زياد الدريس

أصبح دونالد ترامب رئيساً للولايات المتحدة الأميركية، رغم كل الاعتراضات على كفاءته والتشكيكات في نتائج التصويت والإشاعات بأنه لن يُمكّن من الحكم. وأن مفاجأة اللحظة الأخيرة ستكون تاريخية، لكن لم تحدث مفاجأة أخرى غير مفاجأة فوزه بالرئاسة!

الديموقراطية التي يعتقد البعض أنها أساءت بفتح الطريق لوصول ترامب إلى السلطة، هي الديموقراطية التي أحسنت في ضبط الانتقال السلمي للسلطة حتى وهي تنتقل إلى ترامب.

هل ترامب هو الرئيس الوحيد الذي يلقى سخرية وانتقاصاً من كفاءته للحكم؟!

جورج بوش الابن نال من مثل ذلك النقد الشيء الكثير، لكنه لم يكن مستفزاً ومحفزاً للمزيد من النقد والتلاسن مع وسائل الإعلام الأميركية خصوصاً، كما يفعل ترامب.

خارج أميركا، كان رئيس الحكومة الإيطالية الأسبق برلوسكوني مثار جدل دائم داخل إيطاليا وخارجها. الرئيس الفرنسي الراهن هولاند لم يستطع كسب رضا وقناعة الشعب الفرنسي يوماً ما، منذ انتخابه ليس لأجله ولكن للتخلص من المنافس ساركوزي، حتى اليوم حين اضطر (بيده لا بيد عمرو) الإعلان عن عدم نيته الترشح لفترة رئاسية ثانية في انتخابات هذا العام.

نظام التصويت الديموقراطي لا يضمن فوز الأكفأ، لكنه يضمن كفاءة تمكين الفائز.

سيقودنا هذا إلى سؤال:

أيهما أهمّ لاستقرار الدولة ونمائها، كفاءة الزعيم أم كفاءة النظام؟!

أي كأنك ستحتاج إلى زعيم قوي عندما يكون نظامك ضعيفاً، لكنك ستتغلب على مشكلة ضعف الزعيم لو كان نظامك قوياً.

هذه المعادلة ستأخذنا إلى سؤال آخر أكثر تعقيداً:

أيهما أسهل لصيانة الدولة وتقويتها: محاولة انتخاب زعيم قوي ومتمكن في كل جولة انتخابية، أم بناء نظام قوي ومكين يضمن ديمومة الاستقرار أياً يكن الزعيم؟!

لذا فإن الدول التي أخذت من الديموقراطية طريقة تصويتها فقط، من دون أن تبني الأرضية الكافية لحماية البلد من مفاجآت التصويت، وقعت في مآزق تشويهية ناتجة من خديعة القشرة الديموقراطية.

الديموقراطية ليست فقط ما نبسّطها في آلية اختيار الحاكم، ولكن في آليات كثيرة وعميقة تبقى فاعلة ومفعّلة قبل اختيار الحاكم وبعد اختياره.

حين نقول: ديموقراطية ناقصة، هل يعني هذا وجود ديموقراطية مثالية تامة؟!

بل هل يوجد نظام حكم، جربته البشرية، وكان مثالياً تاماً؟

هذا هو السؤال الذي يسهل طرحه، لكن تصعب الإجابة عنه!