&&جنان التميمي &

&

يمكننا أن نعرف التواصل الشبكي عموما أنه: عملية تبادل للأفكار والآراء والمعلومات والقناعات والمشاعر عبر الشبكة العالمية. أما التدوين المصغر Micro-blogging فهو عبارة عن خدمة تقدم على الشبكة العالمية يكون للمستخدمين فيها صفحة شخصية حيث يستطيعون فيها بث رسائل قصيرة عامة موجهة إلى شخص محدد أو غير محدد. ويكون تجميع الرسائل بشكل عام معا من خلال المستخدمين. ويستطيع المستخدمون تحديد الرسائل التي يريدون استقبالها. وهذه المدونات تعتمد على عدد الأصدقاء الذين يمكنهم قراءة ما ينشره أصدقاؤهم. ويتميز "تويتر" عن بقية المدونات القصيرة بأنه غير تبادلي، حيث يمكنك تحديد قائمة الأشخاص الذين تريد متابعتهم دون أن يروا ما تكتبه إلا في حال اختاروا متابعتك. وقد يستخدم التدوين المصغر للدردشة ولكن "تويتر" يختلف عن تطبيقات الدردشة؛ لأن التدوين فيه غير مقيد الوصول. والمدونات القصيرة الناجحة عموما تعتمد على تفاعل الجمهور وعدده.&

تتكيف اللغة مع تغيرات العالم بشكل مستمر. والتغيرات التي تطرأ على اللغة نتيجة التطور التقني صارت ملحوظة بشكل يومي بسبب سرعة التطور التقني؛ خاصة بعد ظهور شبكات التواصل الاجتماعي على الإنترنت وتطبيقاتها المتعددة التي تجعل الفرد يحمل العالم بثقافاته المتعددة ولغاته المختلفة في جيبه على هاتفه المحمول. إن هذا التسارع التقني والانفجار المعلوماتي، والحرية المتاحة لمستخدمي مثل هذه الشبكات أثر من دون شك في اللغة العربية وبالتالي في الثقافة العربية؛ بغض النظر عن هذا التأثير إن كان تأثيرا إيجابيا أو سلبيا. ولا يخفى على باحث في اللغة أهمية ما توصل إليه تحليل الخطاب في الجانب الوظيفي التواصلي للغة. إذ يهتم بتفسير العملية التواصلية في كل أبعادها النفسية والاجتماعية والإيديولوجية ودراسة العلاقات بين اللغة والسياق.

&خطاب "تويتر" المحدود في 140 حرفا خطاب غير محدد الخصائص والاستخدامات أو الوظائف؛ لأن التغريد بيئة مفتوحة للتعبير في أي وقت وعن أي موضوع وبأي أسلوب. وعلى الرغم من كل تلك الحرية المتاحة على فضاء "تويتر" إلا أن هناك سمات وخصائص يمكن أن نحددها كمعالم نعين من خلالها الجنس الخطابي للتغريد. وسنتعرف على الوظائف التي يؤديها مثل هذا النوع من الخطاب عن طريق التحليل التداولي.&

إن الكتابة على "تويتر" أنتجت لغة حرة تلقائية تكشف عن شخصية الكاتب، تعرض اختياراته، وتحدد موقفه من الأحداث في مدونات قصيرة لا تتجاوز 140 حرفا. وعلى الرغم من أن "تويتر" تم إنشاؤه أصلا لتحديث حالة المستخدم ليقرأها الأصدقاء مباشرة؛ إلا أنه لم يقتصر على هذا الاستخدام فقط. وتعددت استخداماته ما بين نشر للأخبار، وكتابة الخواطر، والشعر، والحكم، وتداول الاقتباسات في سياقات مختلفة. إضافة إلى استخدام التغريد في الأغراض التعليمية.

&

إن "تويتر" في العالم العربي فضاء رقمي أوجد مجالا جديدا للحياة موازيا للواقع، ولكنه واقع مختلف ليس الفرق فيه في استخدام الأدوات فقط حيث تحل الشاشة محل الورقة ولوحة المفاتيح مكان القلم. بل إنه أوجد حياة صار الناس فيها يعيشون حياة بديلة عن الواقع، لأنهم يجدون في هذه الفضاءات الرقمية مجال واسعا متحررا من قيود الرقابة يمكن لأي شخص أن يشارك فيه ويمكن للمبدع أن ينشر إبداعه دون أن يتجشم عناء تكاليف دور النشر. ويمكننا أن نجمل أهم الخصائص التي اتسم بها الخطاب اللغوي في التواصل الشبكي في السمات التالية:&

- التدوين على "تويتر" خطاب تفاعلي يتسع لمختلف أنماط الخطاب التي يقع إنتاجها في سياقات تفاعلية مختلفة وذلك التفاعل يوجه دلالة الخطاب التي تنحرف أحيانا عن مقاصد المتكلمين بسبب التسارع الزمني للتواصل التفاعلي.

&- يعكس "تويتر" واقع الاستخدام الطبيعي للغة بأخطائها ولهجاتها المختلفة فيعطينا مادة كبيرة لدراسة ووصف واقع اللغة العربية دون تنقية.&

- يمثل "تويتر" صحافة الفرد في مقابل صحافة المؤسسة حيث يسجل الفرد ما يحيط به من أحداث فينقلها أو يعيد تكرارها.&

- أن استراتيجيات إنتاج الخطاب على "تويتر" لا بد أن تكون مختلفة عن استراتيجيات إنتاج الخطاب بالطرق التقليدية، سواء كان ذلك مشافهة أو كتابة؛ وبالتالي تختلف أدوات تحليله. الذي يستخدم نفس طريقة الخطاب التقليدي على "تويتر" قد يوقع نفسه في مأزق دون أن يعلم.

&

- الخطاب اللغوي في التواصل الشبكي عموما يغري الكاتب بكثرة الجماهير فيوقعه في وهم تأييد هذه الجماهير لآرائه. ما يجعله يرى سياق المقام مغايرا للواقع فيتحدث بما لا يناسب المخاطبين أحيانا. أو لا يدرك أثر المعلومات غير اللغوية في إعادة تشكيل خطابه ورده عليه.

&

&