&حسين شبكشي&&

في يوم من الأيام الماضية، وهو يبدو اليوم وكأنه من تاريخ بعيد قديم، هاج وماج العالم العربي عندما أقدم جيش الاحتلال الإسرائيلي بقتل الطفل الفلسطيني محمد الدرة وهو يحتمي في أحضان والده.. قتل بدم بارد ورصاص غادر، وتحول محمد الدرة إلى رمز وأيقونة كفاح ومقاومة الشعب الفلسطيني العظيم تحت الاحتلال الإسرائيلي المجرم. وتفاعلت معه الجماهير وبصورة عاطفية ولمدة غير بسيطة أبدًا.

ومع بداية الثورة السورية على نظام بشار الأسد المجرم حصل فصل عجيب في رمزيته وسبحان الله، وكأن نظام الطاغية إسرائيل ونظام الأسد يصران على تقليد بعضهما البعض سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، فقام نظام الأسد باغتيال الطفل الصغير حمزة الخطيب والتمثيل بجثته بأسوأ الأشكال بعد أن حرقها وقام بقطع عضوه الذكري واقتلاع أظافره ليصبح أيقونة الثورة السورية في أول أيامها، وكأن نظام الأسد بينه وبين أطفال شعبه ثأر شخصي معهم، كيف لا وأطفال درعا الذين قاموا بكتابات على جدران مدينتهم يطالبون بالحرية كانوا أول من عوقبوا، ومن هناك انطلقت مواكب الخلاص من الطاغية.

وكما حرص حافظ الأسد على التخلص من كل من يعرف خبايا ماضيه «القذر والمريب» حتى تصبح سوريا بلا ذاكرة لماضيها، حرص ابنه صاحب الجينات الخبيثة نفسها للتخلص من أطفال بلاده حتى تصبح سوريا بلا مستقبل إلا بحسب ما يراه هو وزبانيته، فبدأ مسلسل الانتقام الممنهج من أطفال سوريا بقتلهم وتشريدهم بشكل عشوائي، فرأينا ذبحهم الهمجي في مدينة الحولة، وقتلهم بالسلاح الكيماوي الفتاك في أكثر من مدينة حتى باتت مناظر الأطفال كجثث متفحمة ومنتفخة أشبه بالمنظر العادي المألوف، حتى كانت حادثة غرق الطفل إيلان على أحد الشواطئ بعدما فشل والده في إنقاذه خلال محاولة الهروب من جحيم الأسد إلى أي مكان في أوروبا. تحول إيلان إلى رمز جديد للهروب والخلاص من طغيان نظام الأسد.

اليوم يتناول العالم بأسره صورة طفل جديد من ضحايا نظام الأسد.. طفل أخرجوه من تحت ركام أحد المباني المحطمة في حلب نتاج القصف الممنهج بصواريخ طائرات نظام الأسد وروسيا.. خرج مذهولا لا يجرؤ على الكلام من الصدمة فآثر السكوت كالمخدَر، لأنه متأكد أن كل صرخات النجدة والاستنكار والاحتجاج والوعيد وشعارات «أين العرب؟ أين المسلمون؟ لن نسكت!! لن نسامح!!» تحولت إلى ما هو أشبه بالنكتة السخيفة، لأنه أدرك أن الصراخ لن يأتي بنتيجة ولن يوقف القتل والغارات، ففضل الصمت ومشاهدة ما يحدث.

استهداف أطفال سوريا من قبل نظام بشار الأسد ليس من باب الصدفة أبدا، بل هو استهداف ممنهج ولا صدفة فيه.. هو جزء من خطة تفريغ سوريا من رموز مستقبلها. المؤامرة على سوريا مستمرة، ورمزية القضاء على أطفالها هي أبشع صور هذه المؤامرة.

حقًا لا يوجد أحقر من نظام بشار الأسد إلا من يؤيده ويسانده.

&