راجح الخوري

لا معنى لخرافة الحديث عن وقف للنار قيل انه يمكن ان يبدأ غداً السبت، لا الطيران الروسي سيتوقف عن قصف من يسميهم ارهابيين منطلقاً من الإحداثيات التي يحددها النظام السوري الذي يعتبر كل معارض ارهابياً، ولا "داعش" و"النصرة" سيوقفان النار وإن التزمت المعارضة المعتدلة كما تعلن، أما النيران بين "وحدات حماية الشعب" الكردية وتركيا فلن تهدأ بالتأكيد، لهذا يبدو الحديث عن وقف النار مجرد تمنيات!

الخرافة الثانية التي تبعث على السخرية، تتجلى في تصريح جون كيري الذي قال ان واشنطن ستعلم خلال شهر أو شهرين، ما اذا كانت ستجري عملية انتقال سياسي في سوريا، فإن لم تحصل هذه العملية فإن هناك خيارات لخطة بديلة، في اشارة ضمنية الى خطط طوارئ غير محددة بعد، قيل انها يمكن ان تشمل العمل العسكري!

بالتأكيد هذا نفاق جديد يضعه كيري في التداول، فلقد تعودنا منذ ما قبل جريمة ضرب غوطتي دمشق بالسلاح الكيميائي الترهات الأميركية، التي من الواضح جداً انها اشعلت الضوء الأخضر أمام فلاديمير بوتين ليعربد عسكرياً منذ أيلول الماضي، فيقصف المعارضة والمدنيين وحتى المدارس والمستشفيات، وفي كل مرة يتحفنا كيري بابتساماته العريضة وهو يصافح سيرغي لافروف... وليرحم الله القتلى والمشردين.

يقول كيري: عندما التقيت الرئيس بوتين قلت له بشكل مباشر "جداً" [لاحظ كلمة جداً] انه يجب ان نعرف خلال شهر أو شهرين، ما اذا كانت العملية الانتقالية جدية، وانه من غير الممكن إنهاء الحرب في سوريا والاسد في السلطة. لكن الجواب عن هذا الكلام لم يأت من بوتين بل من الاسد شخصياً، عندما تجاوز كل إشارة تتصل بعملية الانتقال السياسي وأعلن ان الانتخابات النيابية السورية ستجرى كما هو مقرر في 13 نيسان المقبل.

الخرافة الثالثة ان كل ما يقوله كيري بات الآن عرضة لكثير من الشكوك المحقة، ليس انطلاقاً من مسار السياسة الاميركية المخادعة في سوريا منذ خمسة أعوام فحسب، بل من واقع ان الإدارة الاميركية تقترب أكثر فأكثر من مرحلة السبات الانتخابي، التي ستشل فاعلية أي قرار أو سياسة على الصعيد الخارجي، يمكن ان يكون لهما انعكاس على الادارة الجديدة، بل يعني انه إذا كان باراك أوباما بطة عرجاء في سوريا وغيرها منذ خمسة اعوام فقد بات الآن بطة منتوفة الريش والصدقية!

هناك شكوك عميقة في واشنطن وخارجها من إمكان نجاح وقف النار، وكذلك من رغبة روسيا في إلزام الاسد عملية انتقال سياسي من الطبيعي ان يعارضها الايرانيون بقوة، لأن الاسد بات مندوبهم الرئاسي في دمشق، وحديث كيري عن تسليح المعارضة السورية مجرد خرافة رابعة!