبنانية (يا عيب الشوم) أم نقول باللغة التي باتت سيدة الموقف هنالك (اوه نقص شومان)؟ ليكون ما نقوله معبرًا بصدق عما يحدث في ذلك البلد، الذي أصبح قاب قوسين أو أدنى من تجريده من عروبته، ليلحق بولاية الفقيه التي تأبى حتى اليوم تعيين رئيس له، ليبقى جسدًا مريضًا بلا رأس منذ ما يناهز العام والنصف؟ ليسير بخطى ثابتة - بفضل هيمنة الملالي على قراراته - نحو الدولة الفاشلة! أقول هذا لأن لبنان لم يستطع إعلان تضامنه مع بلادنا بعد عدوان المجوس على سفارتنا وقنصليتنا، ذلك أن فيه فئة مهيمنة تريد أن تنزع عنه "أي صفة ذات طابع عربي.. هناك من يريد تحويله إلى الخروف الأسود في القطيع"! ليس السؤال الملح هنا: ما هو موقف لبنان من الأعمال الإيرانية العدائية تجاه البلدان العربية؟ بل السؤال هو: كيف ومتى يتمكن لبنان من أن يكفّ أيدي عملاء إيران اللبنانيين عن الاعتداء على الدول العربية من داخل لبنان، الذي ما زال يعدّه العرب دولة عربية؟&

لم يكن موقف باسيل مفاجئًا، لكن المفاجئ أنه أُعطي الضوء الأخضر- حسب تصريحه - من رئيس الحكومة، الذي أكسبه نقطة قوة بوصفه الموقف ب"الممتاز"، وحسب أحد الكتاب اللبنانيين فإن "قصة الخارجية اللبنانية ليست جديدة مع باسيل بقدر ما تشكل مؤسسة طالما رفض النظام السوري قبل العام 2005 وتحديدًا منذ اتفاق الطائف أن يتولاها شخص غير موال للنظام السوري" !&

سبق أن كتبت مقالًا في هذه الصحيفة 10 مارس 2013 عنوانه (النأي على الطريقة اللبنانية) عقب الخطاب الذي أدلى به وزير الخارجية اللبناني السابق عدنان منصور في جامعة الدول العربية في شهر مارس 2013، الذي دعا فيه الدول العربية الى وقف تعليق عضوية سورية في الجامعة. ومما قلت فيه: "يظل لبنان متفردًا في كل شيء، ومنتهجًا أسلوبًا في معالجة قضاياه وقضايا الأمة التي يدعي انتماءه إليها، على نحو شديد الغرابة وأكثر بعثاً على العجب، لكن السؤال الذي يطرح نفسه بقوة هو ماذا يؤمل من أناس يقدمون مصالح الآخرين على مصالح بلادهم، سوى الإتيان بكل ما هو عجيب وغريب؟.. يذكّرني أسلوب النأي بالنفس الذي اتخذته حكومة حزب اللات اللبنانية من القضية السورية، ومن كل القضايا العربية، بقوائم الطعام في المطاعم اللبنانية حيث يُكتب أمام اسم الطبق جملة:(على الطريقة اللبنانية) إشارة إلى تميزه وتفرده عمّا يماثله في بلاد عربية أخرى، وهكذا هي سياسة النأي بالنفس التي يمارسها بكل صلف وغباء وتآمر على الشعب السوري عدنان منصور وزير خارجية حركة أمل الإرهابية التي كان لها أسلوب على درجة عالية من الهمجية، عندما شنت حرب إبادة ضد المخيمات الفلسطينية عام 1985 ".&

وهاهو التاريخ يعيد نفسه، وتتكرر سياسة النأي بالنفس الانتقائية، فحين يتعلق الأمر بإيران وسورية بشار وحزب الشيطان والأقزام الحوثيين وإرهابيي البحرين، لا ينأى لبنان بنفسه، لكن عندما يتعلق الأمر بالآخرين كبلادنا وحكومتي البحرين واليمن والشعبين السوري والبحريني، فلبنان ينأى بنفسه. سياسة النأي بالنفس - حسب كثير من المراقبين – غدت فكرة مضللة، وشعاراً يتمترس خلفه بعض الساسة اللبنانيين للهروب من التزاماتهم تجاه الأمة العربية ضد دولة المجوس، ووكيلها في لبنان حسن حزب الشيطان.

&لقد امتنع وزير دويلة حزب الشيطان باسيل عن التصويت على البيان الختامي، لأنه " ذكر اسم حزب الله وربطه بأعمال ارهابية" ! وعجباً لاعتراضه، فالوصف بالإرهاب ليس من صنيع أحد، بل تؤكده كل أفعال ذلك الحزب، فهو منخرط بقوة في حرب إبادة للشعب السوري، حدّ محاصرة السكان ليموتوا جوعًا، كما في مضايا والمدن الأخرى، تمامًا كما كان يفعل التتار والمغول في العصور القديمة ،ناهيكم عن نشاطاته المدمرة ضد العرب السنة في اليمن والبحرين والكويت مروٍرًا بالعراق، تلك الدول التي يهرب لها الأسلحة، ويدرب عملاء وإرهابيين ومتمردين ضد أوطانهم يعملون على انفصالهم عنها ليلحقوا بولاية الفقيه المجوسي! ثم ماذا عن خطب نصر الشيطان العدوانية ضد بلادنا بعد أن تهاوت أحلامه وأطماع سادته المجوس، تحت رايات عاصفة الحزم في اليمن؟ وهنا يحق لنا أن نسأل وزير النأي باسيل: أليس إرهابيًا من يخوض حروبًا في طول المنطقة العربية وعرضها لحساب الملالي؟ أليس إرهابيًا من يرسل عملاءه للتخريب وتهريب الأسلحة كما حدث في الكويت والبحرين؟ أليس إرهابيًا من يشارك في حرب اليمن ضد الحكومة الشرعية وضد أمن الشعب اليمني؟ أليس إرهابيًا من انخرط في حرب سورية مع رئيسها الطاغية منذ خمس سنوات ضد الشعب السوري الثائر ضد حكمه؟ أليس إرهابيًا من يحاصر المدن والقرى ويميت أهلها جوعاً جراء الحصار؟ إذا لم تكن تلك أفعال إرهابيين فماذا عسى لبنان أن يسميها؟&

لا شكّ أن امتناع الوزير اللبناني عن التصويت بحجة أن البيان أشار إلى حزب الشيطان الإرهابي، يدعونا للتساؤل: هل عندما ذهب للجامعة العربية كان يمثل الدولة اللبنانية أم يمثل ذلك الحزب الطائفي؟ وهل كان يدرك – نظراً لحداثة تجربته السياسة - أن ما شهده اجتماع الجامعة العربية لا علاقة له بالطوائف والتحزب؟ وكيف تجرأ على خرق إجماع الدول العربية على إدانة ما تعرضت له مقرات ديبلوماسية لدولة عربية من اعتداء سافر؟ إن الواقع يشير إلى أنه كان يفتقر إلى أبسط المفاهيم التي تحتم عليه الانسجام مع الموقف ضد المعتدي أيا كان، علاوة على افتقاره للحسّ القومي العربي المنحاز للأمة العربية في قضاياها العادلة. إن المبعوث اللبناني لم يكن إلا مبعوثًا حزبيًا، لذلك كان على جامعة الدول العربية ألا تستقبله باعتباره ممثلا للبنان، ذلك أن لبنان ما زال عاجزاً عن اختيار ممثليه الذين يمثلونه بصفته دولة عربية، وليس من يمثلون أحزابا طائفية تعمل على فصله عن الأمة العربية.&

أما السفير اللبناني في بلادنا، فقد برر امتناع لبنان عن التصويت للقرار العربي قائلا: " نحن دائما مع الإجماع العربي وقرار لبنان بالامتناع يعني أننا لم نرفض القرار بل امتنعنا فقط، ونحن بالطبع ندين بأشد العبارات ونتضامن بأقصى حدود التضامن مع المملكة ومع كافة الدول العربية ضد أي اعتداء يمسها أو يمس أمنها، ولكن في نفس الوقت ونظراً لحساسية التركيبة السياسية اللبنانية فقد كان هناك عبارات ضمن القرار جعلت لبنان يرتئي أن نمتنع عن التصويت بخصوصها حفاظاً على وحدتنا السياسية وعلى استقرارنا"! فياله من كرم إذ لم يرفضوا لكنهم فقط امتنعوا! أما قوله "نحن ندين بأشد العبارات ونتضامن بأقصى حدود التضامن مع المملكة ومع كافة الدول العربية ضد أي اعتداء يمسها أو يمس أمنها"! بالطبع هذا يفسره رفضهم حكومة وشعباً تطاول حسن حزب اللات مرات عدة في خطبه ضد بلادنا منذ عاصفة الحزم؟ بل إن الخطاب الإعلامي اللبناني في معظمه - عبر عملاء الولي الفقيه من كتّاب وساسة - لم يتوقف يوماً عن بث خطاب الكراهية ضد بلادنا. سيقولون إن إعلامهم حرّ، فنقول نعم هو حر في عدوانه ضدنا، أما دولة المجوس فلا يستطيع كائن من كان أن يرشقها بوردة في الإعلام اللبناني أما حديث السفير عن وحدة بلاده، فعن أي وحدة يتحدث؟ هل هي الوحدة التي يبعثرها حزب الشيطان في لبنان لحساب أسياده المجوس؟ أم هي الوحدة التي لم تستطع أن تجمع النواب لانتخاب رئيس؟ أم هي تلك الوحدة التي عجزت أن تمنع حزباً إرهابياً من الولوغ في الإناء السوري لحساب رئيس ديكتاتور؟

&لشد ما أعجبني قول رئيس تحرير صحيفة السياسة الكويتية أحمد الجارالله: "لقد أثبت الموقف اللبناني في جامعة الدول العربية حيال العدوان الملالوي على المملكة أن هذه الدولة محتلة من إيران، وبات من الضروري تعليق عضويتها في الجامعة لأنها في كل ما يتعلق بتدخلات نظام الملالي وممارساته العدوانية في العالم العربي نسمع صوتاً لبنانياً يتحدث بلغة إيرانية، ما يعني خروجه من العروبة والتضامن، وهذه الحالة الشاذة تتطلب اتخاذ الإجراء المؤسسي الصريح، أي تعليق عضوية لبنان، كي لا يبقى حصان طروادة إيرانياً في الجامعة ".