سركيس نعوم

يرى قريبون من عين التينة أن تنشيط ذاكرة اللبنانيين ولا سيما السياسيين منهم ضرورية في كل ما يتعلّق بالانتخابات النيابية. ويبدأون ذلك بالسؤال: "لماذا ذهبنا الى الدوحة عاصمة قطر بعد تعذّر انتخاب خلف للرئيس المنتهية ولايته اميل لحود أشهراً عدة؟". 

ويجيبون: "طبعاً لم نذهب للتفاهم على انتخاب قائد الجيش في حينه العماد ميشال سليمان رئيساً للجمهورية. إذ أن التفاهم بين الأطراف اللبنانيين الفاعلين والجهات الاقليمية التي تدعمهم على ترئيسه كان حاصلاً ونهائياً. ذهبنا الى الدوحة بعد الإخفاق في حل مشكلتين. أو معضلتين أولاهما الثلث الضامن في رأي البعض والمُعطّل في رأي البعض الآخر داخل الحكومة الأولى التي ستؤلف بعد بدء سليمان ولايته الرئاسية. وثانيتهما قانون الانتخاب". ويضيفون: "في الاجتماعات الأولية لم يتحقق التقدم المطلوب فغادر الأمين العام لجامعة الدول العربية المشارك فيها عمرو موسى قطر. وتدخّل رئيسها في حينه الأمير حمد بن خليفة آل ثاني وتباحث مع الرئيس بري. فتقرر على الاثر تأليف لجنة من الحاضرين في الدوحة كان من ضمن أعضائها علي حسن خليل ومحمد فنيش. 
وبدأت العمل حوالي الثالثة بعد الظهر وانتهت حوالي الثالثة من فجر اليوم التالي، وتم الاتفاق فطلب الأمير عودة موسى. ومرّ كل شيء على خير".

ينطلق القريبون من عين التينة أنفسهم من ذلك ليشيروا الى "أن السلّة التي اقترحها بري قبل الانتخابات الرئاسية والتي تضمنت الاتفاق على رئيس للجمهورية وعلى تشكُّل الحكومة (المقصود بذلك ليس تأليفها وإنما الاتفاق على عددها وصيغتها وما الى ذلك)، وعلى قانون الانتخاب، ليشيروا الى أن الهدف منها كان عدم ملء الفراغ الرئاسي ثم الوقوع في مشكلة الحكومة ولاحقاً في مشكلة القانون المذكور. لكن أطرافاً عديدين فهموا الاقتراح على غير حقيقته أو تعمّدوا عدم فهمه وراحوا يشككون في دوافعه. وكان أحدها التهيئة العملية لـ"مؤتمر تأسيسي" يُتّهم الشيعة دائماً بأنهم يعملون لجعله حقيقة واقعة".

وينتقل هؤلاء من تلك المرحلة الى مرحلة مؤتمر الحوار الوطني الذي عقد جلسات عدة في مجلس النواب برئاسة بري، وتحديداً عندما بدأ البحث الجدي في قانون الانتخاب، فيقولون أن رئيس المجلس كرّر أمام المتحاورين اقتراحاته لهذا القانون، وكان بحث فيها في روما مع البطريرك الماروني بشارة الراعي قبل ذلك. 

ومما قال: "تنص المادة 22 من الدستور على الآتي: "مع انتخاب أول مجلس نواب على اساس وطني لا طائفي يُستحدث مجلس للشيوخ تتمثل فيه جميع العائلات الروحية وتنحصر صلاحياته في القضايا المصيرية". ومجلس النواب يمتلك صلاحية تفسير الدستور. 

وأنا أعرف أن "مع" الواردة في بداية نص المادة المذكورة تعني المعية. أي أن انتخاب مجلس الشيوخ يمكن أن يحصل في وقت واحد مع انتخاب مجلس النواب وليس بعده كما يعتقد كثيرون. لذلك كله أقترح انتخاب مجلس نواب من دون قيد طائفي يكون نصف عدده من المسلمين، والنصف الآخر للمسيحيين من دون أي ذكر للمذاهب. وأقترح أن يكون لبنان دائرة واحدة، واذا تعذّر ذلك فيمكن اعتماد خمس دوائر. 

كما أقترح أن تكون الانتخابات على أساس النسبية الكاملة. في الوقت نفسه يُنتخب مجلس شيوخ (ثلاثة لكل طائفة أو مذهب) بعد تحديد صلاحياته بالقضايا المصيرية استناداً الى الدستور، وباختصاصات أربعة مهمة. أولها السهر الدائم على احترام مقدمة الدستور اللبناني التي تحتوي على عشرة بنود. 

وثانيها العلاقات مع الخارج. وثالثها الأحوال الشخصية. ورابعها التقسيمات الادارية. طبعاً تؤخذ من مجلس النواب صلاحيات، وذلك ليس مصيبة لأن في مجلس الشيوخ ممثلين لكل الطوائف لكن تبقى له صلاحيات أساسية منها الموازنة والتشريع والمحاسبة، وبذلك يرضى الجميع. أما انتخاب أعضاء مجلس الشيوخ فيتم وفقاً لما يتضمنه مشروع قانون اللقاء الارثوذكسي. أي ينتخب أبناء الطوائف ممثليهم وعلى أساس النسبية وفي لبنان دائرة واحدة. وباقتراح كهذا يرضى الجميع وفي مقدمهم الدروز ليس لأنهم يطمحون ربما الى رئاسته، ولكن لأنهم وغيرهم سيكونون موجودين في السلطة التشريعية بشقيها وقادرين على الدفاع عن حقوقهم ومصالحهم كما الآخرين.

ماذا كان رد فعل المتحاورين على اقتراح بري؟ يجيب القريبون أنفسهم من عين التينة بالإشارة الى موقف سيد بكركي من الاقتراح فيقولون "أنه وافق عليه في روما ثم عاد عن موافقته بعد عودته الى بيروت".
ماذا عن الآخرين؟