&&&مطلق بن سعود المطيري

&نقد عمل وزارة الخارجية في الإعلام المحلي ظاهرة صحية، وينم عن زيادة وعي المواطن بالقضايا السياسية الذي دفع صحافته مجبرة للاهتمام بهذا المجال، إلا أن هذا النقد في الآونة الأخيرة كشف عن ضعف الإعلام السعودي في الشؤون السياسية، وأثبت قدرة الدعايات المضادة على اختراقه بطريقة غير مباشرة، فنحن أمام ورطة إعلام داخلي وليس أمام إشكالية سياسية خارجية، التي تصنعها جهات رسمية عدة وليس وزارة الخارجية بمفردها، وهذا لا يعني ضعفاً في الدور والمسؤولية، ولكنه عمل مهني بحت تعمل به كل الدول، تتحد جهود عدة جهات لصياغة التوجه السياسي العام.&

الأسبوع الماضي تعامل الإعلام السعودي مع مقال وزير خارجية إيران الذي نشر في صحيفة نيويورك تايمز بشيء من الإرجاف والتسطيح، فارتجف وأربك الجمهور المحلي معه، وحشد قواه المطالبية بزيادة الحضور في الإعلام الأميركي لمواجهة خصمنا الشرقي الذي نهب الكلام والأضواء الأميركية لصالحه، ونسي أن الوقوف طويلاً تحت الأضواء يحرق الوجه والتاريخ، وزير دبلوماسية طهران اختار نيويورك تايمز كمنبر عولمي يوصل به رسالة للسعودين وليس للأميركيين، فالتداول الكبير للمقال كان في المملكة وليس في أميركا أو طهران، الدعاية الدولية اليوم تغيرت أساليبها ومنابرها ليست كما السابق تتوحد بها لغة الجمهور والدولة والإعلام.. فالصحيفة أميركية والجمهور سعودي والكاتب إيراني، اختار لغة يفهمها العالم في إعلام يحترمه العالم لتوصيل رسالة إلى محطة بعيدة من العالم، قد يقول البعض لنستخدم نفس المنبر لنخلق نفس التأثير، هذا متاح وقد يكون رداً مناسباً ولكنه ليس كل الرد، فلعبة السياسة مع الإعلام لا تعتمد على الجزاء من فعل العمل، ولكن تعتمد على التناقض بين عمل وعمل، المملكة لجأت للقانون الدولي والعلاقات السياسية وطهران إلى الدعاية السياسية والغوغائية والاعتذارات الدبلوماسية. (والحكم لك عزيزي القارئ من كسب الجولة).

&من هذا المثال يتضح أن إشكالية وزارة الخارجية مع الإعلام المحلي وليست مع الإعلام الدولي، فإعلامنا العظيم ذهب يتفحص معايير اختيار السفراء والعمل الإعلامي للسفارة، ينقدها بسلبية مرة ويعتذر عنها مرة، والسبب بسيط ان إعلامنا يعمل على تسويق شخصيات وكتّاب في هذه القضية والوزارة تسوق لقضية وليس لشخص وتسويق القضايا لا يتم بين يوم وليلة، وتسويق شخصية على حساب قضية قد تصنع شهرة لكاتب ولكنها تربك فهم الجمهور.. فوزارة اختارت السفير عبدالله المعلمي في بعثة المملكة بالأمم المتحدة والأمير محمد بن نواف في لندن، هاتان العاصمتان الذي يطالب إعلامنا بحضور إعلامي سعودي بهما، فهذا الإعلام لم يكلف نفسه لقارئه الحضور كما هو عليه الآن، وقبلهما حضور وزير خارجيتنا الإعلامي في واشنطن عندما كان سفيراً، فحضور الخارجية الإعلامي في عواصم التأثير الدولي كان قوياً ولا يزال، ولكن الغائب عن المشهد الإقليمي والدولي الإعلامي هو الإعلام السعودي وليس وزارة الخارجية، فوزارة الخارجية لا تنساق وراء الدعاية الإيرانية كما عمل بعض المرجفين أو ما يسمى بالمتخصصين، الذين عظموا شأن الغول الإيراني في عقول الجمهور، إيران نجحت دعائياً وليس إعلامياً، بسبب المرجفين واعتمادها على الأعمال الإجرامية وليست السياسية، تصنع مشروعها السياسي بجريمة أخلاقية وليس بدهاء ونضج سياسي، وهنا نحتاج إعلاماً يقوم على حرفة السياسة وليس كذب الدعاية، يتم ذلك بقراءة الإجراءات السياسية السعودية تجاه إيران قراءة قانونية دولية وأخلاقية إنسانية.

&

&