مشاري الذايدي

هناك حركة مؤخًرا لترميم المتهدم، وجبر المنكسر من العلاقات بين السعودية ودول الخليج، أو جلّها، للدقة، مع الجمهورية الإيرانية الإسلامية.

من مظاهر هذه الحركة زيارة وزير الخارجية الكويتي الشيخ صباح الخالد، مؤخًرا، طهران، واجتماعه برئيس الجمهورية روحاني ووزير الخارجية ظريف، قيل إن المسؤول الكويتي يحمل رسالة خليجية جماعية تقول لإيران، ما خلاصته، توقفوا عن التدخل في الأمن الخليجي الداخلي، وفي اليمن، يعني الجزيرة العربية، وأيًضا العراق وسوريا بدرجة أخرى، لـ«تصليح» العلاقات.

الحق أن هناك مصالح «واقعية» مشتركة بين الإيرانيين والخليجيين، وفي مقدمتهم السعودية، لو تم التخلي عن هوس الآيديولوجيا، مثلاً لديك الملف النفطي، والتنسيق فيه لمصلحة إيران وجيرانها العرب، والتعاون السياحي وتحويل إيران لمزار سياحي عربي، ناهيك عن زيادة القوة للصوت المسلم العالمي، كما أن دول الخليج، من خلال مصداقيتها الدبلوماسية، تستطيع مساعدة إيران لتجاوز الكثير من مشكلاتها.

الأهم من ذلك كله، حالًيا، هو تضافر الجهود الخليجية مع إيران لمحاربة «داعش» وكل التنظيمات الإرهابية. غير أن كل ذلك أضغاث أحلام، لأن «جوهر» النظام الخميني قائم على استبطان الفكر الثوري بحجة التفويض الإلهي، ونصرة «المستضعفين» في الأرض، وهي العناوين التي تحتها يباح تكوين العصابات بديار العرب.

إحراق السفارة السعودية في إيران، بتغطية من الحرس الخميني، كانت القشة التي قصمت ظهر البعير، بعدها قطعت السعودية علاقاتها مع إيران، وهي العلاقات التي لم تقطع في كل المحطات الصعبة منذ قيام الحكم الخميني عام 1979.

في مؤتمره الصحافي الأخير مع نظيره الفرنسي، قال وزير الخارجية السعودي عادل الجبير: «المشكلات بدأت عندما تبّنت إيران سياسة داعمة للإرهاب (...) المملكة لم تقم يوًما بعمل عدائي ضد إيران».

في الأثناء نشر موقع «جماران» الناطق بالفارسية، مقابلة مع غلام علي رجائي، مستشار رئيس مجلس تشخيص مصلحة النظام الإيراني السابق، الراحل، أكبر هاشمي رفسنجاني، واتهامه الرئيس الإيراني السابق محمود أحمدي نجاد، بعرقلة ما تم الاتفاق حوله مع السعودية. وحسب رجائي، فقد أكد رفسنجاني، وهو يحكي عن فترة رئاسته للجمهورية: «لقد عدت من السعودية بيد مليئة، لكن أحمدي نجاد تخّلى عن الاتفاقات كافة».

الواقع يقول إن السعودية حرصت دوًما على البحث عن أصدقاء داخل النظام الخميني، ومثال رفسنجاني وتلميذه خاتمي خير مثال، لكن التحية لم ترّد بمثلها، ودوًما كانت هذه الفترات الهادئة، تتخذ فرصة للانقضاض مجدًدا.

المسألة كلها، مسألة ثقة مفقودة، كيف تستعاد؟ هذا هو السؤال الكبير للجمهورية الإيرانية إن كانت تريد الجيرة الحسنة مع الخليج العربي.