&مطلق بن سعود المطيري&

مجلس التعاون الخليجي قبل أن يكون منظومة سياسية تجمع دوله الست حول أهداف سياسية واحدة ، فهو في الاصل كيان اجتماعي وثقافي متناغم بأهدافه وتطلعاته وأحلامه، يجمعه قبل العروبة الإسلام، فالدين في الخليج هوية شاملة وليس جزءا من الهوية، فالإسلام المتسامح والوسطي هويته، فالتزامه الديني هو الذي يحدد خياراته المستقبلية، الا ان هذا الخيار اصبح معضلة ضخمة تعرض علاقته بالخارج لهزات قد تعطل تواصله الثقافي مع غيره، فالتحديات الكبيرة التي تواجه الشعب الخليجي اليوم في أساسها تحديات تدور حول الهوية ووظيفتها الحضارية في العالم، فمع كل قضية تثار بسبب عمل غير قانوني لإنسان مسلم في الغرب سواء كان مواطنا أو عابرا ، الا سمعنا عن روايات بتمويل خليجي لهذا العمل أو ان مرتكبه كان في يوم زائرا للخليج أو ان معتقداته تشبه عقيدة أهل الخليج !!

&عمل مجلس التعاون الخليجي الثقافي في الخارج مازال أقل من التوقعات والتطلعات، ولم يكن بمستوى التحديات الحضارية التي تجري كالسيل من تحت الأرض ومن فوقها، ويعود هذا الضعف بالأساس إلى ان مجلس التعاون حصر علاقاته وتحدياته مع الغرب بالجانب السياسي، فان استقام استقامت معه العلاقات وإن اهتز اهتزت معه وارتبكت، فهذا ما يجعل السياسي في الخليج تحت ضغط صانع القرار السياسي والإعلامي ومنظمات حقوق الإنسان والتجمعات الدينية والعرقية في الغرب، فالسياسي الخليجي يريد ان يرد على كل اتهامات هؤلاء ان أثيرت بالسياسة، وهذا شيء لا يخدمه سياسيا ولا يفند الادعاءات، فمنظومة مثل مجلس التعاون تحتاج الى منظومة ثقافية نشطة ودائمة تعمل في الغرب، منظومة تستند وتسترشد بهويتها الإسلامية الوسطية، تعمل على خلق المبادرات الثقافية ولا تنتظر الهجوم المضاد لكي تتحرك، المراكز الإسلامية في الغرب اليوم اما متهمة بدعم الإرهاب أو تعمل لخدمة طائفة ضد طائفة، او تحولت الى منشأة اقتصادية تصب أرباحها في جيوب نفر قليل لا همّ لهم بالإسلام وصورته ورسالته..

&الغرب ونحن نشترك بمهمات خطيرة وعظيمة تهدف الى محاربة الإرهاب عسكريا واستخباراتيا وأمنيا، وقد أثبت مجلس التعاون انه بمستوى المسؤولية في أداء هذه المهمات التي تهدف لتخليص البشرية من هذا الشر المستطير، فماذا لو طلبنا من الغرب ان يتعاون معنا في نصرة قضايا الإسلام العادلة والإنسانية في داخله، فكما نحن شركاء في محاربة الإرهاب، نريد ايضا ان نكون شركاء في القضاء على التعصب ضد الإسلام ، فقد اثبتت الحقائق ان وتيرة التعصب ضد ثقافتنا الدينية في ازدياد، فعدالة الغرب وإنسانيته مازالت عاجزة عن إنصاف المسلمين المعتدلين، ففي بريطانيا كما نشرت bbc ان المرأة المسلمة الأكثر حرماناً من العمل بسبب ديانتها، وكذلك حرق المصاحف والهجوم الإعلامي الممنهج على الحضارة الإسلامية مازال مستمرا، ولعل مبادرة خليجية ثقافية تهدف لتقديم صورة الإسلام المعتدل في الغرب تعد عملا مطلوبا خاصة في هذا التوقيت الذي حرصت به بعض القوى المعادية للخليج على إبعاده من الاهتمام بقضايا الإسلام بالغرب حتى لا يتحمل الأذى والإهانة وربما العقوبة، والنتيجة أن الخليج أصبح متهماً رغم غيابه، فمازال في الأمر فسحة للتحرك الثقافي الخليجي في الغرب كمنظومة واحدة وليس كعمل فردي ينافس به الشقيق الشقيق الآخر والنتيجة تكون مكسباً سهلاً يحصل عليه الخصوم.