مشاري الزايدي

صدم كثير بعد وفاة العالم المصري «النوبلي» الدكتور أحمد زويل، من جرأة دعاة التطرف، بتكفيره، والتباهي بذلك، علنا.

ما جريمة زويل؟ أليس هو الوجه المنير للمصريين، ومن خلفهم العرب والمسلمون، لكونه ساهم بعلمه وأبحاثه في خدمة التقدم الإنساني، وتطوير مسيرة العلم في مجال الكيمياء؟

لكن حصل ذلك فعلاً، وتصدى رمز من رموز الشر الإرهابي، المصري الإخواني وجدي غنيم، المقيم بتركيا، لذلك، بل وصرخ محتًجا على رفاقه المصريين الإعلاميين المقيمين مثله بتركيا، لأنهم ترحموا على زويل، رغم نقدهم الحاد لزويل، لكن مجرد الترحم، كان إثًما من عمل الشيطان عند هذا الشخص.

من هنا تبدأ المشكلة، ومن هنا يجب أن تحسم، وليس من مسدس القاتل، أو خنجره الذي يغرسه في عنق ذلك
المثقف أو العالم أو السياسي أو رجل الأمن القاتل أداة عمياء، جاهل غالًبا، كما تبين مع قتلة الكاتب المصري فرج فودة، أو طاعن النوبلي الآخر، نجيب محفوظ.

غير أن المفتي والمحرض والمنّظر، مثل غنيم، هم الجناة في عمق الإدانة الحقيقية. لاحظ الأستاذ عبد الرحمن الراشد في مقالته عن مأساة الفتاة الإيزيدية «الشجاعة» نادية مراد، ملاحظة منبهة، حين قال: «ما قاله داعية متطرف، وجدي غنيم، قبل أيام عن تكفير العالم المصري الراحل أحمد زويل، الفائز بنوبل للكيمياء، جريمة جديدة ترتكب في العلن، ولا أحد يفعل شيئا. وغنيم يستشهد بعالم متطرف مثله، ناصر الفهد. الفارق بين الاثنين أن الثاني معتقل في السعودية، والأول طليق يتكلم بما يشاء بلا محاسبة، يحرض المشاهدين على التلفزيون، ويملك حسابات على وسائل التواصل ومواقع إلكترونية، ومثله كثير».

بمناسبة ذكر منّظر «القاعدة» ومفتيها في السعودية، ناصر الفهد، حبيس السجن الآن بحكم، والذي ما زال يعلن ولاءه لـ«القاعدة» ثم «داعش»، يجب التذكير بما جناه المجتمع السعودي، من بيانات وفتاوى هؤلاء المروجين للكراهية والفتنة والتحريضوبث الشر، و«التأصيل» له من خلال قراءة سوداء انتقائية عليلة للتراث.

لقد كانت أسماء مثل: الراحل حمود العقلا، أو عبد الرحمن البراك، أو سليمان العلوان، أو ناصر الفهد، نماذج لنجوم الفتاوى التكفيرية، ومناصرة الغلاة وحملة الكره والفتن في المجتمع السعودي.

تلقى كثير من المثقفين سهام تكفيرهم، وظن بعض المتوهمين أن سلاح التكفير لن ينالهم، وأن ما يجري هو مجرد «خناقة» بين تيارات، لكن تبين لاحًقا أن التكفير الذي يسبق القتل والتفجير، هو سيف مشهور على الكل.

التكفير والتهييج والتحريض ليس وجهة نظر، بل مشاركة فعلية في الجريمة.