&شملان يوسف العيسى

صدر بيان بعد اجتماع الـ25 لوزراء خارجية دول التعاون والاتحاد الأوروبي اتفق فيه الطرفان على تعزيز سبل محاربة «داعش». نرحب بمثل هذه المبادرة المهمة، لكن لدينا بعض التساؤلات حول طبيعة مثل هذا التعاون أهمها: هل المقصود بالتعاون هو استمرار التعاون في مجال المعلومات الاستخباراتية والأمنية، وهذا أمر موجود منذ فترة طويلة وزادت كثافته في السنوات الأخيرة.. الأمر الأهم كيف يمكن محاربة الفكر الذي خلق «داعش»؟ الحقيقة التي يعرفها الجميع أن معظم الإرهابيين في أوروبا هم من العرب والمسلمين من المهاجرين إلى أوروبا. ومشكلة الدول الأوروبية اليوم هي محاولة فهم لماذا تطرف أبناء المهاجرين من المسلمين والعرب؟ هل السبب يعود إلى عزلة وانغلاق هؤلاء المهاجرين على أنفسهم وعدم انصهارهم في المجتمع الأوروبي أم السبب يعود إلى وجود رجال دين متطرفين في مساجد أوروبا أو هنالك أسباب اجتماعية واقتصادية وسياسية أو نفسية؟

الأرجح بأن هنالك عدة عوامل يمكن دراستها من جميع النواحي الدينية والاجتماعية والنفسية وغيرها، وهذا هو الأسلوب العقلاني - الرشيد لمعرفة الأسباب بعيداً عن العواطف ولوم الآخرين وطرح أنصاف الحلول المستعجلة.

لكن ماذا عن الجانب الخليجي؟.. هل نملك رؤية خليجية موحدة تجاه الإرهاب بشكل عام وفي بلداننا بشكل خاص، وهل نملك رؤية تبين لنا أسباب التطرف والمغالاة في الدين التي أدت إلى الإرهاب الديني؟

الذي نعرفه أن دول الخليج متفقة حول التعاون الأمني لمحاربة «داعش» أو غيرها ما دامت هذه التنظيمات الإسلامية تهدد بقاء دولنا.

لقد اكتشفنا مؤخراً أن الجانب الأمني لم يحقق المراد منه، ولم يقض على هذه الظاهرة الخطيرة.. بل تفاقمت الأمور في بعض دولنا حتى وصل الأمر بقيام الإرهابيين بقتل إخوتهم وأمهاتهم وآبائهم لأنهم كفرة وغير ملتزمين بالدين.

علينا اليوم أن نعترف بأننا فشلنا في معالجة مشكلة الإرهاب؟ وهذا يتطلب نقد الذات والكف عن لوم الآخرين (بالالتزام بنظرية المؤامرة). والسؤال الآن: هل عالجنا بموضوعية وحياد أسباب المغالاة في الدين وتكفير الآخرين وكراهيتهم؟ ولماذا نعادي الآخر الذي يختلف عنا فكرياً أو دينياً أو مذهبياً أو حتى قبلياً وعائلياً؟

هل أقدمت حكومتنا على مراجعة الفكر الذي يروج للتطرف في مناهجنا التعليمية أو خطب المساجد لشيوخنا أو برامجنا الإعلامية الرسمية وغير الرسمية؟ هل عززنا مفاهيم التسامح وحب الآخر ونشر السلام والإخاء واحترام حقوق الإنسان وكلها موجودة في صلب ديننا الحنيف؟

نحن متأكدون أن الأوروبيين سيطرحون علينا أسئلة حول تمويل الجماعات الإسلامية في بلدانهم؟ وكيف وصل دعاة الدين المتطرفين لبلدانهم؟ وهل لدينا أجهزة تلاحق من يروج أو يمول الإرهابيين بين شعوبنا.. بمعنى آخر لم تعد ظاهرة الإرهاب قضية أمنية، بل هي قضية حضارية وثقافية تتطلب تغييراً جذرياً لأفكارنا وطرق تفكيرنا.