فايز الشهري

كنت أتجول في معرض أحياء بحرية في مدينة خليجية، وأحاور مرافقي عن عظمة الخالق ونحن نتأمل سمكة ذات خلق وحركة عجيبة.. وفجأة تنبهت وإذا بفتاة عشرينية إلى جواري تتلفت إلي وتقول: وما الإعجاز في ذلك؟ هذا تطور طبيعي في أطوار حياة السمكة.. كانت لهجتها المستفزة وملابسها المثيرة والأصباغ الكثيرة على وجهها وشعرها مثار دهشتي فقلت لها: لكل منا مرجعيته في تفسير ما يراه، فردت بسرعة: الدين يعطل العقل وأنتم مخدرون.. فقلت لها وقد استرعى انتباهي وضوح لهجتها السعودية معذرة بماذا تصنفين نفسك فقالت: أنا ملحدة، ثم قالت كلمات في قمة السوء والبذاءة عن الدين والمجتمع وانصرفت بسرعة.. حاول رفيقي اللحاق بها فقلت له: دعها فقد قال الله عز وجل عنها وعن أمثالها: (إن الذين ارتدوا على أدبارهم من بعد ما تبين لهم الهدى الشيطان سول لهم وأملى لهم).

لأول مرة ألتقي فتاة بهذه الصورة مع أني التقيت ملحدين، وكتبت كثيرا عما رأيته من حالات. وألفت النظر اليوم إلى تلك الحسابات الإلكترونية والأسماء الإلحادية (التي تزعم أنها سعودية)، وربما تكون كذلك التي تستهدف الـتأثير في الشباب واستفزاز السعوديين باستثارة غيرتهم على جناب الله عز وجل. في قصة الإلحاد جوانب تستحق التأمل تأكدت مع تكرر قصص بعض الشباب والفتيات اللائي اخترن إعلان "الإلحاد" في عواصم غربية لأسباب شتى. أعرف أن بعضهم يعلنون ذلك كوسيلة سريعة للحصول على اللجوء والإقامة، ولكن ما أبخس البضاعة وما أعظم الثمن.. والمحزن أن بعض الفتيات -تحديدا- يتوقعن أن الحياة في الدول الغربية وردية زاهية، مثل فيلم رومانسي يصور على الشواطئ والغابات، وأخريات يتوقعن أن يسكن القصور والفيلات المحوطة بالحدائق.

هؤلاء الجانحون أبناؤنا، وسيعود أكثرهم نادمين، ولا بد من بحث الأسباب، ففي حالات ربما كان للدور الأسري أثر سلبي جراء العنف والتطرف في التربية، وأحيانا الانفلات والفوضى داخل البيت.. إحداهن أعلنت إلحادها وهي تشتم كل مقدس، وقيمة اجتماعية، ثم عرفت ممن يعرف سيرتها أنها عاشت أوضاعا أسرية مأساوية من التهتك الأخلاقي، والانحراف، فكانت ردة فعلها بذات المستوى والنتيجة.. وتأسيسا على ذلك ينبغي على الغيورين، بحث الأسباب وعدم الرد بالشتائم والقذف، فليست مشكلة الإسلام في أن يكثر الملحدون، بقدر فداحة مشكلة الملحدين الذين لم يبذلوا جهدهم في معرفة حقيقة الكون وخالقه ومصيره.

قال ومضى:

السؤال الحاد إلى أين يأخذك الإلحاد؟