علي الجحلي

&لعل ما يحدث اليوم في عالمنا العربي يدل بوضوح على الوضع الذي آلت إليه الحالة الفكرية والعلمية والاقتصادية والسياسية في هذا العالم المتأزم. يحدث الكثير اليوم مما لا يعلمه كل العرب، بما فيهم المنظرون والمثقفون والفلاسفة، حالة جعلت الحليم حيران، ويذهب بأفكاره بعيداً في محاولة تفهم أو البحث عن أسباب هذه الحالة، التي لا مثيل لها في العالم.&

يمكن أن يفسر كل واحد منا ما يحدث بناء على خلفيته وتخصصه وخبراته، الكل سيجمع على أن الوضع الصعب الذي يعيشه العالم العربي ناتج عن تراجع في مجالات أساسية أهمها التعليم، في مقابل قفزات نوعية وحضارية في دول العالم، بسبب الاهتمام والتركيز على النشء، لتحويلهم إلى ركيزة أساس لمستقبل التنمية والحياة في دولهم.

&التعليم الذي يميل في عالمنا إلى التلقين والإصرار على التمسك بشتى المعلومات التي لا تفيد الفرد في حياته، وآخرته. التركيز على تقليل عدد ساعات الدراسة دون الاهتمام بالنوعية والثراء الذي يكتسبه الطلاب، ثم العناية بالشكل على حساب الكيف في المنشآت والمناهج وتأهيل صانعي الأجيال.&

عناصر مهمة أهملناها لنحصل على مخرجات غير قادرة على المنافسة والإبداع إلا لماما. يؤكد ذلك ما نشاهده من تفوق لمخرجات المدارس البعيدة عن المراكز الإدارية والحضرية. هذا التفوق سببه تمكن الطالب من تحويل أغلب وقت فراغه نحو التعلم الذاتي.&

ثم إن الأبوين ابتعدا عن دورهما المهم في بناء الجيل المسؤول عن مستقبل الأمة، فتركاه للمدرسة التي يخرج منها في الظهيرة وهو على استعداد لفعل أي شيء للتخلص من ساعة أو ساعتين إضافيتين، قد يكون فيهما نفع أكبر لذاته ومجتمعه. يجب أن تعتني المدرسة بالنفع المجتمعي وتكوين العلاقة بينها وبين المجتمع، الذي ينتظر مخرجاتها في مقبل الأيام.

&تختلف الدول العربية في الكم الذي تفقده من نشئها بحسب نسبة اهتمامها بمكونات العملية التربوية، صحيح أن المشرق ودول الخليج يحقق تقدماً نوعياً في التعليم ومخرجاته من نواحي الاهتمام بالمناهج والمدارس، إلا أننا في حاجة إلى مقارنة ما نفعل بأفضل دول العالم تقدما، تلك الدول التي بنت حضارتها على التعليم، والسواعد الوطنية التي يخرجها لبناء المجتمع، وهذا أمر في عهدة مسؤولي التعليم في كل دول المجلس.