هيا إبراهيم الجوهر

نختلف على أتفه الأسباب ويتحول الخلاف إلى حرب كلامية ثم تنابز بالألقاب هذا أبيض وهذا أسود، ذاك هندي وهذا باكستاني، هؤلاء عجم ونحن عرب، وكثير كثير من الصفات والألقاب والأشياء الصغيرة التي تؤجج العنصرية وتغرقنا وتحول الأرض إلى ساحة حرب ومعارك تبدأ كلامية وتنتهي بإراقة الدماء، لا لشيء إلا لعنصرية بغيضة وكره للآخر وتطرف!

نردد دائما إننا أبناء حواء وآدم ولا فرق بين عربي وأعجمي إلا بالتقوى وفي داخلنا تكمن العنصرية والنظرة الدونية للآخر ولكن ستكتشف بالدليل أنك خليط من عدة أعراق وشعوب فأنت لست عربيا خالصا أو أعجميا خالصا بل قد تحمل جيناتك بعض صفات المغول القادمة من أحد أجدادك في زمن ما، وقد يكون لك جد آخر كان أحد القادة في معركة صراع العروش في إنجلترا. قد تظن أن هذا الكلام نسج الخيال ولكن تعال لنرى ما قام به مجموعة من الباحثين من جامعة أكسفورد وكلية لندن الجامعية في بحث مثير للدهشة يمكنك من معرفة تاريخ البشر وأصولهم ونسبة الأعراق الأخرى في دمائهم من خلال الخريطة الجينية أو ما سمي بـ (خريطة أطلس الجينية) فجيناتك قد تكشف أدق التفاصيل ليس عن جسمك فقط بل ما مر به أسلافك من حروب وهجرات واندماجات نتجت عنها أنت! قام الباحثون فيه بتحليل الحمض النووي DNA لقرابة 1500 شخص من 95 مجموعة عرقية حول العالم بعد تتبع أصولهم ومن ثم قارنوا الـ 1500 عينة ببعضها لمعرفة أوجه الشبه والاختلاف بينها وكانت المفاجأة أن هناك توافقا شديدا بين ما تخبرنا به الجينات وبين أحداث التاريخ التي مرت بها البشرية من حروب وتجارة رقيق وهجرات ساهمت في رسم وتشكيل الجينات البشرية. فمثلا أظهرت الخريطة أن جينات المغول ليست حكرا عليهم بل وجدت منتشرة في مختلف بقاع العالم فالأتراك يحملون 3.7 في المائة من جينات المغول، بينما شعب اليوغور الموجود في غرب الصين، 25 في المائة منه يحمل جينات المغول، أيضا مثال آخر نُشر في مجلة "ساينس" عن الشخص الإيرلندي الذي وجدوا أن 9 في المائة منه يوناني، و4 في المائة إيطالي، و45 في المائة اسكتلندي، و26 في المائة نرويجي!

أما السعودي فهو مندمج جينيا مع السوريين بنسبة 32 في المائة، ومع المغاربة بنسبة 2 في المائة، ومع الإثيوبيين بنسبة 4.4 في المائة، ومع الفلسطينيين 1.8 في المائة، ومع الإماراتيين بنسبة 14.4 في المائة، ومع الأرمن بنسبة 4 في المائة. فهل ما زلت تعتقد أنك عربي؟! كيف تفخر بشيء لم تختره؟ كيف تتعالى على الآخرين وتمارس كراهيتك تجاههم فقط لأنهم من عرق أو قبيلة أو وطن مختلف؟