&أمين ساعاتي

&تعد المعلومات من أهم الأسباب التي ستمكن مشروع التحول الاقتصادي من تحقيق الأهداف التي وضعها، بل نؤكد أن تقنية المعلومات هي حجر الزاوية لهذا المشروع الذي سيعيد هيكلة الاقتصاد الوطني ويجعله اقتصادا متنوعا ومتعدد الموارد.

&ونستطيع القول إن كل المشاكل التي يعانيها الناس في أي وقت من الأوقات، وفي أي حقبة من الحقب ما هي إلا نتيجة من نتائج غياب المعلومات أو لنقل مغالطات في المعلومات، ولذلك حتى َنبْرَأ من مشاكلنا فإنه يتعين علينا أن نناقش مشاكلنا مناقشة معلوماتية.&

وإذا اخترنا رزمة من مشاكلنا الواقعية وحللناها تحليلا معلوماتيا، فإننا سنقف على الأسباب، التي أدت إلى فشل هذه المشروعات وهو بالتأكيد عجز في المعلومات أو شبه غياب كامل لها ولنأخذ مشكلة التعليم وهو حجر الأساس في مجتمع المعرفة الذي نستهدفه أو مجتمع المعلومات الذي نتمناه، إن التعليم يقوم على قواعد تفتقر إلى المعلومات الرصينة، ولذلك نلاحظ بأن أهم المقررات استبعدت من مناهج التعليم، بينما ركضنا وراء مقررات لا تسمن ولا تغني من جوع، أكثر من هذا أن كثيرا من المدرسين كانوا على درجة لا يحسد عليها من ضحالة المعارف والمعلومات، وكانت المحصلة الطبيعية هذا الكم الهائل من الطلاب ضعيفي البنية التعليمية، وبالتالي ضعيفي المساهمة في التنمية المستدامة!.

&ولو أخذنا مشكلة البطالة نجد أنها مشكلة تراكمية، فلا توجد أرقام صحيحة عن البطالة، كما لا توجد أرقام صحيحة عن سوق العمل السعودية، وليس لدينا بيانات دقيقة عن معدلات الزيادة في عدد السكان، ولا توجد إحصائيات عن عدد الشباب والشابات، ولا توجد معلومات موثقة عن عدد ونوع الوظائف التي يسأل عنها سوق العمل، بل إن إحصاءات الوافدين مختلف عليها من وزارة إلى أخرى، والفرق كبير بين وزارة تقول إن الوافدين في المملكة ستة ملايين، وجهات أخرى تقدر إن الوافدين 12 مليون نسمة، وهكذا فإن ما هو متاح هو معلومات غير صحيحة.&

إن هذه المشكلة رغم ضراوتها، فإنها ستظل مشكلة عاتية دون حلول طالما أن جانبا كبيرا من المعلومات لم يتوافر عنها حتى الآن.&

إذا فقدنا المعلومات، فإننا نفقد مفاتيح الحل، ونذكر - على سبيل المثال - أن الاستقدام تتزايد معدلاته رغم كل البرامج التي قامت بتنفيذها وزارة العمل مدعومة من وزارة الداخلية، نحن حتى الآن لا نعرف ما تطلبه سوق العمل السعودية من الأطباء والمهندسين والفنيين، ولا نعرف أعداد الخريجين سنويا من الكليات النظرية والفنية، ولا نعرف ما هو المتوافر من هذا العدد أو العجز الذي نحتاج إليه لنستقدمه من الخارج.

&إننا حينما ننظر إلى الكيفية التي تمت بها إدارة المعلومات في هذه الأمور نجد أنها تفتقر إلى المعلومات، إذن نحن أمام قضايا تغيب عنها المعلومات، وبالتالي تغيب عنها الحلول!

&ويجب ألا يغرب عن بالنا أن قضية حرية الوصول إلى المعلومات على المستوى الدولي تحظى باهتمام بالغ، وهناك جهود دولية تهدف إلى تمكين المواطن الإنسان من النفاذ الشامل إلى المعلومات واستخدامها في إيجاد المعارف وتجميعها ونشرها، لأننا إذا توخينا بناء مجتمع المعرفة، فإن مجتمع المعرفة لا يؤسس ولا يبنى إلا بالمعلومات.

&في ضوء ذلك، فإننا في حاجة إلى إعادة النظر في منظومة المعلومات وإعادة هندسة مراكز المعلومات في جميع المؤسسات على اعتبار أن أكثر من 92 في المائة من المعلومات موجودة في مؤسسات الدولة، ولذلك نحن في حاجة إلى نظام يفصل بموضوعية بين المعلومات التي تستحق الحجب، والمعلومات التي يجب أن تكون مشاعة ومتاحة، نحتاج إلى نظام يعطي للمواطن حق الحصول على المعلومات وتحويل المجتمع إلى مجتمع معلوماتي أسوة بكل الدول المتقدمة التي تحرص على تزويد مواطنيها بالمعلومات وتعتبر حصول المواطن على المعلومات من حقوقه الوطنية المشروعة.

&ولذلك فإن الثورة الرقمية قد بدأت فعلا في تفكيك النظم القديمة البالية واستبدال نظم جديدة بها تبحر في المعلومات، وتتيح لكل فرد فرصة الارتباط بأي فرد آخر في أي بقعة من بقاع العالم، حيث أصبح من السهولة بمكان اليوم الاتصال إلكترونيا بين منشآت الأعمال - في كل أنحاء العالم - لأغراض اقتصادية كإبرام الصفقات وتبادل المعلومات والبيانات، التي كانت لسنوات طويلة تصنف على أنها "سرية للغاية".

&والخلاصة، إذا أردنا أن نصل إلى حلول ناجعة فلا بد أن تكون بين أيدينا معلومات شافية وافية، وفي ضوء هذه المعلومات الشافية الوافية تسهل علينا كتابة روشتة الحلول والعلاج، أما إذا ظلت مشاكلنا كما هي وبدون معلومات، فإن المشاكل ستظل تعيق تطورنا وربما تعرقل طموحاتنا نحو التنمية الشاملة.