&&معركة كسر عظام بين معسكري السلطة في إيران.. وروحاني يلغي جولة خارجية

&علي ألفونيه - &عادل السالمي

تصاعدت حمى الصراع، في أركان النظام الإيراني، مما اضطر الرئيس حسن روحاني إلى إلغاء زياراته الخارجية للبقاء في طهران وحماية حليفه الرئيسي علي أكبر هاشمي رفسنجاني، الذي يواجه حربا ضارية من الحرس الثوري، ومن خلفهم المرشد الأعلى علي خامنئي.

وبدأت الانتقادات الأخيرة التي استهدفت رفسنجاني في أعقاب قيام قوات الحرس الثوري في 9 مارس (آذار) 2016، بتجربة الصواريخ الباليستية، والتي تضمنت صواريخ قادرة على حمل أسلحة نووية. وأوضح مصدر مطلع لـ«الشرق الأوسط»، أن انتقادات رفسنجاني، جاءت نتيجة «إداركه بوضوح أن تجارب الصواريخ الباليستية محاولة من الحرس الثوري لتخريب المساعي الدبلوماسية النووية التي يقوم بها الرئيس روحاني لتحسين العلاقات مع الولايات المتحدة»، وكان رفسنجاني انتقد التجارب ضمنيا في تغريدة على تويتر قال فيها: «المستقبل في الحوار وليس الصواريخ». وبدوره رد المرشد الأعلى علي خامنئي في خطاب ألقاه في 30 مارس (آذار): «الصواريخ وليس الحوار هي مفتاح إيران إلى المستقبل»، وفي إشارة إلى تغريدة رفسنجاني، اعتبر خامنئي قال التغريدة من دون أن يذكر اسم رفسنجاني إما «جاهل أو خائن».

ونوه المصدر المطلع إلى أن الحرس الثوري حصل على الضوء الأخضر من خامنئي الضغط على رفسنجاني بسبب قيادته شبكه دعم روحاني، مضيفا أن تلك الهجمات تهدف إلى تضعيف موقف الرئيس الإيراني. وقال المصدر (المقرب من حكومة طهران والذي طلب عدم الكشف عن اسمه) إن «تلك الأحداث كانت متوقعة، حيث كان خامنئي في حاجة إلى روحاني للتفاوض حول اتفاق نووي مع الولايات المتحدة وللتخلص من العقوبات الدولية التي كانت تهدد الأسس الاقتصادية للجمهورية الإسلامية. وبعد التوصل إلى اتفاقية نووية، لم يعد خامنئي في حاجة إلى روحاني. بيد أنه بدلا من مهاجمة الرئيس بصورة مباشرة، يستهدف خامنئي قائد الفصيل الذي ينتمي إليه روحاني وهو رفسنجاني. لذلك اختار الرئيس روحاني البقاء في طهران والدفاع عن حلفائه وإلغاء زياراته الخارجية».

وزادت التكهنات في وسائل إعلام إيرانية في الأيام الأخيرة حول مصير رفسنجاني في ظل الصراع المتزايد بينه وبين خامنئي، وترجح أوساط إيرانية أن يتجه الحرس الثوري إلى فرض الحصار على رفسنجاني على غرار زعماء الحركة الخضراء ميرحسين موسوي ومهدي كروبي. وفي 30 مارس، احتجت الولايات المتحدة وحلفاؤها الأوروبيون على تجربة الصواريخ الباليستية، قائلين إن العمليات الأخيرة «قادرة على حمل أسلحة نووية بطبيعتها» وإنها «تتحدى» و«لا تتسق مع» الاتفاقية الشاملة للبرنامج النووي الإيراني وكذلك قرار مجلس الأمن رقم 2231 الذي أقرها.

في غضون ذلك، تواصل النزاع بين مراكز صنع القرار الإيرانية حول البرنامج الصاروخي بعد خطاب المرشد الأعلى، علي خامنئي، الأربعاء الماضي، ضد جهات داخلية معارضة للبرنامج الصاروخي الإيراني. ووصف رئيس مركز «عمار» الاستراتيجي التابع للحرس الثوري، علي رضا بناهيان، رفسنجاني بـ«الساذج» وقال إن «من لا يرعوي» يجب ألا يدخل في الساحة السياسية. واعتبر بناهيان الذي يعتبر من المقربين لخامنئي: «السذاجة داء بلا دواء»، مشبها مواقف رفسنجاني بمواقف حسين علي منتظري نائب الخميني الذي عزل من منصبه بسبب تمرده على الخميني وفرضت عليه السلطات الإقامة الجبرية حتى مماته.

وقال بناهيان: «إن بعض السذج يقول بعض الأشياء وربما هم خونة، لا نصدر حكما بهذا الخصوص. واحدة من تصريحاتهم الساذجة أن عزتنا ليست من الصواريخ». وأضاف بناهيان أن بلاده تسير إلى «آخر الزمان» وأكد أنهم يتجهون إلى «حرب المهدي المنتظر مع الكفار». وأبدى ممثلو خامنئي أمس في خطب الجمعة تأييدهم التام لخطاب المرشد الأعلى، علي خامنئي وتأكيد على تطوير الصواريخ الإيرانية.

وفيما حذر خطيب جمعة طهران، آية الله كاظم صديقي من مخططات «الأعداء» للشباب الإيراني اعتبر أن الاتفاق النووي بديل طهران من فشلها في الاتفاق النووي.

وقدم صديقي في خطبة جمعة طهران، دلائل كثيرة تؤكد صحة التقارير حول الشرخ السياسي الكبير في دوائر صنع القرار واختلاف وجهات النظر بين خامنئي والحرس الثوري من جهة والحكومة الإيرانية من جهة ثانية حول إدارة البلد في مرحلة ما بعد تنفيذ الاتفاق النووي ورفع العقوبات وتطلع حكومة روحاني لخروج إيران من العزلة الدولية.

في هذا الصدد، عزف صديقي على أوتار خطاب خامنئي الأخير ووجه انتقادات شديدة اللحن على سياسة حكومة، وقال إن بعض المسؤولين يؤمنون بالعيش «تحت رحمة الكفار» ولا يأخذون «آيات القرآن» بعين الاعتبار حول القضايا الدفاعية للنظام، وفيما وصف المسؤولين بـ«الشياطين الصغيرة» في الداخل، متهما إياهم بالتنسيق مع «الشيطان الأكبر» في «تلقين الندم» بين الشعب الإيراني على قيامه بالثورة.

كذلك، شن صديقي هجوما ضمنيا على هاشمي رفسنجاني في إشارة إلى تغريدته حول الصواريخ والتي أثارت جدلا واسعا، وقال إن بعض التصريحات السياسية للمسؤولين «تشويش» للرأي العام. وأكد صديقي أن بلاده لا تقبل أي قيود على صعيد تطوير المعدات العسكرية، وأنها يجب أن تبلغ مستوى من الجاهزية لا تسمح لـ«أعداء» إيران التقابل معها ورأى مصدر قلق النظام الإيراني على أمنه القومي «تخلي الغربيين عن العهود وفقدانهم للإيمان».

وعلى صعيد السياسة الخارجية تهكم صديقي على حكومة روحاني بسبب دعواتها للانفتاح والتفاوض مع الدول الأخرى وقال إن النظام الإيراني لم يمانع إقامة علاقات مع أي بلد في العالم إلا إسرائيل منذ فترة الخميني، وفي مؤشر إلى رغبة النظام الإيراني في إقامة علاقات مع أميركا قال صديقي هذا، وتواجه حكومة روحاني منذ توصل إيران إلى اتفاق النووي ضغوطا سياسية متزايدة واتهامات بالتناغم مع المشروع الأميركي والغربي من أجل «التغلغل» في الداخل الإيراني. ومن جهة أخرى، أعرب خطيب جمعة طهران عن قلقه من الأوضاع الثقافية في المدارس والجامعات والمجتمع الإيراني، وخاصة توجه الشباب الإيراني في استخدام شبكات التواصل الاجتماعي، مطالبا بضرورة إعادة النظر في بنيتها «الثورية».

من جهته، أعلن رئيس اللجنة الخارجية في البرلمان الإيراني، علاء الدين بروجردي، دعم البرلمان الإيراني «التام» من سياسة إيران في تطوير الصواريخ الباليستية، كما أكد بروجردي استعداد البرلمان الموافقة على ميزانية مشاريع تطوير البرامج الصاروخية.

وفي وقت تم فيه تداول تقارير عن خلافات بين الحكومة برئاسة حسن روحاني والحرس الثوري عقب تجربة الصواريخ الباليستية منتصف مارس، شدد بروجردي على دعم البرلمان لـ«جهود» الحرس الثوري في تطوير البرنامج الصاروخي. وبحسب بروجردي فإن البرلمان يعتقد «بقوة» أن البرنامج الصاروخي «مصيري» للأمن القومي الإيراني.

وكان وزير الخارجية، محمد جواد ظريف، أول مسؤول في الحكومة سارع إلى التعليق في سياق خطاب خامنئي، وأكد أن التجارب الصاروخية لا تعارض الاتفاق النووي وقرار مجلس الأمن 2231.

إلى ذلك انتقد وزير الصحة الإيراني، حسن هاشمي، مواقف وسائل الإعلام الإيرانية، بعدما ألغى روحاني زيارته إلى النمسا، ووفق ما نقله موقع «انتخاب» الإيراني عن هاشمي فإن دلائل إلغاء الزيارة في آخر اللحظات خلافا لما أعلنته إيران عن الأوضاع الأمنية، وبحسب هاشمي فإنه حسب اطلاعه على موضوع إلغاء الزيارة فإن «روحاني اتخذ قرارا شجاعا من موقف العزة والحكمة والمصلحة». وتابع هاشمي بأنه لا يهم ما تناقلته وسائل الإعلام الأجنبية و«المعادية للثورة» عن إلغاء زيارة روحاني، لكنه طالب وسائل الإعلام الداخلية بأن «لا تسير على نهج وسائل الإعلام الأجنبية».

&

&

&

&